مفهوم المقاربة

ما هو الدور وما مفهومه

 ما هو مفهوم الدور ؟

الدور هو نمـوذج يرتكز حول بعض الحقوق والواجبات، ويرتبط بوضع محدد للمكانة داخل جماعة أو موقف اجتماعي معين، ويتحدد دور الشخص في أي موقف عن طريق مجموعة توقعات يعتنقها الآخرون كما يعتنقهـا الفرد نفسه.

يشير الدور لغة إلى الاضطلاع بمهمة 1. ولتوضيح معنى الدور لابد من التعرض أولا لمعنى المركز، وهو الوضع الذي يشغله الفرد في  مجتمع ما بحكم سنه أو جنسه أو ميلاده أو حالته الاجتماعية أو وظيفته أو تحصيله .2

 وقد حاول البعض أن يخلط بين الدور والمركز من حيث اعتبارهما شيئا واحدا، وهذا غيـر صحيح ، رغم أنهما مترابطان ، حيث يرى "لينتون " أن الدور يمثل الجانب الدينامي للمركز ، وعندما يضع الفرد عناصر المركز من حقوق وواجبات موضع التنفيذ ، فإنه حينئذ يمـارس دورا، فـالفرد يمارس دورا ولا يشغل دورا 3 بل يشغل مركزا اجتماعيا .

 ويمكن أن نفرق بين مركز موروث ومركز مكتسب، ويشير المركز الموروث إلـى المركـز الذي ليس للفرد دخل أو جهد في شغله ، بينما المركز المكتسب هو الذي يمكن للفرد شغله بناء علـى جهوده الش خصية وقدراته والفرص المتاحة أمامه، ومن ذلك المركز القيادي الذي يرتبط بـأداء دور معين في المجتمع .

 وقد تعددت التعريفات التي ذكرها الكتاب لتوضيح مفهوم الدور ، ولعل ذلك يرجع إلى انتـشار استخدام هذا المفهوم في العديد من المجالات العلمية ،حيث استخدم في علم النفس وعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي والأنثروبولوجيا .

 فقد عرف "أحمد زكي بدوي " الدور في معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية بأنـه "الـسلوك المتوقع من الفرد في الجماعة والجانب الدينامي لمركز الفرد ، فبينما يشير المركز إلى مكانة الفرد في الجماعة ، فإن الدور يشير إلى نموذج السلوك الذي يتطلبه المركز، ويتحدد سلوك الفرد فـي ضـوء توقعاته وتوقعات الآخرين منه، وهذه التوقعات تتأثر بفهم الفرد والآخرين للحقوق والواجبات المرتبطة بمركزه الاجتماعي ، وحدود الدور تتضمن تلك الأفعال التي تتقبلها الجماعة فـي ضـوء مـستويات. السلوك في الثقافة السائدة"، 4 .

ويعتبر هذا التعريف من أهم التعريفات المقدمة للدور لأنه يـشمل أهـم العناصر التي يتضمنها هذا المفهوم.

 في حين يذهب "محمد عاطف غيث " إلى تعريف الدور في قاموس علم الاجتماع، بأنه نمـوذج يرتكز حول بعض الحقوق والواجبات ،ويرتبط بوضع محدد للمكانة داخل جماعة أو موقف اجتماعي معين، ويتحدد دور الشخص في أي موقف عن طريق مجموعة توقعات يعتنقها الآخرون كما يعتنقهـا الفرد نفسه، و قد نظر "محمد عاطف غيث" إلى مفهوم الدور من زوايا مختلفة نذكر أهمها :

⭉ متطلبات الدور، وهي توقعات الآخرين بشأن أداء شخص لدور معين في موقف ما .

⭉ توقعات الدور، وهي السلوك المتوقع والمرغوب الذي يرتبط بدور معين .7

⭉ أداء الدور، وهو طريقة قيام الشخص بدوره في موقف معين.

 غير أن "عاطف غيث" لم يشر إلى الدور في إطار ثقافة المجتمع .

 أما "عبد المجيد سالمي " فقد عرفه في معجم مصطلحات علم النفس بأنه "مجموعة من أنماط سلوك الفرد، تمثل المظهر الدينامي للمكانة، وترتكز على الحقوق والواجبات المتعلقة بهـا، وبمعنـى آخر يتحدد الدور على أساس متطلبات معينة تنعكس على توقعات الأشخاص لسلوك الفرد الذي يحتل مكانة ما في أوضاع معينة " ،6 والملاحظ أن هذا التعريف تظهر فيه الكثير من عناصر الدور غير أنـه لم يحدد طبيعة الأوضاع التي يتم فيها القيام به.

 من خلال التعريفات السابقة يمكن أن نلاحظ بأنها تشتمل على الكثير من القضايا المـشتركة، التي تجعل من مفهوم الدور يرتكز على الأفعال والتصرفات التي يقوم بها الشخص، بما يتوافق مـع متطلبات مركز معين في المجتمع .

 ورغم أن الدور عمل فردي يقوم به الفرد، إلا أن أعمال أي جماعة تحدث عن طريق مجموعة من الأدوار المترابطة، فيعتبر سلوك الفرد في موقف جماعي عبارة عن مجموعـة التوقعـات التـي تنتظرها جماعة من جماعة أخرى، وهذا ما يتفق مع وضع الفرد حينما يشغل وضعا معينا في تنظـيم ما يتضمن مجموعة من الأدوار، ويفترض من الأشخاص القائمين بها الخضوع التام لها.

 ونحن بصدد تناول مفهوم الدور لابد من توضيح قضية أساسية أشار إليها "سيد علـي شـتا " تتعلق بأداء الدور ، حيث يرى بأن أداء الدور هو السلوك الفعلي للشخص الذي يشغل الدور ، وإذا مـا راجعنا أداء الدور في الحياة الفعلية، وجدنا أن هناك هوة بين ما سوف يفعله النـاس ومـا يفعلونـه بالفعل، وذلك يرتبط إلى حد ما باختلاف الناس في الكيفية التي يحققـون بهـا الحقـوق والواجبـات المرتبطة بأدوارهم، وهنا نجده يستدل بما ذهب إليه "بول سكورد "و" كارل باكمان " اللذان ميزا بوضوح  بين توقعات الدور وسلوك الدور، إذ أن توقعات الدور تمثل الكيفية التي يفتـرض أن يتـصرف بهـا الفاعلون، في حين أن سلوك الدور يشير لممارسة دور معين ،أي السلوك الفعلي في ضوء التوقعات" .7

وهذا ما يجرنا إلى الحديث عن معوقات الدور ،حيث " يصعب على الإ نسان أن يقوم بأداء ما ينتظر أو يتوقع منه من سلوك بالنسبة لأداء دور على الوجه الأكمل، أي أن نجاح الفرد فـي حياتـه يتوقف على قدرته في التوفيق والانسجام بين الأدوار المختلفة، حيث إن كثيرا مـن المـشاكل التـي تواجهه مردها إلى عدم القدرة على إحداث هذا التوفيق وهذا ما يسمى بصراع الأدوار الـذي يأخـذ أشكالا مختلفة ."8

خلاصة 

 وبناء على ما سبق يمكن أن نعرف الدور أنه نموذج السلوك المتمثل في الأفعال والتـصرفات التي تتوافق مع متطلبات مركز معين في المجتمع .

 ومن خلال هذا التعريف يمكن أن نوضح القضايا التالية التي يشملها مفهوم الدور :

1 - الدور نموذج سلوك، أي تلك الأفعال والتصرفات التي يقوم بها شاغل المركز .

2 - يتحدد الدور بالحقوق والواجبات التي ترتبط بالمركز والتي تحدد المكانة.

3 - للدور متطلبات معينة، وهي مجموعة المقومات اللازمة لشاغل المركز، وتـشمل المظـاهر السلوكية والأنشطة المطلوبة لمكانة معينة .

4 - للدور توقعات معينة، وهي الكيفية التي يفترض أن يتصرف بها شاغل الدور، أي مجموعة المعايير الاجتماعية للأنشطة .

5 - أداء الدور، وهو السلوك الفعلي لشاغل الدور في موقف معين، والفرق بين الدور المتوقـع والدور الفعلي هو ما يجب أن يكون عليه الدور .

6 - معوقات الدور، وهي جملة القضايا التي تواجه القائم بالدور و تَحُدُّ من أدائه .

7 - يخضع الدور لقوانين وثقافة المجتمع.

• المصادر والمراجع:
• 1 المنجد الأبجدي- دار المشرق-بيروت-ط5 -1987-ص451.
• 2 سلمى محمود جمعة-طريقة العمل مع الجماعات-المكتبة الجامعية –الإسكندرية -2000-ص37.
• 3 محمد بهجت جاد االله كشك-تنظيم المجتمع من المساعدة إلى الدفاع –المكتب العلمي للكمبيوتر والنشر والتوزيع- الإسكندرية - .36ص- 1996
• 4 أحمد زكي بدوي –معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية –مكتبة لبنان-بيروت -1993 -ص395.
• 5 محمد عاطف غيث-قاموس علم الاجتماع-دار المعرفة الجامعية- الإسكندرية 1997 -ص ص 390-393.
• 6 عبد المجيد سالمي وآخرون-معجم مصطلحات علم النفس –دار الكتاب المصري- القاهرة –ط4-1998-ص107.
• 7  سيد علي شتا - نظرية الدور والمنظور الظاهري لعلم الاجتماع-مطبعة الإشعاع الفنية –الإسكندرية –ط1-1999 -ص122.
• 8  سلمى محمود جمعة،طريقة العمل مع الجماعات،المكتبة الجامعية،الإسكندرية -2000- ص39.

♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا

تعديل المقال