أخر الاخبار

التواصل العلمي - د. خالد عبدالقادر منصور التومي

التواصل العلمي - د. خالد عبدالقادر منصور التومي

التواصل العلمي


تم التحقق من هوية الكاتب
الدكتور : خالد عبدالقادر منصور التومي

التخصص : العلوم الإدارية، العلوم السياسية، العلاقات الدولية.العمل : مستشار خاص.الدولة : طرابلس – ليبيا.
عندما يُذكر مصطلح العلوم أمام أي شخص؛ فقد يتبادر إلى ذهنه للوهلة الأولى عدة مفاهيم، مثل .. الدراسات و البحوث و غيرها، و لكن ماذا عن مصطلح .. التواصل العلمي .. و الذي يجد العلماء فيه شغفاً حقيقياً في كشف أسرار و عجائب العلوم و نشرها إلى عامة المجتمع بصورة مُبسطة.

حيث يُخيل إلى الكثير من عامة المجتمع أن المفاهيم و الأفكار العلمية صعبة الفهم و جامدة، فضلاً عن كونهم غير مُدركين لأهمية هذه المفاهيم، و لهذا السبب طهر مصطلح .. التواصل العلمي .. على الساحة، و بدأ في الانتشار بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

أولاً .. مفهوم التواصل العلمي :

هو مفهوم يُعنى بفن عرض و توصيل المعلومات العلمية المعقدة إلى عامة المجتمع بأسلوب مُبسط دون التعمق في أية معادلات أو تفاصيل من شأنها أن تعرقل عملية توصيل المعلومة، أو قد لا يعرفها سوى المتخصصين .. و الغرض منه عمل جسر يربط بين الأشخاص الذين يعملون في البحث العلمي و مجموعات و شرائح مختلفة من عامة المجتمع، و هي أيضاً لعمل علاقات بين العلماء و الأفراد، و هذا على عكس ما كان قديماً، و هو كل شخص في عمله لا أحد يعرف الآخر .. فالآن و مع تطور وسائل الإعلام و الميديا و ظهور التواصل الاجتماعي؛ كان لا بد أن تنشط العلوم و تنتشر و تظهر للجميع، و ليس فقط لمن هُم مهتمون بها، بل تأتي أيضاً لمن هُم في منأى عنها.

و قد ظهر هذا المفهوم لأول مرة في بريطانيا منذ حوالي 40 عاماً، و كان هذا الظهور نتيجةً لعدة عوامل، و من أبرزها : زيادة عدد الأوراق العلمية التي تظهر و تُنشر في جميع المجالات، مثل .. العلوم، و الصحة، و الطعام، و الهندسة، و التكنولوجيا.
و أيضاً ظهور عديد التطبيقات لهذه الأبحاث التي تُنشر، و نحن في استخدام يومي لها، مثل .. الهاتف النقال، و الحاسوب الشخصي، و الأدوات الكهربائية، و مصابيح الإضاءة، و غيرها من الأغراض المستعملة لدى عامة المجتمع .. فكان لا بد من ظهور مصطلح جديد يربط أصحاب تلك الأبحاث بعامة المستخدمين لتطبيقات تلك الأبحاث .. و مع ذلك الانتشار ظهرت إحصائية تقول : أن عدد قراء الأوراق العلمية و المهتمين بها حوالي 0.6 .. أي أقل من الواحد الصحيح .. حيث أن هذه النسبة الضئيلة توحي بعدم اهتمام شريحة كبيرة من عامة المجتمع بالعالم و المختص و بالأبحاث العلمية ذاتها؛ مما يوحي بضرورة تعميم و انتشار التواصل العلمي.

ثانياً .. آليات تعميم و تنفيذ تجربة التواصل العلمي :

1. عمل حصة ثابتة تخدم التطبيقات العلمية بطريقة بسيطة و سلسة؛ مثل .. معارض تشرح تجارب عظيمة بأدوات بسيطة تتواجد في المنزل، أو مثل .. الفيديوهات التي تشرح تجربة علمية كالأفلام الثقافية و الوثائقية.

2. يقوم المُعلم بشرح المبدأ و النظرية و تطبيقاتها، و مشاركة الطلاب في إعداد التجارب لهذه النظرية؛ مما يُنمي التبسيط و الابتكار و المشاركة الفعالة لدى الطلاب.

3. عمل ندوات بإدارة الشباب الجامعي المهتمين بعرض العلوم بأسلوب بسيط؛ للطلاب في المدارس، و عمل ألعاب حركية و عروض شيقة بمنهج علمي.

4. تدريب الطلاب على عمل .. سيناريو درامي .. لمسرحيات تُناقش قضايا علمية، و من ثم عرضها كمسرحيات علمية شيقة.

5. تدريب الطلاب على كيفية كتابة الأبحاث العلمية.

6. تدريب الطلاب على كيفية الكتابة السهلة و البسيطة لخبر علمي، و كيفية صياغته، و سُبل مراجعته.

7. تدريب الطلاب على كيفية التفكير العلمي .. من حيث الطريقة و الأسلوب مع السُبل و المناهج.

8. عمل دورات تدريبية مكثفة لطلاب الكليات العملية، و ذلك لكيفية تبسيط العلوم و التواصل العلمي، و من ثم الاستفادة بهؤلاء الطلبة المتدربين بعمل ندوات و معارض على مستوى الجامعة يشرحون فيها العلوم المبُسطة لطلاب الكليات النظرية و العلمية، و من ثم يعملون ندوات في المدارس لطلابها.

9. اعتماد وظيفة جديدة تكون مختصة لمن هُم لهم القدرات و الإمكانيات لذلك، و هي وظيفة التواصل العلمي في مؤسسات الدراسات و البحوث العلمية، و تكون شاغل هذه الوظيفة هو المسؤول عن التواصل العلمي و تبسيط العلوم لعامة المجتمع .. بحيث أن لا تكون هذه الوظيفة قاصرةً على الجامعات أو المدارس فقط، بل تكون في المجلات و الصحف، و يكونون هنا مسؤولين عن صياغة الأخبار العلمية بأسلوب مُبسط، و هذا أيضاً يكون متخصص ليس فقط في من لديه الموهبة و القدرات لذلك، و إنما تمتد حتى إلى أن نجد سبيل في تمكينهم من إكمال دراساتهم في هذا التخصص، و من هنا نبدأ في تأسيس وحدات متخصصة للتواصل العلمي بداخل الهيئات، و هذا عائد لنا بالنفع و الفائدة في كل المجالات.


ختاماً .. و بهذا نستنتج أن كل العلماء الذين لهم باع في مجال تبسيط العلوم؛ ذاع صيتهم أكثر بكثير؛ من العلماء الذين يعملون في معاملهم فقط، و هؤلاء المشاهير استمدوا شهرتهم من تبسيط العلوم .. لذلك؛ نحن الآن في أمس الحاجة إلى تعميم تجربة التواصل العلمي و تنفيذها أيضاً، و علينا الاهتمام بالمبادرات و بالأخص التي تأتي من الشباب الذين لهم الموهبة و القدرة حتى و إن كانت بسيطة في تنفيذ هذه التجربة، و ذلك كله من اعتماد وظيفة خاصة بالتواصل العلمي، و تعميمها في كل الجامعات الحكومية، و أيضاً المؤسسات الصحفية و الإعلامية؛ حتى نستطيع تبسيط مسألة فهم العلم، و أيضاً في المساهمة الفعلية في خلق مستقبل جديد للشباب بحسب رؤيتهم له.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -