أخر الاخبار

سوسيولوجيا المؤسسات الاجتماعية pdf



سوسيولوجيا المؤسسات الاجتماعية pdf

  • المؤسسات وتنظيم المجتمع
  • العائلة وظائفها وتحولاتها: Les fonctions de la famille
  • المؤسسة التربوية وأهدافها المجتمعية:
  • المؤسسة الدينية في المجتمعات المعاصرة:
إن إيماننا بدور المؤسسات في تربية الأفراد هي المعيار الأساسي الذي يرسخ وجودنا في نظام مجتمعي أساسه التعاون ومشروعه تحقيق الإطار العام للعيش باستمرار اجتنابا لكل تهديد استقرار المؤسسات.
وهذه المقاربة الوظيفية للمؤسسة تعتبر المجتمع هو مجموعة من الأفراد موحدين حول قيم مشتركة إلا أن بعض التنظيمات خصوصا في ظل المؤسسات الرأسمالية تعرف نزاعات متعددة ناتجة عن المجتمع المعقد أي المركب من طبقات ومصالح مختلفة، أي أن المشاركين في تنظيم المجتمع يختلفون، ليس فقط في اقتسام الناتج الاجتماعي ولكن كذلك في أولويات التنظيم وغاياته، ويعتبر الوظيفيون هذه المعطيات عادية والارتباك الحاصل في المجتمع وضعا عاديا، يمكن تجاوزه عن طريق التفاوض Négociation حتى يتم التوصل لاتفاق l'entente وتنسيق Coordination، لكي تستمر المؤسسات في وجودها ووظيفتها.
ولكي ينظم المجتمع على أساس مؤسسات سليمة Saint ومستقرة تعتبر الوظيفية أن العلاقات الاجتماعية تنظم هي الأخرى على نمط من المراكز المتبادلة Statuts والأدوار Rôles، والذي يهم داخل مؤسسة ما هو مجموع الحقوق والواجبات في جماعة معينة، أما الذي يحدد السن والجنس والقرابة والزواج فهي مراكز الأفراد في كل المجتمعات. ويتحدد المركز كذالك عن طريق المهنة والمرتبة والطبقة وبعض الاعتبارات الأخرى. والمراكز التي يحتلها الفرد بالوراثة أو الولادة تسمى المراكز النسبيةStatuts Relatif  أما المراكز التي يصل إليها الفرد نتيجة جهوده وقدراته فتسمى المراكز المكتسبة Méritocratie. أما نمط السلوك الذي يصاحب مركزا ما فيسمى الدور الاجتماعيRôle sociale. ولذلك يشغل الفرد أدوارا متعددة في مختلف فترات حياته داخل المؤسسات التي ينتمي إليها. مثال: على مدى يوم واحد يلعب الفرد دور الأب والزوج في مؤسسة الأسرة والجار في الحي والأستاذ في المؤسسة التعليمية، أي أن التنظيم العضوي يؤدي إلى تعددية الانتماءات والأدوار والمواقف.
وخلاصة القول: إن المؤسسات بناء اجتماعي وأداة بواسطتها يُنَظَّم المجتمع الإنساني لتلبية الحاجات الإنسانية. 

بما أن الانتقاد الرئيسي الذي وجه للمدرسة الوظيفية هو إهمالها للعوامل الخارجية في التغير الثقافي، ستتطرق اليوم إلى كيفية التغير وأبعاده فيما يخص تقوية وتدهور بعض المؤسسات كالأسرة والدين.
من البديهي أنه عندما تتغير الثقافة تتغير المؤسسات لأن الثقافة من صنع الإنسان ولعل مفهوم الثقافة من بين المفاهيم الأكثر عقدة في الحقل السوسيولوجي ولكننا سنضع هذا التعريف البسيط: الثقافة مجموعة من العادات والممارسات والقواعد والمعايير التي يتم بها الوجود في المجتمع (طريقة اللباس المعتقدات الدينية طرق الزواج).
بما أن الثقافة من صنع الإنسان يكون التغير الثقافي عبارة عن عملية تفاعل إنساني مبني على الاختراع والمهارة، وليس معنى ذلك أن الثقافة من صنع فرد أو جيل محدد لأن من أهم خصائصها التراكم والدوام والانتشار.
وكل ثقافة مهما كان طابعها تخضع لعمليات التغير وفي المجتمعات الثابتة نسبيا أو المنعزلة عن المجتمعات الأخرى، قد يكون التغير بطيئا جدا، لأنه ليس هناك تداخل ثقافي بين المجتمعات الأخرى، وليست هناك تعددية ثقافية والهجرة تكون محدودة. ولكن التغير في المجتمعات الديناميت يكون سريعا جدا في ميادين كثيرة وفي مؤسسات عديدة مثل التكنولوجيا والعادات والاتجاهات الناتجة عن العولمة وكذلك في المؤسسة العائلية مع تعدد أنماطها، حتى أن الباحث السوسيولوجي يمكنه أن يميز بين الاختلافات الواضحة بين جيلين يعيشان نفس الفترة الزمنية، وقد ينبع التغير الثقافي من داخل المجتمع عن طريق الاختراع والاكتشاف وقد يأتي من الخارج عن طريق انتشار السمات الثقافية الجديدة، القول القديم " الحاجة أم الاختراع" فيه من الصدق ما يجعلنا نعيد صياغتها على الشكل التالي " الثقافة هي أم الاختراع" ويمكن أن نلخص أبعاد التغير الثقافي فيما يلي:
  •  1- تميل بعض نواحي الثقافة إلى التغير أكثر من نواحي أخرى، وهذا يرجع إلى طابع المجتمع ونمط الثقافة وربما كان هذا هو سر التخلف الثقافي في العديد من المجتمعات، فقد تتغير التكنولوجيا مثلا ولا يتغير نظام الأسرة أو القوانين المنظمة لعلاقات الشغل العمالية.
  • 2- قد يكون انتشار العناصر الثقافية نتيجة في الاتصال الغير مخطط له بين ثقافتين وقد يكون راجعا إلى تأثير وسائل الإعلام أو النشر وربما يكون نتيجة ثورة تغير من نظام الحكم ومن التنظيم الاجتماعي.
  • 3- تكون الاختراعات من ثقافات أخرى أسهل في اعتناقها أو الأخذ بها أثناء الأزمات أو في أوقات التفكك الاجتماعي بعكس الحال أثناء فترات الاستقرار.
  • 4- يقبل الناس عناصر الثقافة الجديدة إذا تأكدوا من فائدتها وبشرط ملائمتها لبقية عناصر الثقافة.


تعتبر الأسرة من المواضيع التي نالت اهتمام الباحثين وقد عبر الكثير منهم عن المكان الهام الذي تشغله الأسرة في المجتمع بطرق متعددة حتى إن تعريفات علم الاجتماع في وقت كانت تجعل الأسر الموضوع الرئيسي لهذا العلم مثلا دوركاييم الذي أسس مجلة " السنة السوسيولوجية" "L'année sociologie" وكان دوركاييم هو المسؤول عن موضوع التنظيم العائلي في هذه المجلة "Organisation domestique".
أليكسيس طوك فيل في كتابه المشهور الديمقراطية في أمريكا دافع على الفكرة "أن نموذج العلاقة بين الأب والابن هو المعيار الأساسي لمعرفة النظام السياسي السائد في مجتمع ما، في ظل النظام الديمقراطي أكد طوك فيل Alexis De Tocqueville  بأن الابن يعتبر أباه متسلطا تكون العلاقة بينهما علاقة الحوار والصداقة والتفاهم في نظام أرستقراطي تكون العلاقة بينهما مبنية على البروتوكول Le protocole، إذا أراد الابن التكلم مع والده فعليه أن يطلب موعدا معه.
تعريف الأسرة:
( من المواضيع الكلاسيكية التي عني بها في علم الاجتماع) هناك عدة تعاريف وأنماط من الأسر.
*التعريف التقني: الأسرة عبارة عن منظمة دائمة نسبيا تتكون من زوج وزوجة وأطفال أو بدونهم، ويلاحظ بأن الوظائف الجنسية والأبوية من العناصر التي تميز الأسر في كل الثقافات، ويلاحظ أن الزوجين والأبناء هم القوة البشرية الأولية الضرورية لإعادة إنتاج المجتمع.
التعريف الانطربلوجي: تتكون الأسرة من امرأة وطفلها ورجل يرعاهما، وغالبا ما يكون الرجل أبو الطفل وفي بعض الثقافات يكون أخ الزوجة، ونجد هذا النمط العائلي في بعض المجتمعات البدائية.
التعريف السوسيولوجي: الأسرة هي النظام الإنساني الأولي ومن أهم وظائفها تربية الأولاد للمحافظة على النوع الإنساني Genre humaine، كما أن التنظيمات الأخرى تمتد أصولها في الحياة العائلية، أي أن أنماط السلوك الاجتماعي، الاقتصادي والضبط الاجتماعي والتربية والترفيه والدين نمت في أول الأمر داخل الأسرة، ولكن الأسرة في تعريفها السوسيولوجي تختلف بأنواعها وأنماطها من ثقافة إلى أخرى، وسنحاول تصنيف وترقيم أهم هذه الأنماط.

 أولا: سنبدأ بالنمط السائد في المجتمعات التقليدية، وهو نمط الأسرة الممتدة Famille élargie، أو العائلة التي تحتوي على عدد من الأسر سواء كان النسب فيها للرجل أو المرأة ويقيمون في مسكن واحد،.
ثانيا: النمط السائد في المجتمعات المعاصرة، الأسرة النواتية (النووية)،وهي التي تحتوي على زوج وزوجته وأطفالهم غير المتزوجين، وهي النمط السائد في المجتمعات المعاصرة، وتتسم الأسرة النووية بقوة العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة نظرا لصغر حجمها. يمكن القول بأن هذا النمط مستمر لفترة مؤقتة حيث تتكون من جيلين فقط وتنتهي بانفصال الأبناء وموت الأبوين أو أحدهما، كما تتميز بالطابع الفردي للحياة الاجتماعية.
 الأسرة المركبة  Famille recomposée، هي الأسرة التي يكون فيها الأزواج أبناء من زوج سابق.

العائلة وظائفها وتحولاتها: Les fonctions de la famille

هناك شبه إجماع بين علماء الاجتماع على أن الأسرة تقوم بعدد من الوظائف وهي الإنجاب وإعطاء مكانة للفرد وغير ذلك من الوظائف: 
  • 1- تنظيم السلوك الجنسي: يلاحظ أن التزاوج ظاهرة فيزيولوجية تخضع لمجموعة من الضوابط الثقافية تجعل العلاقات الجنسية إجبارية لبعض الأشخاص ومسموحا بها للبعض الآخر وممنوعة للباقين، ويجب أن نميز هنا بين التزاوج والزواج، فالتزاوج قد يحدث خارج الزواج، كما يمكن الزواج بدون تزاوج لأن الزواج يتكون من القواعد والتعليمات التي تحدد حقوق الزوج والزوجة وواجباتهما وكذا امتيازاتهما كلا إزاء الآخر أو إزاء الأقارب وإزاء المجتمع ككل. ولهذا يعتبر الزواج اتفاقا تعاقديا يعطي العلاقات الاجتماعية التي تكون الأسرة طابعا رسميا ثابتا، وعلى الرغم من أن عددا من المجتمعات تسمح بالخبرة الجنسية قبل الزواج إلا أن مجتمعات أخرى تضع عقبات متعددة إزاء هذا النوع من العلاقات الجنسية قبل الزواج، ومعنى هذا أن المسموحات الجنسية تختلف اختلافا كبيرا من ثقافة لأخرى، بل يختلف المجتمع الواحد في أقسامه المختلفة إزاء النظر إلى هذه الخبرة الجنسية التي تمارس خارج نظام الزواج، يظهر اهتمام المجتمعات في المسائل المتعلقة بالعلاقات الجنسية في كثرة القواعد الاجتماعية والقانونية التي تتصل بشؤون الجنس والزواج.
  • 2- العناية بالأطفال وتربيتهم: من أهم وظائف الأسرة إنجاب الأطفال والإشراف على تربيتهم ورعايتهم وبذلك تكون للأسرة مسؤولة في عمليات التنشئة الاجتماعية التي يتعلم الطفل من خلالها القواعد الثقافية، في صورة تؤهله فيما بعد لمزيد من الاكتساب وتمكنه من المشاركة التفاعلية مع غيره من أعضاء المجتمع.
  • 3- التعاون وتقسيم العمل: يكون الرجل والمرأة فريقا متعاونا على الأقل من الناحية الاقتصادية، أو ينقسم العمل داخل الأسرة بين الرجل والمرأة بالمسائل المتعلقة براحة الطفل وتربيته وتوجيهه، كما تختلف المجتمعات في مبلغ مشاركة الرجل والمرأة في مسألة النهوض بهذه المستويات، ويلاحظ أن الإشراف على المنزل ورعايته من الأعمال الهامة التي تتحمل المرأة مسؤوليتها.
  • 3- الإشباع: تعتبر الأسرة الجماعة الأولية الهامة التي توفر للطفل أكبر قدر من الحنان في التكامل الانفعالي والعاطفي عند أعضاء الأسرة، ويلاحظ أن هذا الإشباع لا يقتصر على الأطفال فقط بل على الكبار كذلك.

المؤسسة التربوية وأهدافها المجتمعية:

مقدمة: في البداية يجب القول أن التربية هي العنصر الأساسي في عملية التنشئة الاجتماعية وهذه العلاقة تنتمي إلى حقل السوسيولوجيا التربية وتعد التربية المحرك الأساسي للتطور المجتمعي وذلك من خلال اتجاهين: إعداد عالم الغد وتكوين الطفل لمساندة هذا المشروع لأن المستقبل ليس تلقائيا أو عفويا أو عشوائيا بل عالم مخطط له بعقلانية أي عن طريق عملية التنشئة الاجتماعية وتربية فعالة تضمن كل الحقوق والواجبات لأطفال اليوم أي لمواطني الغد.
هناك ثلاثة أسئلة: 
* ما هي سوسيولوجيا التربية؟
* كيف تناول الكلاسيكيون والمعاصرون في علم الاجتماع المؤسسة التربوية؟
* ما هي المشاكل التي تعاني منها هذه المؤسسة؟

1- تعريف سوسيولوجيا التربية:

سوسيولوجيا التربية هو ذلك العلم الذي يطبق مبادئ علم الاجتماع (الموضوعية) ويعتبر أن التربية تمارس تأثيراتها لا في المدرسة فحسب بل من خلال مؤسسات اجتماعية كالأسرة والبيئة المحلية والمجتمع المدني وما يوجد فيه من وسائط ثقافية أخرى. وميدان سوسيولوجيا التربية يتميز بالانفتاح والنقد والتساؤل المنظم حول الشروط السوسيو ثقافية العلمية لاكتساب المعرفة، ومن هنا نصل إلى القول بأن البحث في التربية يتجه نحو اعتبار المؤسسة التعليمية والعائلية من القنوات التربوية التي يجب مسائلتها باستمرار، وسوسيولوجيا التربية كفرع من فروع علم الاجتماع تتميز بتعدد القضايا التي تشتغل عليها والباحث في هذا الحقل السوسيولوجي يتساءل دائما عن علاقة التربية بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.

2- الكلاسيكيون والمؤسسات التربوية: (دوركايم، فيبر، ماركس)

كان دوركاييم من الأوائل الذين تطرقوا إلى المؤسسات التربوية في نهاية القرن  19 لأن دوركايم يحمل مشروعا إصلاحيا في فرنسا (الجمهورية الثالثة ) وحدد موقفه من التربية على أنها شيء اجتماعي تضع الطفل في وضع مباشر مع مجتمع محدد وأنها (التربية) تطبيع اجتماعي أولي. ويعرف دوركايم التربية بأنها الفعل الممارس من طرف الجيل البالغ تجاه الأجيال التي لم تتأهل بعد للحياة الاجتماعية وهدفه –الفعل الممارس- هو إعطاء الطفل القدرات الثقافية والذهنية التي يتطلبها منه مجتمعه ككل وتتطلبها منه البيئة المقرر أن يعيش فيها..
والتطبيع الاجتماعي الذي يتحدث عنه دوركايم هو تلك الآلية التي تؤدي بالطفل إلى دمج نمط حياة سائد في المجتمع حتى يدخل بنجاح في البيئة الاجتماعية أي في نظام العلاقات الاجتماعية.
ويؤكد دوركايم على دور الدولة في الإشراف على التربية باعتبارها الساهرة على تسيير المؤسسات التربوية لإنتاج ذلك الإنسان المطلوب والمرغوب فيه اجتماعيا ويرى دوركايم أن هدف التربية هو تحقيق الإنسان كما يرد المجتمع أن يكون أي نظام من الأفكار والمشاعر والعادات التي تعبر عن شخصية الفرد، عن شخصية الجماعة والمجتمع الذي تنتمي إليه كالعقائد الدينية والممارسات الأخلاقية والمشاعر المجتمعية.
ماكس فيبر: عالج أيضا في كتابه "الاقتصاد والمجتمع" الروابط بين أنواع تنظيمات السلطة وأنواع الأفكار التربوية:

1- السلطة التقليدية تؤدي إلى نمط تربوي تقليدي.

2- السلطة الكاريزمية تؤدي إلى نمط تربوي يعتمد على شخصية المعلم أو الأستاذ (نجد مثلا المعلم الفرنسي يكفيه لقبه الخاص Instituteur خلال ثورة 1789 واحتل مكانة أدبية بارزة في عهد دوركايم ) وقد لعب المعلم في 1817 دورا مماثلا ابتداء من أواخر القرن 19 في تحويل أطفال المهاجرين إلى مواطنين أمريكيين 100بالمائة.
3- السلطة العقلانية تعتمد على تقنيات بيداغوجية عقلانية وفعالة اقتصاديا.
أما كارل ماركس فقد خصص بعض الصفحات من كتبه "رأس المال" إلى المؤسسة التربوية التي يعتبرها كآليات إيديولوجية في خدمة الدولة البورجوازية الفرضية التي تناولها لويس آلتوسير في نص مشهور "الآليات الإيديولوجية للدولة".

بالنسبة للمعاصرين هناك اسمين وعمل سوسيولوجي لا يمكن إهماله بين بورديو وجون كلود باسرون يتجلى في كتاب عنوانه "الورثة" les héritiers وهو يحمل نظرية واتجاها نقديا أيده كل علماء الاجتماع.

ما محتوى هذه النظرية؟

انطلاقا من الإحصاء الميداني اكتشف بورديو أن هناك علاقة وطيدة بين ولوج الطلبة للمعاهد والجامعات والوضع الاجتماعي أي أن الإرث الثقافي ينطلق بطريقة مكشوفة وغير مباشرة ويؤدي ذلك إلى التفاوتات المعرفية بين طلبة العائلات الوسطى أو النخبة وأولئك المنتمين لطبقات مهمشة (شعبية Les classes populaire)، ويعود ذلك على تفاوتات طبقية ووظيفة المدرسة هي ترسيخ الواقع الطبقي وتقويته.
من بين العناصر كذلك نجد رايمون بودون Raymond Boudon، الذي ألف كتابا مشهورا "اللامساواة في الحظوظ" L'inégalité des chances، يحاول بودون من خلال هذا الكتاب إيجاد علاقة بين التربية والحراك الاجتماعي La mobilité sociale، وقد تطرق بالخصوص إلى اللامساواة  أمام التربية قائلا: "إن المستوى الثقافي للعائلة هو المسؤول عن النجاح المدرسي للطفل". وتجدر الإشارة إلى أن رايمون بودون Raymond Boudon من أنصار منهج الفردانية المنهجية.
الطفل الذي يتشبه، خلال عملية التنشئة الاجتماعية بواسطة المؤسسة العائلية، بفكرة التنافس والتفوق في الصراع يكون مؤهلا للنجاح في دراسته وهنا يبرز دور المحيط العائلي وكذلك الفرق بين الرأسمال الاقتصادي والرأس مال الثقافي في تنشئة الطفل: أي أن ذوي الرأسمال الاقتصادي يفضلون امتلاك بعض الثروات كاقتناء الفيلات والسيارات الفخمة والقيام بالأسفار، بينما ذوي الرأسمال الثقافي يهتمون بالقراءات والمطالعة والاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية.
وإذا كان معظم السوسيولوجيين يعتبرون أن هناك اللامساواة أمام التربية فإن بعض المقاربات تستحضر بعض العوامل السيكولوجية لتفسير الفشل الدراسي عند الأطفال، ويمكن ترقيم هذه العوامل كالتالي:
مستوى الطموح: Le niveau de l'ambition
إذا كان هذا المستوى لائقا يمكن للطفل أن يحقق المزيد من التفوق والامتياز والتفرد.
عقدة النجاح: Le syndrome de la réussite 
 أحيانا الجو العائلي المبني على المنافسة وتحديد أدوار أفرادها ومراقبة سلوكهم مراقبة صارمة يؤدي عند الطفل إلى "هابتوس أهمية النجاح"، ويكون الطفل في ظل هذا الجو العائلي غير قادر على مواجهة هذا الإكراه وبالتالي يكون لنفسه عقدة النجاح التي تؤدي إلى الفشل الدراسي، فوبيا المدرسة La phobie de l'école. 

المؤسسة الدينية في المجتمعات المعاصرة:

يقول دوركايم أن منبع كل المؤسسات الاجتماعية هو الدين، لكن قبل دوركايم نجد أوكست كونت August conte الذي اخترع اسم السوسيولوجيا ووضع في مقاربته لعلم الاجتماع الوضعي قانون الحالات الثلاث مفاده: "أن الفكر الإنساني قد تطور من مرحلة الثيولوجيا (المجتمعات البدائية والقديمة) إلى المرحلة الميتافيزيقيا (مجتمعات العصور الوسطى) حتى وصل إلى المرحلة الوضعية (المجتمعات الحديثة التي بدأت منذ القرن 19)، والملاحظ أن August conte قد نظر إلى التفكير الثيولوجي بوصفه خطئا عقليا عرقل مسيرة ظهور العلم الحديث وفير المعتقدات الدينية تفسيرا سيكولوجيا على ضوء العمليات الإدراكية التي كانت لدى الإنسان القديم، وعلى الرغم من أن August conte قد أظهر في فترة لاحقة إيمانه بوجود دين للإنسانية مؤكدا بذلك الحاجة العامة للدين، إلا أنه لم ينجح في وضع هذه الأفكار اللاحقة في تصوراته الأساسية.
لقد شهد القرن 19 علماء الاجتماع الذين درسوا الدين ويعتبرون أنه ظهر في المجتمع نتيجة للخوف والقلق تجاه الظواهر الطبيعية التي لا يستطيع العقل البشري شرحها شرحا علميا، فماركس مثلا يعتبر المذاهب الدينية بوصفها اديولوجيات تحكم أنماط مختلفة من المجتمعات أي أنه لم يهمل دور الدين في عملية الضبط الاجتماعي.

المؤسسة الدينية (تتمة)

أما فرايزر فقد ميز بين السحر والدين: السحر يؤكد سيطرة الإنسان على عمليات الطبيعة أما الدين فيؤكد الإيمان بقوى أعلى من الإنسان ومحاولة التقرب منها وإرضائها، السحر والدين غالبا ما يتداخلان حتى في المجتمعات الحديثة.
أما دوركايم فقد تبنى اتجاها آخر في دراسة الدين بوضوح في كتابه "الصور الأولية للحياة الدينية" وميز بين الأشياء المقدسة والأشياء المدنسة Les choses sacré et profane، فالدين لدى دوركايم "نظام موحد للمعتقدات والممارسات المتعلقة بالأشياء المقدسة أي الأشياء التي يتعين تحريمها وتجنبها. ووظيفة المعتقدات والممارسات السائدة في المجتمع هي التوحيد بين الذين يؤمنون بها.
من هذا التعريف يتضح لنا أن وظيفة الدين هي تأكيد السمو الأخلاقي للمجتمع وسيطرته على الأفراد ثم تحقيق تضامن المجتمع.
أما بالنسبة لماكس فيبر فقد ناهض الفكر الماركسي وطرح بكل وضوح أن الأخلاق الدينية هي المحرك الأساسي للسلوك الاقتصادي في كل المجتمعات، وكتب ريمون آرون Reymont Aron في هذا الصدد أن ماكس فيبر يريد أن يؤكد قضيتين هما: 
أن سلوك الأفراد يفهم في إطار تصورهم العام للوجود وتعتبر المعتقدات الدينية وتفسيرها إحدى هذه التصورات للعالم والذي يؤثر في سلوك الأفراد والجماعات بما في ذلك السلوك الاقتصادي.
أن التصورات الدينية تحدد هذا السلوك كما في وسعها تغييره.
أما بالنسبة لابن خلدون فقد ساهم في قيام علم جديد للمجتمع أسماه "العمران البشري"، والدين يؤدي بالإنسان إلى الخضوع والاطمئنان ومحاربة العصبية.
أما بالنسبة للنظريات الحديثة حول الدين فكلها تعتبر أن المعتقدات الدينية أساسية في المجتمع ولها علاقة حميمة مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى.

فمن بين الإشكالات التي تطرح اليوم في علم الاجتماع نجد:

التطرف الديني: ما هي أشكاله؟ ما هي العوامل المؤدية إليه؟ كيف يمكن محاربته؟ وهناك عدة دراسات ميدانية في سوسيولوجيا الأديان والسوسيولوجيا السياسية: محمد طوزي M.Tozi.
الدين في العلاقات الدولية: La religion et les relations nationaux يعتقد هنتينتون أن العالم يتكون من عدة حضارات وهي: الصينية، اليابانية، الهندية، الإسلامية،  الغربية، الإفريقية،وأمريكا اللاتينية. والصراع هو الذي يحكم هذه العلاقة بين الحضارات وهذا الصراع أساسه الثقافة والدين.
الطوائف Sectes وكيفية تنظيمها وأهدافها: الطائفة هي جماعة دينية أو سياسية تفترق عن الديانات السماوية (أي هناك قطيعة مع المجتمع)، يقومون بغسيل الدماغ خاصة للأطفال الأبرياء والضغط على الحكومات لتعترف بها.

سوسيولوجيا المؤسسات الاجتماعية pdf

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -