مفهوم المقاربة

التنشئة الاجتماعية 

تحميل كتاب الطفل والتنشئة الاجتماعية  pdf

• المؤلف :محمد الجوهري و آخرون
• الكتاب :الطفل والتنشئة الاجتماعية

التنشئة الاجتماعية 

يمثل موضوع التنشئة الاجتماعية واحدا من نقاط الالتقاء الكبيرة بين علمی الاجتماع والنفس الاجتماعي ، وهو يمثل حقلا خصبا للدراسة ومحور اهتمام لكل فريق منهم . ويشارك هذين الفريقين الاهتمام بهذا الميدان فرع ثالث من العلوم الاجتماعية هو الأنثروبولوجيا سواء الاجتماعية أو الثقافية ، وخاصة الأنثروبولوجيا التربوية .

 وسوف نحرص في هذا العرض على أن نفيد من إسهامات أصحاب هذه العلوم الثلاثة في دراسة التنشئة الاجتماعية ، بالتركيز على المجتمع المصري في الفترة موضوع الدراسة ، دون أن نفرد الكلام عن أصحاب علم دون الآخرين ، إلا إذا اقتضت ضرورة محددة ذلك التخصيص .

 والتنشئة الاجتماعية يمكن تعريفها بطريقتين ، طريقة فيها توسيع وفيها شمول في النظرة ، وطريقة فيها تركيز وفيها تحديد .

الطريقة الأولى :

 تنظر إلى التنشئة الاجتماعية كعملية اجتماعية شاملة تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الفرد وطبعه بطابع الجماعة التي يولد فيها والتي يتعامل معها ، وعلى ذلك فإن تعدد الجماعات التي يتعامل معها الفرد ، وتلك التي ينتمي إليها في مراحل حياته المختلفة ، يجعل من هذه العملية عملية متصلة مستمرة طول حياة الإنسان . وفي هذه الحالة أيضا تتعدد أدوات وأجهزة التنشئة الاجتماعية ، فتشمل إلى جانب الأسرة ، المدرسة ، وجماعة اللعب ، والرفاق ، والجماعة المهنية وجماعة الجيرة ، والاتحادات الخاصة التي ينتمي إليها الفرد ، ووسائل الاتصال الجماهيري و غير ذلك مما يؤثر في شخصية الفرد ويحاول أن يغرس فيه فكرا أو عادة أو اتجاها معينا .. إلخ 

أما الطريقة المحدودة في التعريف فتقصر هذه العملية على ذلك الجانب منها الذي يتم داخل الأسرة ، وبالذات في مرحلة الطفولة . ففي هذه المرحلة يكتسب الفرد الكائن البيولوجي شخصيته الاجتماعية ويتحول من ثم إلى كائن اجتماعی والجدير بالذكر أن الكتاب الذين يستخدمون التنشئة بهذا المعنى المحدود يستخدمون مصطلحا آخر هو التنشئة الثقافية لتغطية مرحلة التنشئة فيما بعد مرحلة الطفولة فيطلقونه على عمليات الاكتساب الثقافي أو التغير في العضوية الاجتماعية التي تحدث في مرحلة ما بعد الطفولة ، أي في مرحلة البلوغ والنضج ) .

 وبذلك يقسمون نفس العملية إلى مرحلتين متميزتين ، إحداهما محدودة بحدود زمنية دقيقة ، ومتأثرة بأجهزة تربوية واجتماعية محددة ومحدودة ، والأخرى متسعة ممتدة ، تتنوع فيها الأجهزة ، وتتبدل فيها المراحل وأيا كان الخلاف ، فإننا يمكن أن نصف التنشئة الاجتماعية في عبارة موجزة فنقول :

 هي عملية اجتماعية أساسية تعمل على تكامل الفرد في جماعة اجتماعية معينة ، وذلك عن طريق اكتساب هذا الفرد ثقافة الجماعة ، ودورا يؤديه في هذه الجماعة . ولو اعتبرنا هذه العملية ممتدة طول عمر الفرد ، فإن أهم مراحل تلك العملية وأكثرها خطورة هي تلك التي تتم في مرحلة الطفولة حيث يستدمج الطفل القيم ، والاتجاهات ، والمهارات ، والأدوار التي تشكل شخصيته ، والتي تؤدي إلى تحقيق تكامله مع المجتمع الذي يعيش فيه وترجع أهمية هذه العملية إلى أنها ذات خطورة كبرى بالنسبة لتكوين الأنا عند الطفل ، لأنه يتوصل من خلالها إلى تكوين تصور عن ذاته كشخص من خلال سلوك الأخرين معه واتجاهاتهم نحوه كما تتبدى صورة الذات الاجتماعية بوضوح من خلال تعلم هذا الفرد أداء عدد من الأدوار الاجتماعية المختلفة

ويجب أن نضيف إلى هذا أن تعلم الشخص أي دور اجتماعی جدید يمكنه من أداء وظيفته كعضو في جماعة معينة إنما هو بمثابة جزء أصيل من عملية التنشئة الاجتماعية . ومعنى ذلك أن الجندي المرشح للالتحاق بقوات الشرطة ، أو الفرد العضو في جماعة كشفية أو المرشح لعضوية أي جماعة اجتماعية جديدة عليه ، يتعين عليه أن يتعلم وأن يهضم جيدا القيم والاتجاهات والأعراف والأدوار الاجتماعية الخاصة بتلك الجماعة ، وبذلك فهو يعد داخلا في عملية تنشئة اجتماعية حقيقية . ومن هنا إصرار الكثيرين على اعتبار التنشئة عملية ممتدة بامتداد الحياة.

تحميل كتاب الطفل والتنشئة الاجتماعية pdf

تعديل المقال