أخر الاخبار

لمحة تاريخية عن تطور سياسة الاتحاد الاوربي بشان الهجرة النازحة

لمحة تاريخية عن تطور سياسة الاتحاد الاوربي بشان الهجرة النازحة

لمحة تاريخية عن تطور سياسة الاتحاد الاوربي بشان الهجرة النازحة

اتفاقية روما

لم تتطرق اتفاقية الجماعة الاقتصادية الاوربية، التي تم توقيعها في روما 25 مارس 1957 ودخلت حيز التنفيذ في 14 يناير 1958، الى مسألة الهجرة. بل تركتها لتقدير الدول الاعضاء . ومن بين المبادئ الاساسية لاتفاقية روما: بناء "سوق مشترك" يضمن فيه ازالة العقبات لحرية تنقل السلع والاشخاص والخدمات وراس المال . غير أن حرية تنقل الاشخاص غير المنتمين للاتحاد الاوربي واستقرارهم وعملهم كانت الاكثر  صعوبة لتحقيقها  لانها تدخل ضمن الحقوق السيادية للدول الاعضاء[1]، والمقصود بحرية تنقل الاشخاص المدرجة في الاتفاقية مواطني الدول الاعضاء وليس المهاجرين.

اتفاقية شينغن 

تم الوقيع على اتفاقية شينغن في 14 سونيو 1985، وقعتها كل من بلجيكا، فرنسا، لكسمبورغ، المانيا وهولندا، وادمجت في معاهدة 19 يونيو 1990. انضمت اليها ايطاليا سنة 1990 واسبانيا والبرتغال سنة 1991 واليونان سنة 1992 والنسما سنة 1995 والدانمارك وفنلندا والسويد سنة 1996، في حين ان بريطانيا وايرلندا لم توقعاها. لكنه بناء على البروتوكول رقم 19، المتعلق بمكتسبات شينكن المدمج في فضاء الاتحاد الاوربي يسمح بتعاون جميع الدول الاعضاء باستثناء بريطانيا وايرلندا. اللتان يحق لهما الاقرار جزئيا او كليا باحكامه. هما ليستا ملزمتين بامتياواته لكنهما تقرران قبول الاحكام المعتدة لتطوير هذا النظام. وفيها تم تحقيق حرية تنقل الاشخاص وتتطرق الى مسالة الهجرة واللجوء برفع الحدود لداخلية بين الدول الموقعة على الاتفاقية ووضع سياسة مشتركة في مراقبة الحدود الخارحية، وهو ما تم تطويره في القانون الموحد.

القانون الموحد

ينص القانون الموحد الموقع سنة 1986، على انشاء سوق موحد:"فضاء بدون حدود داخلية،  يتم ضمان فيه حرية تنقل السلع، الاشخاص، والخدمات وراس المال"[2]. وقد أدرج القانون الموحد اساس وهدف حرية تنقل الاشخاص من كل الدول الاعضاء وحتى رعايا دول العالم الثالث ايضا. وهو  ما  لم تقبله كل الدول بل هناك من عارض عليه. وقد تم الاعتراف للمواطنين غير المنتمين للاتحاد الاوربي بحق الدخول فقط[3] في حين ان حق الاقامة والحصول على العمل فقد كان من حق المواطنين المنتمين للاتحاد بشكل حصري.

اتفاقية ماستريخت

بين بداية الثمانينات ونهاية التسعينات حدثت تغييرات درامية جيوسياسية على المستوى الاوربي والعالمي مما دعى الضرورة لسياسة هجرة على مستوى الجماعة الاوربية. انهيار الاتحاد السوفياتي، الحرب في يوغزلافيا وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في عدة بلدان جنوب اوربية فتحت بابا لوفود حركات  هجرة جديدة ومكثفة اتجاه اوربا[4]. مع أول اكبر  اصلاح لمعاهدة الجماعة الاوربية، بدأ النظر الى الهجرة الوافدة من وجهة نظر الجماعة. اتفاقية ماستريخت، الموقعة 1992، أقرت الطايع الجماعي" على سياسة الهجرة واللجوء اللتان على اساسهما تم ارساء التعاون. الاتفاقية، ولاول مرة، تتضمن قضية تتعلق بظروف اقامة ولم الشمل العائلي، والحصول على خدمات والعمل لرعايا بلدان العالم الثالث . اطار الجماعة، الذي في اطاره ادرجت سياسة الهجرة، قدم تقدما شكليا، لكنه فارغ المحتوى من مضمون التدخل  يحبذ نهج الحكومي الدولي، مانحين للدول في المجلس تدخلا استشاريا بخصوص المسالة[5].
ينظم الباب الرابع لاتفاقية الاتحاد الاوربي أشكال التعاون الحكومية بين الدول الاعضاء المتعلقة بمجالات المصلحة المشتركة بينها ومن بينها أ} سياسة الهجرة النازحة والسياسة التي يجب اتباعها في حق مواطني رعايا بلدان العالم الثالث، ب}  شروط دخول وتنقل رعايا بلدان العالم الثالث في اراضي بلدان الاتحاد الاوربي، ت} شروط اقامة رعايا بلدان العالم الثالث في اراضي بلدان الاتحاد الاوربي، متضمنة لم الشمل العائلي والحصول على عمل، ث} مكافحة الهجرة والاقامة والعمل غير النظاميين،  {البند K -1, 3}.[6] تم الالمام بشكل مشترك بالعنصرين الاساسيين اللذين يكونان ظاهرة الهجرة وهما: الهجرة النازحة واللجوء.
اتفاقية ماستريخت اذن، تؤسس الجماعة على ثلاثة ركائز وهي:،  الركيزة الاولى هي السوق الشتركة، والثانية هي السياسة  الأمنية  الخارجية المشتركة والثالثة مخصصة للتعاون في مجالات العدالة والشؤون الداخلية. الهدف من "الركيزة الثالثة" كما جاء في الاتفاقية هو " تسهيل حرية تنقل الاشخاص، وضمان في الوقت نفسه أمن ..الشعوب"[7].  
وفيما يخص محافحة الهجرة السرية، فقد اقترحت المفوضية من جهة تسهيل الهجرة النازحة الشرعية، ومن جهة اخرى تبسيط اجراءات العودة القسرية عند الحدود او سرعة  الطرد لمنتهكي قوانين اللجوء والهجرة النازحة. مع تطوير الحوار مع البلدان الاصلية وبلدان عبور المهاجرين النازحين[8].
اول محاولة لتنظيم وضعية الاجانب المقيمين لفترة  طويل في احدى بلدان الدول الاعضاء يكمن في صياغة مشروع بطاقة حقوق وواجبات رعايا بلدان العالم الثالث من طرف البرلمان الاوربي سنة 1994 . كان هدف المشروع هو تقريب الظروف المعيشية لعمال رعايا العالم الثالث ونظرائهم الاوربيين. وتضم البطاقة 15 بندا ، تنظم مختلف الحقوق والحريات وواجبات الاجانب في اراضي الجماعة الاوربية. الحقوق المتضمنة كانت ذات طبيعة اقتصادية، اجتماعية، ثقافية وسياسية، وتشمل: الحق في ممارسة نشاط مهني مستقل أو تابع، الحق في الاجور  العادلة، الحق في السكن، و الحق في الامن الاجتماعي وفي المساواة وفي التعامل وفي الفرص المتساوية بين اللرجل والمراة، وايلاء اهتمام خاص للمعوقين، الحق في التكوين المهني، والحق في حرية التنقل داخل اراضي الجماعة الاوربية، ثم الحق في لم الشمل االعائلي، وتسهيل الحصول على الجنسية للمقيمين لفترة طويلة في اراضي الجماعة الاوربية، وحق الاجنبي في ممارسة انشطة سياسية والحق في التصويت[9].

اتفاقية امستردام

مع اتفاقية امستردام الموقعة في امستردام 2 اكتوبر 1997 ودخلت حيز التنفيذ فاتح ماي 1999اكتمل تحول قانوني اتجاه "الطابع المجتمعي" لنظام الهجرة،. ومن اهم هذه المتغيرات هي الاتفاق على تعزيز التعاون بين الدول الاعضاء المهتمة بتقوية التعاون في مجالات بعينها.
فقد حققت اتفاقية امستردام اعادة توزيع مادية بين الركائز الثلاثة للاتحاد، محولة لركيزة الجماعة نظام بعض المجالات الداخلة يجب التعاون قيها : مجال العدالة والشؤون الداخلية المنصوص عليها في الباب السادس من اتفاقية الاتحاد الاوربي، المحصورة الان في تعاون الشرطة  والتعاون القضائي في المسائل الجنائية[10].
وتوسعت صلاحيات الجماعة لتشمل سياسة التاشيرة واللجوء والهجرة النازحة وتضم سياسات اخرى متعلقة بحرية تنقل الاشخاص من بينها التعاون القضائي في الشؤون المدنية {الباب الرابع من اتفاقية الجماعة الاوربية}[11].
مع اتفاقية امستردام تم اللجوء الى الشراكة مع دول النزوح ودول العبور من أجل تشجيع المهاجرين النازحين في المساهمة في تنمية بلدانهم. وضمان للمهاجرين النازحين القاطنين بشكل شرعي"المعاملة العادلة والتحسين التدريجي في وضعيتهم القانونية، وبالاعتراف لمن يقطنون لفترة طويلة بحقوق وواجبات "مماثلة" لمواطني الاتحاد الاوربي. واتخاذ تدابير مشتركة لمكافحة العنصرية والخوف من الاجانب واي شكل من اشكال العنصرية اقتصادية كانت ، أو اجتماعية او ثقافية.
وكان من الضروري من جهة ثانية، محافحة الهجرة غير الشرعية من خلال التعاون مع دول العالم الثالث مصدر المهاجرين النازحين. وهو ما يؤكده المجلس الاوربي لاشبيلية المنعقد 21-22 يونيو 2002، حيث اكد على اهمية تاكيد تعاون دول العالم الثالث مصدر الهجرة النازحة او مقر عبورها في شأن الادارة المشتركة لمراقبة الحدود, وقد اقترح اربعة مبادئ توجيهية: مكافحة الهجرة غير الشرعية، الادارة المشترك للحدود الخارجية، العلاقة مع بلدان العالم الثالث مصدر الهجرة ومحطة عبورها، سرعة انتاج  قوانين بشان الهجرة النازحة واللجوء[12].
احد اهداف الاتحاد الاوبي هو "منح للمواطنين مستوى عال من الامن في فضاء الحرية والامن والعدالة، مطورا بين الدول الاعضاء حركة مشتركة في مجال تعاون الشرطة والتعاون القضائي في المسائل الجنائية مع منع العنصرية والخوف من الاجانب. وتحقيق هذه الاهداف قد يتاتى عن طريق تعاون وثيق بين سلطات الشرطة المختصة للدول الاعضاء، تعاون مباشر او عن طريق المكتب الاوربي  للشرطة{اوروبول Europol }. وايضا التعاون بين السلطة القضائية للدول الاعضاء وعن طريق الوحدة الاوربية للتعاون القضائي اوروجاست  Eurojust}. وامكانية تقارب قوانين الدول الاعضاء في المسالة الجنائية. مثبتين الاحكام الدنيا المتعلقة بعناصر المكونة للجرائم والعقوبات[13] .

معاهدة لشبونة

في حين أن معاهدة لشبونة توضح وتعزز القيم والاهداف التي أسس عليها الاتحاد الاوربي، تحتفظ بالحقوق القائمة وتقدم أخرى جديدة. خاصة وانها تضمن الحرية والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الحقوق الاساسية جاعلة اياها ملزمة قانونيا. وتعزز الاتفاقية التي تضم الحقوق المدينية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الحريات الاساسية، وهي الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية  للمواطنين الاوربيين . مع اتفاقية لشبونة تم تعزيز  قدرة حركة الاتحاد بخصوص الحرية والامن والعدالة لمكافحة الجريمة والارهاب بشكل اكثر حدة. وعلاوة على ذلك فان الاحكام الجديدة  في مجال الحماية المدنية، والمساعدات الانسانية والصحة العامة تساهم في تعزيز قدرة  الاتحاد على مواجهة التهديدات التي يتعرض لها امن المواطنين[14].
وتؤطر اتفاقية لشبونة فضاء "حرية، امن، وعدالة" كهدف يجب متابعته {البند رقم 3 الفقرة 2 من اتفاقية الاتحاد الاوربي}.
وتنص المعاهدة على ان المجلس الاوربي هو المحدد للتوجهات الاستراتيجية العامة للتخطيط التشريعي والعملي في مجال فضاء "حرية امن وعدالة"، عن طريق برنامج مدته خمس سنوات[15].

السياسة الحالية

 اعادت نتائج الحركات الاجتماعية التي انتفضت في العالم العربي، والحرب على سوريا وليبيا، سؤال الهجرة الى الاجندة السياسية الاوربية  التي عملت على نهج سياسات لضبط حركات اللاجئين والمهاجرين النازحين الذين يتركون بلدانهم غير المؤمنة بسبب الحروب والازمة والظلم والقهر  ليعتنقوا اوربا.
فقد نشرت المفوضية الاوربية 13 ماس 2015 الاجندة الاوربية حول الهجرة. تقترح الاجندة تدابير فورية  لمواجهة الوضعية المتأزمة في البحر المتوسط وتحدد الخطوط العريضة للمبادرات التي سيتم اطلاقها في السنوات المقبلة لتحسين ادارة الهجرة من كل جوانبها. وتقترح المفوضية، على المدى البعيد والمتوسط، مبدائ توجيهية في اربعة مجالات للتدخل:
-          تخفيض حوافز الهجرة غير النظامية: مواجهة اسبابها الجذرية والقسيرية في بلدان العالم الثالث، مكافحة الاتجار بالبشر وتهريبهم، والترحيل.
-          ادارة الحدود: انقاذ الارواح الانسانية وتامين الحدود الخارجية
-          تطوير سياسة اوربية مشتركة بخصوص للجوء:  تنفيذ النظام الاوربي المشترك، نظام دوبلين، تقسيم المسؤوليات بين الدول الاعضاء. ووضع سياسة جديدة بخصوص الهجرة النظامية من خلال تحديث نظام "البطاقة الزرقاء"، باقرار اولويات جديدة لسياسة الاندماج وتحسين مكاسب سياسة الهجرة بخصوص الاشخاص والبلدان الاصلية المعنية[16].
على اساس الاجندة نشرت المفوضية لاوربية 6 ابريل 2016 مبادئها التوجيهية بخصوص الهجرة  النظامية واللجوء. واضعة اربعة مجالات رئيسية فيما يخص الهجرة: مراجعة تعليمات البطاقة الزرقاء، جذب رجال الاعمال المبتكرين الى الاتحاد، توفير نموذج فعال لادارة الهجرة النظامية على المستوى الاوربي، عن طريق تقييم الاطار القائم، وتعزيز التعاون مع البلدان الرئيسية الاصلية، لضمان طرق قانونية للدخول للاتحاد الاوربي، مع ترحيل  من لا يمتلك الشرعية في البقا[17]ء.
وفي مارس 2018 نشرت المفوضية الاوربية تقريرا عن حالة تنفيذ الاجندة الاوربية الخاصة بالهجرة لتطوير استراتيجية الادارة الاوربية المشتركة للحدود، مع الاخذ بعين الاعتبار ان حدود الاتحاد الاوربي الخارجية هي حدود مشتركة تتطلب اتخاذ تدابير جماعية مشتركة من طرف السلطات الوطينة والاتحاد الاوربي[18]

زينب سعيد




[1] http://www.cestim.it/sezioni/tesi/tesi_botte_politica_comunitaria.pdf.
[2] Amata A., Globalizzazione e terrorismo, immigrazione e nuove tecnologie, Riflessione di politica internazionale e interna, NuoveIdee, Roma, 2005, p. 71.
[3] http://www.cestim.it/sezioni/tesi/tesi_botte_politica_comunitaria.pdf.
[4] http://www.cestim.it/sezioni/tesi/tesi_botte_politica_comunitaria.pdf
[5] Amata A., op. cit., p. 72.
[6] Condinanzi M., Lang A., Nascimbene B., Cittadinanza dell’Unione e libera circolazione delle persone, seconda edizione, Giuffrè, Milano, 2006, p. 261
[7] Zanrosso E., Diritto dell’immigrazione, Manuale pratico iin materia di ingresso e condizione degli stranieri in Italia, Serie L-Professionale, Simone, Napoli, 2014, p. 19.
[8] Melotti U., Migrazione internazionali, Globalizzazione e culture poliiche, Mondadori, Milano, 2004, p. 117.
[9] http://www.cestim.it/sezioni/tesi/tesi_botte_politica_comunitaria.pdf
[10] Cellamare G., La disciplina dell’immigrazione nell’Unione europea, G. Giappichelli, Torino, 2006, pp. 1-2.
[11] Liberati A., La disciplina dell’immigrazione e i diritti degli stranieri, il diritto amministrativo, Manuali professionali, Volume VI, CEDAM, Padova, 2009, p. 43.
[12] Liberati A., op. cit., p.49.
[13] http://www.cestim.it/sezioni/tesi/tesi_botte_politica_comunitaria.pdf.
[15] Ciliberto G., op. cit., p. 54.
[16] https://ec.europa.eu/home-affairs/sites/homeaffairs/files/what-we-do/policies/european-agenda-migration/background-information/docs/communication_on_the_european_agenda_on_migration_it.pdf
[17] https://ec.europa.eu/home-affairs/sites/homeaffairs/files/what-we-do/policies/european-agenda-migration/20180314_progress-report-progress-report-european-agenda-migration_en.pdf.
[18] http://www.europarl.europa.eu/factsheets/it/sheet/152/politica-d-immigrazione.
♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -