أخر الاخبار

محاضرات المؤسسات الاجتماعية 2020 pdf

ملخص المؤسسات الاجتماعية 2020 pdf
ملخص المؤسسات الاجتماعية 

محاضرات المؤسسات الاجتماعية 2020 pdf

تمهيد 

انتبه الفلاسفة بادئ الأمر إلى المؤسسة والجماعة والكل، خاصة مع أفلاطون في كتابه الحواري "الجهمورية"، مقدما رؤيته للدولة المثالية "المدينة الفاضلة السقراطية"، التي ينتمي فيها كل فرد من أفراد المجتمع إلى طبقة محددة، ويتحقق التوازن بين القوى الثالث المكونة للمجتمع؛ العاقلة والغضبية والقوة الشهوانية ، فالمجتمع مؤسسة جمهورية يجب ان تحكمها الفضيلة والخير والعدالة، ومنه نزعته السياسة في تفسير المؤسسة، لكن مع الفلسفة الاجتماعية الأرسطية بدأ الحديث عن المؤسسة السياسية بشكل واضح، خاصة في كتاب "السياسة"، الذي أكد فيه على أن ممارسة السياسة واجب على كل مواطن، وواضعا أساس التجمع البشري، مؤكد على ضرورة قيام نظام سياسي على أساس العدالة والحقوق.

 ومع ذلك فالتفكير في المؤسسات ليس وليد اليونان، فقد قعد للمؤسسات الملك حمورابي في القرن 18 قبل الميالد، ويعتبر ق.9 الميلادي أيام حكم الإمبراطور شالمان الفترة التي انتقل فيها التفكير من المؤسسة السياسية بالأساس إلى المؤسسات التربوية، فقد كان الواضع الحقيقي للقواعد المهنية للتعليم. 

ان التفكير في المؤسسات بقي رهن انتقالات، فقد كان المستشار الإيطالي "ماكيافيلي" من بين الأوائل الذين تناولوا المؤسسة بمنطق الأنا والسمو والأحادية والديكتاتورية التي كانت سائدة في النظام ما قبل الدولة، حيث اختزل المؤسسات في يد شخص واحد، خاصة في كتابه الأول "الأمير" قبل أن يتراجع عن ذلك في كتاب ثان "خطابات"، وهي نفس الفكرة التي طبقها بعض حكام فرنسا، وخاصة لويس 14 و16 ،لكن مع الحركة الإنسية والتحولات الانوارية في المجتمع الأوروبي، بدأ التفكير في المؤسسات يشهد منحى آخر، وخاصة مع فلاسفة التعاقد. فروسو تناول المؤسسة من منطق تمثيل سلطة الجماعة بشكل طوعي مع بقائها في يدهم، لكن هوبز، ورغم الانطلاق من نفس المبادئ إلا انه أكد على أن المتحكم في المؤسسة ليس القانون أو الشعب بل الحاكم التنين. 

لقد كان التفكير الفلسفي حول المؤسسات ينزع أكثر نحو الطابع السياسي، سواء مع اليونان أو مع فلاسفة الأنوار، لكن فلاسفة الحداثة، ماركس ونيتشه وشوبنهاور والكسيس دي طوكفيل وغيرهم بدؤوا يتناولون مؤسسات أخرى ذات طبيعة اجتماعية، الطبقات الاجتماعية، الدين، الأسرة، الوعي والقيم الاجتماعية، العبودية وغيرها، بينما اهتم علماء الاجتماع ومنذ البداية ببعض المؤسسات غير السياسية ( المدرسة، الدين، التقاليد..) مع الوقوف عند أهمية المؤسسة السياسية، ومنهم دوركايم وفيبر وبوديو وبودون وآلان تورين و مانويل كاستلز ريمون بودون ....

 إذا كان دوركايم يتناول مؤسسة التربية والتعليم) التربية وعلم الاجتماع، التربية الاخالقية، تاريخ التربية في فرنسا (، فمن جهة أخرى أهم بالمؤسسات الدينية) الأشكال الأولية للحياة الدينية ( وبالمؤسسات السياسية) التربية الاخلاقية، أو كتاب تقسيم العمل(، بينما كان فبيير أكثر انتباها لدور المؤسسات السياسية من خالل كتابه "الاقتصاد والمجتمع"، الذي تناول فيه أشكال السيادة، أو كتاباته حول العقلانية والحداثة ومقارنه في كتاب "المدينة" بين تدبير مدينة القرون الوسطى والمدينة الحديثة، وانعكاس ذلك على المؤسسات الاجتماعية والسياسية.

 أما بيير بورديو فقد اهتم بالمؤسسة التربية (الورثة، وإعادة الإنتاج  والاعالمية) حول التلفاز( وبالمؤسسات السياسية في معظم كتاباته( بؤس العالم)، بينما تناول آلان تورين المؤسسة السياسية والاقتصادية) المجتمع مابعد الصناعي (، وبودون تناول نهاية المؤسسات) تنبؤه في كتاباته بالقيم الفردانية الجديدة (، أما مانويل كاسيتيلز فقد تناول المؤسسات الشبكية والفاعل . société en réseau الشبكي.

 إن الحديث عن المؤسسات الاجتماعية هو حديث عن تنظيم الحياة الاجتماعية، وفق قواعد واضحة ومبادئ مشتركة ومتفق عليها، هذا ما يقتضي الحديث عن الأشكال الأولية للتنظيم، ومنها العائلة / الأسرة، ثم الجماعة / القبيلة فالمدينة ـ الدولة أو الحكومة والدولة، ومع تطور الحياة الاجتماعية وتعقدها ظهرت العديد من المؤسسات، منها التربوية) المدرسة، الجامعة، الكتاب والدير...( ومنها السياسية) الحكومة، البرلمان،....( ومنها الدينية) المسجد، المجلس العلمي الأعلى، هيأة العلماء والمفتيين... 

  • ويتم تصنيف هذه المؤسسات إلى نوعين أساسين: 
  • المؤسسات الثانوية: الحكومة نقابة حزب جمعية وهي التي نساهم في خلقها برغباتنا واحتياجاتنا، والتي لها قواعد مكتوبة ومعروفة؛
  • المؤسسات الأولية الأسرة: يتم الدخول إليها من دون عقد، فهي ليست لها قوانين مكتوبة وإنما متعارف عليها مع الزمن. وتمارس المؤسسات الاجتماعية باختلاف أشكالها العديد من الوظائف، ومنها: 
  • المؤسسات التعليمية: التنشئة الاجتماعية عبر نقل المؤهلات والكفاءات والتكوين للنشء، لها وظائف مرتبطة بتقويم السلوك؛
  • المؤسسات الدينية: تغذية الروح وفض النزاعات، وقد تكون هي السبب في ظهور النزاعات؛
  • المؤسسات الاقتصادية: التسوق وتلبية الحاجات الغذائية والأمن الغذائي.
  • المؤسسة الحكومية: تدبير الشأن العام وحماية الشعب من الأخطار الخارجية، وهي بمثابة سلطة تنفيذية. 
  • والمؤسسات الاجتماعية تتخذ أشكال متنوعة، ويمكن أن نحدد من أهمها:
  • الأسرة والعائلة؛
  • المدرسة
  • وأنظمة التنشئة
  • الاجتماعية؛
  • القبيلة؛
  • الزاوية؛ 
إن اهتمام علماء الاجتماع والسياسة بالمؤسسات ليس من فراغ، بل لكونها تعبير وجودي عن المجتمع الحديث، عن مجتمع الروابط الاجتماعية، تؤطره قوانين ومؤسسات وقيم، ما يدفعنا الى إعادة النظر في تحديد هذا المفهوم. فما دالالت المؤسسة؟ وكيف تناول علماء الاجتماع مفهوم المؤسسة الاجتماعية؟ 

تحديد دالالت المفهوم فلسفيا وسوسوليوجيا: يعود أصل كلمة مؤسسة institution إلى الالتينية  institutio التي تقابل "كل ما هو مقنن/محدد" فهي بمثابة القاعدة. ولقد حاولت الكثير من الأدبيات الفلسفية والسوسيولوجية الوقوف عند دالالت مفهوم المؤسسة institution’l ،ولقد عرف المفهوم تداولا منذ روسو، الذي كان له الفضل في الحديث عن المؤسسات الرسمية formelles institutions ،كما تم تناوله في كتابات ماركس وماكيافلي وغيرهم، لكن الفلاسفة المعاصرين هم من حاول تحديد المفهوم بشكل واضح، ويمكن التمييز بين ثالث مقاربات: تحديد الفيلسوف السياسي Hauriou Maurice :يعتبر عالم االجتماع والفيلسوف الفرنسي المؤسسات مجموعات إنسانية humains groupements لها فكرة تحاول تحقيقها؛ الحرص على األمن بالنسبة للشرطة، نشر المسيحية من طرف الكنيسة أو تحقيق الربح للمقاولة، ويقول "كل مؤسسة اجتماعية هي بمثابة مقاولة تحكم أفرادها فكرة إلى درجة تصبح معها مهمة من  2 الضروري القيام بها" .
  •  ويقسم المأسسة إلى خمس مراحل متتالية
  • فكرة يقدمها بعض الأفراد؛
  • تنتشر هذه الفكرة ويحاول البعض تحقيقها؛
  • تنشأ في هذه المجموعة سلطة تستغل السلطة لتحقيق المنافع
  • ينسأ نقاش حول تحديد الادوار والوضع القانوني ؛
  •  تصبح هذه المنظمة مؤسسة بعد مدة طويلة من عالقات الهدنة داخلها.
 تعريف الفيلسوف الامريكي جون راولزRawls John: ينطلق من فكرة مغايرة تماما لما كان سائدا، ويرى على المؤسسة ليست وسيلة مشتركة لتحقيق نفس الأهداف، ولكنها آلية لتحقيق غايات مختلفة، فالناس يتوافقون لوضعها ليس ألنهم يمتلكون نفس الإرادة، لكن ايجادها سيمكن كل واحد منهم من تحقيق إرادته هو، والتي ليس من الضروري أن يتقاسمها مع باقي أفراد المجتمع.

تعريف فريديريك حايك Hayek Friedrich :

حاول الفيلسوف النمساوي دراسة المؤسسة وتعريفها في كتابه" liberté et législation, Droit "من خالل الرجوع إلى المنطق الدارويني، حيث اعتبرها تتشكل من تنظيمات حية، تبحث باستمرار على البقاء، فهي بمثابة كائن حي يعيش حربا دائمة من أجل البقاء.

إذا كان هاريو يؤكد على الطابع الجمعي والنفعي للمؤسسة، منطلقا من الفكرة أو الرغبة المشتركة التي تحرك أعضاءها والمنمتين إليها، فإن الفيلسوف الأمريكي ورغم تأكيده على الطابع النفعي للمؤسسة، لكن يربطها بالمنفعة الشخصية وليست الكلية أو الشمولية، فالفرد هو من ينشئها لخدمة مصلحته، التي قد لا تكون بالضرورة متماهية مع مصلحة الجماعة أو التنظيم، بينما انطلق حايك من مدخل بيولوجي- تطوري لتحليل وتعريف المؤسسة، متناولا إياها في إطار صيرورة البقاء، والتي ال تستثني الصراع والمنافسة الدائمة مع باقي المؤسسات والتنظيمات الأخرى.

  لقد حاول علماء الاجتماع الوقوف عند هذا المفهوم ودراسته، سواء تعلق الأمر بالمؤسسات بشكل عام أو الاجتماعية على وجه التخصيص، فهي موضوع جوهري داخل علم الاجتماع الحديث، ويمكن الوقوف عند بعض التحديدات . 

 تحديد دوركايم : ينطلق من التعريف الآتي "يمكن ...تسمية المؤسسات كل المعتقدات وكل أنماط السلوك المحددة من طرف الجماعة، حيث يمكن تعريف السوسيولوجيا على أنها علم المؤسسات،  يهتم بنشأتها ووظيفتها" ، ولقد تبنى أطروحة يؤكد من خلالها على أن المؤسسات االجتماعية "الظواهر االجتماعية" تمارس إكراها على الفرد وتدفعه إلى التصرف وفق منطقها. 

المؤرخ Coulanges de Fustel :من خلال اهتمامه بدراسة مؤسسات اليونان وروما، وقف على أن المؤسسة، وخاصة السياسية منها تتميز بالتماسك والصالبة solidité ،تقاوم القرون والمعتقدات، ويؤكد على الأدوار التي تقوم بها داخل المجتمع الحديث، فهي القادرة على ضبطه . 

تحديد مارسيل موس Mauss : حاول دراسة المؤسسات من خلال كتابه "علم الاجتماع، موضوع ومنهج"، حيث أكد على أن المؤسسة هي مجموع األنشطة المحددة التي يجدها الفرد أمامه، ويرى   على أن علم المجتمع هو علم المؤسسات . 

 ماكس فيبر وتعريف المؤسسة: يقترب عنده المؤسسة من مفهوم المنظمة association ، فهي   تجمع تمنح قوانينه الداخلية نجاحا لكل العاملين بطريقة محددة بمعايير دقيقة وفي منطقة ما ، ويرى على أنها تلعب دور معدل للعالقات الاجتماعية. 

 مالينوفسكي والمؤسسة: من منطق انثروبولوجي يؤكد على أنها تجمع groupement أو عدد   من المجموعات الإنسانية تتصرف وفق قواعد معايير، قوانين، حقوق إدارية أو عادات، مواثيق.

إذا كان الفلاسفة يركزون على وظيفية المؤسسة داخل المجتمع الحديث ، سواء بالنسبة للفرد أو للتنظيم أو التجمع ككل، فان علماء الاجتماع يؤكدون على الاكسيولوجي) القيمي  والوظيفي ( دوركايم: المعتقدات والقيم والضبط والتحكم الاجتماعي في الأفراد )، وعلى أدوارها.

فوستر دوكولانج والمؤسسة هي التي تضبط المجتمع، أو الطبيعة القيمية والأخلاقية مع موس، في حين تناولها فيبر من خلال دورها البيروقراطي والتنظيمي للحياة العامة، بينما يتناولها المدخل الانثروبولوجي من منطلق قيمي كذلك، لكن مع التأكيد على أهمية القيم والقوانين. 

عموما فالمفهوم يحتاج مزيدا من التحليل والدرس، خاصة في المجتمع المعاصر، مجتمع العالم المفتوح، وعصر الفردانية المفرطة، والحضارة السائلة وعصر التفاهة والعولمة الجديدة. ولقد لعبت المؤسسة سواء السياسية أو الاجتماعية أدوارها هامة ي تاريخ الإنسانية. سواء ضمان البقاء أو الضبط والنظام أو نقل الخبرات والقيم. 


♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -