مقدمة :
تشهد المجتمعات منذ بداية الأزل تقلبات وصراعات أيت الى تغيرات ، تتحرك فيها طبقاتها صعودا ونزولا ، حيث فرضت الحياة الاجتماعية على الفرد التعايش والتفاعل مع الآخرين ، بحكم انه كائن اجتماعي بطبعه ، الأمر الذي دفعه إلى السعي لتحسين وضعيته وتغييرها باستمرار ، فظاهرة وجود طبقات اجتماعية ظاهرة الا يكاد يخلو منها أي مجتمع انساني ، ولكنها تختلف من حيث الدرجة من ومن فترة زمنية إلى أخرى ، نتيجة لعوامل مختلفة منها السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية والثقافية ، هذا التغير بين الطبقات يطلق عليه علماء الاجتماع بالحراك الاجتماعي .
وتعتبر المدرسة من المؤسسات الاجتماعية التي تضطلع بمهمة التنشئة الاجتماعية ، من خلال اعداد الأفراد وتهيئتهم للحياة الاجتماعية ، وهي بالتالي ومن خلال عملية التعليم من أهم العوامل التي تؤدي الى عملية الحراك الاجتماعي .
مفاهيم الدراسة .
المدرسة ( المفهوم والنشأة ) :
بالرغم من إن المظاهر الأولى للتنشئة الاجتماعية تبدأ وترعرع في جو الأسرة إلا إنها لم تعد تستأثر وحدها بتلك التنشئة في عالمنا المعاصر وذلك نتيجة النمو المتزايد للأبحاث والتكنولوجيا مما أدى إلى الاهتمام بالتعليم عن طريق المدارس التي أوجدها المجتمع وأصبحت بناء أساسيا من أبنيته ، أوجدها لتقوم بتربية أبنائه وتنشئتهم ، حيث لا يوجد أي مؤسسة اجتماعية أخرى تمتلك من الفرص ما تمتلكه المدرسة ، فما هو تعريف المدرسة ؟ ومتى نشأت وما هي مراحل تطورها ؟ اشهد النصف الثاني من القرن العشرين ؛ نموا متزايدا للأبحاث والدراسات الاجتماعية التي تتناول المدرسة بالدراسة والتحليل ، وتمخضت هذه الأبحاث عن ميلاد علم الاجتماع المدرسي ، الذي يكرس نفسه لدراسة المدرسة وتقصي أبعادها كظاهرة اجتماعية تربوية .
ولم تكن الأبحاث الجارية في ميدان المسالة المدرسية ، وليدة الصدفة العابرة ، الترف العلمي ، بل كانت استجابة موضوعية ملحة ، اقتضتها التطورات الاجتماعية العاصفة التي انعكست على بنية المدرسة ووظائفها ، وعلاقاتها مع الوسط الاجتماعي ؛ وفي إطار هذه التطورات الجارية بدأت المدرسة تطرح نفسها كإشكالية اجتماعية بالغة الأهمية والتعقيد .
تعريف المدرسة :
تتباين تعريفات المدرسة وتحدياتها ، بتباين الاتجاهات النظرية ، وبتنوع مناهج البحث الموظفة في دراستها ، ويميل اغلب الباحثين اليوم الى تعريف المدرسة بوصفها نظاما اجتماعيا ، وفي إطار ذلك التنوع المدرسي يمكن استعراض مجموعة من التعريفات التي تؤكد تارة على بنية المدرسة وتارة اخرى على وظيفتها .
أما في الاصطلاح فيعرفها فرديناند بويسون على أنها : مؤسسة اجتماعية ضرورية تهدف إلى ضمان عملية التواصل بين العائلة والدولة من اجل إعداد الأجيال الجديدة ، ودمجها في إطار الحياة الاجتماعية .
ويعرفها فريدرك هاستن بأنها نظام معقد من السلوك المنظم الذي يهدف إلى تحقيق جملة من الوظائف في إطار النظام الاجتماعي القائم " .
وينظر أرنولد كلوس إلى المدرسة بوصفها " نسقا منظما من العقائد والقيم والتقاليد ، وأنماط التفكير والسلوك التي تتجسد في بنية المدرسة ، وفي إيديولوجيتها الخاصة "
في حين جاء مفهوم المدرسة حسب " ريمون بدون " في قاموس علم الاجتماع على أنها نظام اجتماعي يتكون من مجموعة وظائف الإدماج والحراك الاجتماعي ، وهو نظام تعليمي مستقل يضم مجموعات معرفية تعمل على كفاءة الأجيال الجديدة ، هدفها العمل من أجل استمرارية هذا النظام .
مرحبا بك في بوابة علم الاجتماع
يسعدنا تلقي تعليقاتكم وسعداء بتواجدكم معنا على البوابة