أخر الاخبار

العلم سر تقدم الأمم. د خالد عبدالقادر منصور التومي

العلم سر تقدم الأمم. د خالد عبدالقادر منصور التومي

العلم سر تقدم الأمم

تم التحقق من هوية الكاتب
إعداد .. الدكتور : خالد عبدالقادر منصور التومي

التخصص : العلوم الإدارية، العلوم السياسية، العلاقات الدولية.

العمل : مستشار خاص.

الدولة : طرابلس – ليبيا.  

أوجدنا هذه المعادلة النفيسة في مضمونها، و الراقية في معانيها، و المتناسقة في سرد بيانها، و التي مفادها أن : العلم نور العقل، و العقل موطن الأفكار، و الأفكار منبع الإبداع، و الإبداع روح التطور، و التطور سر تقدم الأمم.

و بهذا يكون العلم هو أهم أعمدة بناء الأمم و تقدمها؛ فبالعلم تُبنى الأمم و تتقدم، و يساعد على النهوض بالأمم المتأخرة، و يقضي على الأمية و الجهل و التخلف و الفقر، و غيرها من الأمور التي من شأنها أن تؤخر الأمة .. فالعلم من أهم ضروريات الحياة، كالمأكل و المشرب، و غيرها.

العلم .. هو أهم مقومات الحياة؛ فهو العصب الأساسي في تطور المجتمعات، و إنتاج وسائل يستطيع الإنسان من خلالها مواكبة العصور المزدهرة، و تنشئة مستقبل مشرق له و لعائلته و سائر مجتمعه، و لهذا نجد أن العلم يتلخص في قسمين، و هما :

العلم التاريخي .. و هو العلم الذي يستمده الشخص و يتناقله عبر الأجيال، و من ثقافة أجداده إلى آبائه حتى يصل إليه، و منه إلى أبنائه .. فهو ليس علماً مكتسباً في هذه اللحظة، أو سوف يُكتسب في المستقبل، و لكنه موجود بالفعل بوجود الأجداد و الآباء، و من الثقافة التي توارثتها الأجيال عبر الزمان.

العلم المعاصر .. و هو العلم الحديث و الضروري؛ لبلوغ غاية هذه الحياة، و لمعرفة مدى تطوراتها، و مسايرة العالم لكي يستطيع الإنسان العيش فيه، كما أنه يكتسب علماً غزيراً، و يزيد من خلفيته التعليمية و العلمية في هذا المجال.

إلا أن العلم .. لا يُكتسب بمجرد إرادة الإنسان ذلك، أو بمجرد إعجاب الفرد بالعلم و التعليم، و بذلك يصبح عالماً، و لكن هناك مقومات و وسائل، من شأنها أن تساعد على اكتساب العلم، سواءً في العصر القديم أو في العصر الحديث، و من أهمها :

الأسرة .. و هي المقوم الأساسي و الركيزة الأساسية في معرفة الإنسان بشتى نواحي الحياة، و أيضاً في المحافظة على هذه المعرفة و تنميتها.

الحاسب الآلي .. و ما يتصل به من الفضاء الافتراضي، أو بشكل عام وسائل التكنولوجيا، و الوسائط التقنية الحديثة التي تساعد الإنسان على اكتشاف معلومات أكثر و أكثر، و توفير ما يريده من معلومات و معارف .. حيث سُمي هذا العصر بثورة المعلومات.

المكتبات العامة .. و التي من شأنها أن تُساعد على تحصيل أكثر للعلم، في شتى العلوم و المعارف التي ترتقي بسُبل التحصيل العلمي لنيل النور الذي تُنار به العقول، و تتسع به المدارك؛ فتخلص فيه الأفكار النيرة، لتحاكي الإبداع الذي يحقق التطور في خاصة الأسرة، و منها إلى عموم المجتمعات.

إلا أن أهمية العلم لا تتوقف على تحصيل المعلومات فقط؛ بل تتعدى إلى ما بعد ذلك بمراحل، فالعلم نور كما يُقال، و نور الله لا يُؤتى لعاصٍ، فهو شعلة الأمم و نورها التي تُضيء الكون، فهو يصنع الحياة الكريمة الراقية، و بالعلم تنهض الأمم، و تتحضر الشعوب، و بالعلم فقط نستطيع أن نقضي على الأمية التي تورث الجهل، و أما العلم من شأنه أن يُعلم المجتمع حقوقه و واجباته، و بالعلم يستطيع الإنسان كسر الحواجز، و التخلص من الأزمات التي يقع فيها.

و من هنا .. لا يستطيع أحد أن يُنكر أن النمو الاجتماعي و الاقتصادي في أي دولة من الدول مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعلم، و لا يُنكر كذلك دوره في التقدم و النهوض بالدول، و أيضاً البحث العلمي هو أحد أهم مستحدثات العلم الحديث، الذي يُساعد على تطور المجتمعات؛ لأنه الركيزة الأساسية في تطور أي مجتمع؛ فإذا أردت أن تعرف و تقيس تطور أي مجتمع، فلا بد أن تنظر إلى مستواه العلمي بجانب المستوى التربوي، بالإضافة إلى أن البحث العلمي لا تظهر أهميتُه الكبيرة إلا في المجتمعات التي تمتلك مشكلات حقيقية، و قضايا مختلفة، و خاصةً في الدول النامية؛ التي تتعدد بها المشكلات، و القضايا الحياتية و الاجتماعية؛ كالإسكان، و البيئة، و الزارعة، و النقل، و التلوث.

فمن هنا يأتي دور البحث العلمي لتقديم المساعدة من خلال الدراسات التحليلية و الميدانية، و الأبحاث الكثيرة المستمرة عبر سنين، و الذي يتمكن في نهاية الأمر من إيجاد حلول حقيقيةً لتلك المشكلات؛ حيث يتم القضاء عليها نهائياً، و بالتالي يؤدي العلم غرضه المطلوب منه في هذا الشأن طبقاً للمقولة .. "إن غرض العلم و التعلم هو التحكم بعناصر الطبيعة و استغلالها لصالح الإنسان".

حيث أن البحث العلمي حالياً هو الأكثر تحقيقاً للنجاح، و القضاء على المشكلات العصرية التي تواجهها الأمم في هذا الوقت الراهن، و خاصةً المشكلات المتعارف عليها، و التي تُعاني منها المجتمعات، و بالتالي فإن نجاح البحث العلمي في مجتمعٍ ما .. يعني تقليل الفجوة بين الدول المتأخرة و الدول المتقدمة علمياً و تكنولوجياً، و ذلك من خلال أن نجاح البحث العلمي يعني القضاء أو الحد من المشكلات التي تواجهها الدول، و لذلك نجد الدول المتقدمة يهتمون حالياً بالدراسات و الأبحاث العلمية، و إجراء أبحاث شاملة من أجل الوصول إلى نتائج مُرضية لتلك الدول، تستطيع من خلالها القضاء على مشكلاتها.

و هنا يأتي دور الجامعات الحكومية، و حتى الخاصةِ منها، و بأنواعها المختلفة، بالإضافة إلى المعاهد، في الاهتمام بالطلاب، من أجل إخراج كوادر و عناصر منظمة و مدربة و مهيأةً، لكي تستطيع إجراء مثل هذه البحوث بأسهل الطُرق؛ حتى ننهض بمجتمعاتنا؛ فإن دور هذه المنابر العلمية لا يمكن إغفالها؛ حيث إن دور التعليم فيها جلي و واضح، و ذلك من خلال تحضر المجتمعات، و المساعدة على تطور الأبحاث العلمية للاستفادة منها، كما أن للتكنولوجيا الحديثة دوراً لا يمكن إنكاره؛ حيث أنها تكون الخطوة الثانية بعد أهمية العلم، و مفاد ذلك أن العلم هو الخطوة المُمهدة التي تسبق التكنولوجيا الحديثة؛ فهي تؤثر على نتائج البحث العلمي بالإيجاب.

ختاماً .. العلم أساس تقدم الأمم و نهضتها و تطورها في الحياة، و منافسة الأخرين و مزاحمتهم، لا تقليدهم تقليداً أعمى .. فالمتعلم بحق و إن قلد؛ وجد من خلال فكره و توسعه في العلم و اجتهاده في الحياة، ما يُغير به بشكلٍ أو بآخر من سبقه في ابتكار شيءٍ ما .. بما رأى و توصل إليه، من خلال قدرته الذاتية و الفردية أو الجماعية، بإنجازات وطنية، و تلك غايةً من الغايات حين نقول .. علينا مراجعة ثقافتنا لبناء مجتمع لا يقضي أوقاته من دون تدبر و حكمة؛ بل ينظر إلى المستقبل بكل مسؤولية، و يعي طريق كل من صنعوا بأممهم سُبلاً للنهضة و التطور و الرقي و التقدم و ريادة العالم، و ما كان لهم ذلك إلا من بعد أن بلغوا منازلاً من العلم، التي أهلتهم لتلك الدرجات العليا في الحياة، و التحكم في كل مراحلها و معطياتها و مقدراتها، و جعل الآخرين خاضعين لإراداتهم، و مستهلكين لمنتوجاتهم، و عاملين بأمر سيادتهم .. فبالعلم الذي هو أساس كل بصيرة و تدبر و نُضج و شق الطُرق الصعاب بكل عزيمة و إرادة؛ قويتين و متلازمتين.

اللهم انفعنا بما علمتنا، و علمنا ما ينفعنا، و زدنا اللهم بفضلك علما، اللهم أفتح لنا أبواب حكمتك، و أنشر علينا من رحمتك، و أمنن علينا بالحفظ .. اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، و أكرمنا بنور الفهم، و أفتح علينا بمعرفة العلم، و حسن أخلاقنا بالحلم، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، يا حي يا قيوم .. و صلِ اللهم و سلم على سيدنا محمد النبي الأمي، و على آله و صحبه، و على جميع الأنبياء و المرسلين في كل وقت و حين عدد ما وسعه علم الله العليم علام الغيوب الفعال لِما يُريد.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -