مفهوم المقاربة

المؤلف : بوتومور

الكتاب : الصفوة و المجتمع: دراسة في علم الاجتماع السياسي

ترجمة : محمد الجوهري و آخرون

الناشر : دار المعرفة الجامعية، 1988

عدد الصفحات :177

يكاد يكون من المتفق عليه أن علم الاجتماع السياسي قد ظهر إلى حيز الوجود في اللحظة التي تمت فيها التفرقة بين الواقع السياسي والواقع الاجتماعي، ولا شك أن الجدل الذي ثار خلال أربعينيات القرن التاسع عشر قد أسهم - بشكل مباشر، أو غير مباشر - في إبراز بعض جوانب علم الاجتماع السياسي بمعناه الحديث .

 فخلال هذه الفترة قدم كارل ماركس نقده الشهير الفلسفة القانون عند هيجل، وخلالها أيضاً تناول شتاين Stocin الحركات الاجتماعية في القرن التاسع عشر. والمؤكد أن مصطلح « المجتمع، كان - وقتئذ - مصطلحاً حديثاً جداً قصد به الإشارة إلى العلاقات الاجتماعية المتبادلة. وكنتيجة لذلك مال بعض الكتاب إلى تحليل الظواهر السياسية في ضوء البناء الاجتماعي، بحيث أصبح الواقع السياسي تابعة للواقع الاجتماعي .

وبتطور الدراسات الاجتماعية ظهرت مفاهيم ومصطلحات جديدة و كالبناء الاجتماعي، و النسق الاجتماعي، و الجماعة السياسية ، كما تبلورت مفاهيم للبحث تلائم قدر الإمكان دراسة الواقع الاجتماعي – السياسي الجديد . 

وبإستطاعتنا التمييز بين اتجاهين نظريين أساسيين يعبران بصفة عامة عن مسار البحث في علم الاجتماع السياسي .

 الاتجاه الأول تعبر عنه الدراسات التاريخية المقارنة التي حاولت الكشف عن الخصائص العامة للأنساق السياسية - الاجتماعية والتغيرات المختلفة التي تطرأ عليها . أما الاتجاه الثاني فتمثله الدراسات التي تنطلق من النمكر الماركسي المحدث ، تلك الدراسات التي رفضت المقولات الوظيفية التي نبنتها دراسات الاتجاه الأول . 

وقد نمت هذه الدراسات بفضل اسهامكات جرامسكي Gramsci.

وأيا كانت الفروق الدقيقة بين هذين الاتجاهين، فإن الفكر السياسي بوجه عام قد حاول خلال القرن التاسع عشر والنصفق الأول من القرن العشرين الكشف عن بناء القوة في البلدان التس شهدت ثورات صناعية وبرجوازية. ومن أجل ذلك نجده يطرح تساؤلات اساسية تتعلق بطبيعة الحكم وأهدافه ولا شك أن الماركسية قد قدمت في هذا المجال أدق وأشمل إجابة على هذه التساؤلات.

فهي تنطلف من قضية اساسية هي أن علاقات الانتاج تمكثل الأساس الضروري لفهكم كل الحوانب السياسية في المجتمع.

وقد أحدثت الماركسية رد فعل عنيف في الفكر السياسي خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وبدا ذلك واضحا في ظهور نظريان عذديدة تبرز نظم الحكم القائمة وتسعى إلى الدفاع عنها عن طريق التسليم بأن كل مجتمع يشتمل على فئتين أساسيتين:

فئة حاكمة قليلة العدد.

وفئة محكومة كثيرة العدد . وبمقتضة ذلك تتولى الفئة الأولى مقاليد القوة في المجتمع بحثيث تصبح صاحبة السلة الأساسية في إصدار القرارات الأساسيىة في المجتمعلا بينها تنحصر متخمة الفئة المحكومة في طاعة الفئة الحاكمة وتنفيذ قرارتها . ومن الواضح الهدف الأساسي لهذه النظريات (والتي اتفق على تسميها بنظريات الصفوة ) يتمثل في الدفاع عن وجود صفوة حاكمة تكتسب شرعيها وأحقيها لأنها تمثل في نهاية الأمر نتاجا لطبيعة بناء القوة في أي مجتمع .  

تعديل المقال