يطرح لقول بوجود سوسيولوجيا حول المغرب ان المجتمع المغربي خضع للبحث من طرف مؤسسات او افراد، لذلك فان مثل هذا القول يفرض علينا جملة من التساؤلات والتي سنحاول الاجابة عنها .
واول هذه الاسئلة :
- في اي سياق اصبح المغرب موضوعا للبحث السوسيولوجي ؟
- ومن كان يحرك هذه الابحاث ويقف خلغها ؟
- وما هي الرهانات التي تحكنت في هذه الابحاث ؟
- ومن هم الباحثون الذين طبعوا هذه السوسيولوجيا ؟ وماهي مراحل هذا البحث ؟
- وكيف يمكن تأريخ مسيرة البحث المنجز حول المغرب ؟ وما هي الموضوعات والظواهر التي اسأثرت بالبحث السوسيولوجي ؟
- وما هي درجة الوجاهة والعليمة في هذه الابحاث ؟
- هل كانت بدوافع علمية محضة ؟ ام وجدت دوافع اخرى ؟
- وما هي هذه الدوافع ؟
- وكيف يمكننا الان ان نتعامل مع هذه الابحاث والتنائج التي تم التوصل اليها ؛ هل نقبلها ام نرفضها جملة وتفصيلا ؟ هل نتعامل معها بانتقائية ؟ كيف يمكن الاستفادة منها ؟ هل ما زالت تمتلك الى يومنا هذا علميتها وجدارتها ؟
- هل يمكن الاستناد اليها في فهم المجتمع المغربي في الراهن ؟
ان السوسيولوجيا كتخصص علمي متكامل من حيث الموضوع والمنهج لم يتبلور الا في سياق تاريخي محدد وارتبط بشكل رئيسي اساسي بظهور الرأسمالية وما رافقها من ظواهر ومشاكل والتي نتجت عن عمليلت التصنيع في المجتمعات العربية كظاهرة الهجرة والبطالة وغيرها.
فالسوسيولوجيا من هذه الزاوية كانت استجابة لضرورات داخلية فرضتها التحولات التي اقترنت ينشات الراسمالية، وفي نفس الوقت شكلت محاولة لفهم وتفسير التحولات والتغيرات وكان ذلك بهدف الضغط والتحكم.
لكن حينما يتعلق الامر بمجتمعات تقليدية لم تعرف التصنيع والراسمالية وما زالت في المرحلة الزراعية فبأي معنى يمكن الحديث عن سوسيولوجيا ؟
ان الجواب عن هذا التساؤل يكمن في فهم السياقات التاريخية التي عرفتها المجتماعات الاوربية ... دائما ما نتيجة عمليات التصنيع وما رافقها من تحولات عميقة والتي مست كل البنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وعلى مختلف الاصعدة وجدت اوربا نفسها مجبرة على التمدد والتوسع اما بحثا عن اسواق خارجية لمنتوجلتها المصنعة او لجلب المواد الاولية التي كانت محاجة اليها.
هكذا بدأ ما عرف بالاكتشافات التي ارتبطت بالحركة ... فكان بداية اهتمام الاوربي بالاخر النختلف ثقافيا وبذلك تشكلت تخصصات ,,, في مختلف العلوم الاجتماعية والتي حاولت فهم هذا الاخر المختلف .
المغرب كموضوع للكتابة :
يرجع الاهتمام بالمغرب كموضوع للبحث او موضوع للكتابة بشكل عام الى ق 16غير ان هذه الكتابات خلال هذه المرحلة تميزت بطابعها الغرائبي والذي يعني الانجذاب نحو الأخر المختلف ثقافيا عن الأنا .
تمركزت هذه الكتابات بحكم خاصيتها الغرائبية على نوع من التمركز حول الذات اذ حاولت ان تبرز جملة من الثنائيات ةالتي ... الدات الكتابية في علاقتها بالدات المكتشفة او المبحوث عنها .
وتمثلت هذه الثنائيات في :
لا تيني - بربري
مسلم - مسيحي
بدائي - ضحاري
متحضر - متوحش
يبد ان اغلكتابة حو ل المجتنمع المغربي ستعرف قمتها في ق 19 اذ خلال هذا القون بدأت تشتد الضغوط حول المغرب من خلال الحدود المغربية الجزائرية ذلك ان الجزائر كانت مستعكرة فرنسية واتخذت هذه الضغوط طابعا مسلحا حيت انهزم المغرب في معركتين . شهيرتين 1844 ومعركة تطوان 1860.
كشفت هاتين المعركتين هشاشة الوضع الداخلي بالمغرب الامر الذي سيذكي المزيد من الاطماع وسيدفع الدول الاوربية الى تعزيز مواقعها ذداخل المغرب ففرنسا اعتبرت المغرب هذفا استراتيجيا بخحكم قربه من مستعمرتها الجزائر ا فرض عليها حماية مكتسباتها في الجزاشئر اذ حسم التنافس حول المغرب لصالحها ومن جانبها وقعت انجلتيرا اتفاقيات تجارة مع المغرب تتعلق بغتح الاسواق والحماية القنصلية.
اتخذ التنافس شكل لهثات استكشافية بين الدول الاوربية وصاحب هذه الاكتشافات تطور في العلوم الاجتماعية والانسانية وبالخصوص في الجغرافيا كما اقترن ذلك ببداية الاستشراق المنظم . ثم ان فرنسا وبحكم وجودها على الحدود مع المغرب كانت لها حصة الاسد بكل ما يتعلق بالبعثات الانسانية والدراسات والابحاث.
استطاعت الإدارة الفرنسية بالجزائر وبتنسيق مع الحكومة الفرنسية جمع رصيد هام من الوثائق حول شمال إفريقيا؛ وبالخصوص حول المغرب باعتباره هدفا استراتيجيا، وشملت هذه الوثائق كل جوانب الحيات سواء الاجتماعية او الدينية او الاقتصادية، حتى الجغرافية وغيرها ...وبموازاة هذا التنافس بين الدول الأوربية حول المغرب من خلال ارسال البعثات والقيام بالدراسات والابحاث، اذ اعتبر الصراع حول المغرب يمر عبر امتلاك اكبر قدر من المعرفة، اذ مبوازاة هذا التنافس كان هناك تنافس آخر يدور داخل الأوساط الفرنسية، ونعني بذلك فرنسيو المترو بول وفرنسيو الجزائر بهدف التحكم في البحث العلمي، ولهذا الغرض تكتلت الأطراف المتنافسة ضمن مؤسسات ومهيآت وشكلت جماعات الضغط، فظهرت لجنة المغرب ولجنة إفريقيا الفرنسية، هذه اللجان كانت تضم سياسيين ودبلوماسيين، علماء، شخصيات من عالم الاقتصاد، وشخصيات أخرى مؤثرة في الحياة العامة. كما تشكل لوبي قوي عرف بالحزب الكولونيالي والذي أسسه أوحين إتيان والذي ضم تحالف واسع بين العسكريين رجال أعمال إداريين ومثل هذا الثالث فرنسيو الجزائر.
المحور الثاني : السوسيولوجيا الكولونيالية
.البعثة العلمية
شكلت سنة 1890 حدثا مهما في تاريخ البحث العملي حول المغرب اذ هذه السنة عين جلكامبو حاكما على الجزائر وعرف عن هذا الحاكم انه كان من دعاة الاستعمار الجديد أي الاستعمار المبني على العلم والمعرفة، وكانت أفكار هذا الحاكم تتطابق مع أفكار الحزب الكولونيالي، وأعطى هذا التعيير قوة للبحث العلمي حول المغرب وبالفعل مول ( جول كابمو ) نشرة من أربعة اجزاء وهي : وهي وثائق لدراسة الشمال الغربي لإفريقيا، وبذلك بدا وكأن كفة البحث العلمي تميل لصالح فرنسيي الجزائر، غير أن تشكل لوبي اقتصادي ... أعاد خلط الأوراق من جديد ، متمثل هذا اللوبي في اتحاد شنايدر الذي ساهم في حسم التنافس لصالح المترو بول، يضاف الى ذلك انشاء الشركة المغربية واتحاد الابناك الذي كان يقوده بنك باريس والبلاد المنخفضة، وبدأ هذا التحول من خلال إنشاء كرسي السوسيولوجيا الإسلامية سنة 1902 من طرف الفريد جورج ؛ وإن كانت ارهاصات هذا الكرسي ترجع الى قبل هذا التاريخ وتمثلت أهداف هذا الكرسي في تكوين منظرين في الشؤون الأهلية أو اعداد جيل من الأطر والباحثين الذين شتوكل اليهم عمليات التدخل الاستعماري وإدارة شؤون المغرب بعد احتلاله، وذلك على اساس من العلم والمعرفة، غير أن هذا الكرسي سرعان ما تفرعت عنه بعثة علمية صغيرة عرفة بالبعثة العلمية بالمغرب والتي كان مقرها طنجة 1904 .تميزت شخصية le chatelier وكان يمتلك قدرة كبيرة على التخطيط، بحيث استطاع في فترة قصية ان ينشئ سوسيولوجيا او كرسي السوسيولوجيا الإسلامية والذي سرعان ما وسع من نشاطه، فأصبح بعثة علمية مرتبطة بهذا الكرسي، وبهذه الخطوة انهي le chatelier طموحات الجزائر فيما يخص التحكم بزمام البحث العلمي، الأمر الذي أثار استياء أعمدة مدرسة الجزائر وبالخصوص ادموند دوتي، وقد زاد الاستياء حين عين (gorge salamon ( على راس هذه اليعثة فوجهت له العديد من الانتقادات، اذ اعتبر غير مؤهل ليشغل هذا المنصب فهو يمتلك شهادة من معهد الآثار بمصر ، غير أنه رغم هذه الانتقادات استطاع ان يثبت جدارته وأحقيته لهذا المنصب، اذ تمكن وخلال شهور قليلة من تعيينه؛ من اصدر المجلد الأول من المحفوظات المغربية في ماي 1904 .
عرف عن le chatelier انه مؤسس البعثة العلمية بالمغرب، وقبل ذلك ضابط لشؤون الأهلية لمدة عشر سنوات، كما شارك في بعض البعثات الاستكشافية وعمل ملحقا عسكريا "1896 1886" زار العديد ممن الدول العربية والاسلامية، منها المغرب مصر تركيا أهم حدث طبع حياته واثر عليه وبالخصوص على مصيره المهني والعلمي قتله ellis harry مؤسس اللجنة الافريقية في المنازلة؛ الامر الذي اكسبه عداوات وفي نفس الوقت صداقات، ونتيجة لذلك توقف نشاطه لكن سنة 1900 أعيد الى الحياة السياسية من خلال اصداره لرسالة تحت عنوان رسالة الى فرنسي الجزائر حول السياسية الصحراوية ، لقيت هذا الرسالة الكثير من التاييد وبذلك استعاد نشاطه العلمي .
بعد gorge salamon تولى Michaus bellair الذي في عهده عرفت هذه البعثة تحولا كبيرا اذ ازداد دورها وتحدد اهدافها، ولم يعد خفيّاْ دورها : كأداة في المشروع الاستعماري . حدد ميشو بيلير أهداف البعثة كما يلي: ( ان هدف هذه البعثة هو البحث في عين المكان عن وثائق تسمح بدراسة المغرب وبإعادة تشكيل تنظيمه وحياته، وذلك ليس فقط من خلال الكتب والوثائق، بل وكذلك الاعتماد على المعلومات الشفاهية وتراث القبائل والزوايا والأسر ...) إذن الامر يتعلق بدراسات سوسيولوجية.
تحددت اذا وظيفة البعثة العلمية في التعرف على المجتمع المغربي بالشكل الذي سمح بالتحكم فيه وضبطه، فالمغرب سيصبح في قادم الأيام جزءا من التراب الفرنسي، او على الأقل سيكون تحت الإدارة الفرنسية، وعلى هذا الأساس تشكل الوعي بضرورة التدخل في المغرب انطلاقا من أسس تنبني على العلم والمعرفة، وبهذا المعنى اعتبر (ميشو بيلير) المخطط الأول للبحث السوسيولوجي الكولونياني حول المجتمع المغربي، اذ ساهم في نشر 20 مجلدا من المحفوظات المغربية، كما كتب أكثر من 20 دراسة، واصدر بالتعاون مع (جورج ستون) العمل الضخم والذي شكل بيبلبوغرافيا حول قبائل ومدن المغرب.
ولد (ميشو بيلير) سنة 1857 بمدينة هوان واستقر بمدينة طنجة سنة 1884 كلف بالعديد من المهام داخل المغرب، عمل قنصلا بالقصر الكبير، تعاون مع جورج سلمون في إنشاء وإدارة البعثة العلمية بطنجة، والتي أصبح مديرا لها بعد وفاة سلمون، ثم عين مستشارا للشؤون الأهلية سنة 1926 الى ان مات سنة 1940 بالرباط .
قدمت البعثة العلمية مادة ضخمة حول المجتمع المغربي وشكلت مرجعا لا يمكن الاستغناء عنه في كل ما يتعلق بالسياسات الاستعمارية، سواء ما تعلق بعملية التدخل او سياسة التهيئة، لذلك وبمجرد ما أعلنت الحماية ستصدر بتاريخ 13 اكتوبر 1913 ظهيرا والتي مقتضاه أصبحت البعثة مؤسسة قانونية.
ارتبط البحث السوسيولوجي بالمغرب ارتباطا وثيقا بالتدخل الاستعماري ومختلف العمليات السياسية والعسكرية، والتي اقترنت بعمليات الضغط والتحكم فإلى جانب البعثة ووضعها القانوني الجديد، أنشأت الإدارات الاستعمارية القسم السوسيولوجي التابع للاستعلامات، وفي سنة 1920 سيتم توحيد البعثة والقسم السوسيولوجي والمدرسة العليا ... ( كلمة مفقودة ) واللهجات البربرية في مؤسسة سيطلق عليها المعهد العالي للدراسات المغربية والذي كان مقره بالرباط وضم هذا المعهد قسما خاصا بالانثروبولوجيا والسوسيولوجيا واشرف عليه (روبير مونطاني) وابتدادا من سنة 1929 اصدر هذا المعهد (حملة هسبريس) والتي اختصت بالدراسة المتعلقة بالمغرب .
المجتمع المغربي من خلال البحث الكولونيالي
• ميشو بيلير :
يعتبر ميشو بيلير المخطط الاول للبحث السوسيولوجي في المغرب وقج حدد في دراسة شهيرة معالك البحث السوسويولوجي التي ينبغي التركيز عليها عند دراسة المجتمعالمغربي وعنون هذه الدراية بالسوسويولوجيا المغربية والتي نشرت في النحفوظات المغربية المجلد 27 والذي نشر ضمن منشورات البعثة العلمية بالمغرب سنة 1927.قسم ميشو بيلير السوسيولوجيا الذي ينبغي ان تهتم بالمجتمع المغربي الى 3 حقول اساسية :
- سوسويولجيا مغربية
- سوسيولوجيا اسلامية
- سوسويولوجيا المخزن
فما المقصود بهذه الحقول السوسيولوجية؟ وما هي الظواهر التي ينبغي لكل حقل ان يهتم بها ؟ وما هي الخلفيات التي تحكمت في هذا التقسيم؟
1. سوسيولوجيا المخزن
تهتم سوسيولوجيا المخزن بدراسو مؤسسة المخزون ومناطق نفوذه او بتعبير آخر مناطق الشرع الذي يسود فيها الشرع . يستخلص من هذا التصور ان سلطة المغرب لم تكن تمارس الا على جزء من العالم القروي اذ كانت تتكركز في المدن والسهول والبوادي المحيطة بها حيث ان القبائل التي تتواجد بهذا الجزء من بلاد المغرب كانت تخضع خضوعا مطلقا لسلطة السلطان ذلك ان سلطته كانت سلطة روحية وفي نفس الوقت سلطة رمزية او ماهية، حيث اعتبرت جباية الضرائب أبرز مؤشر على سلطة السلطان فهذا الحقل يهتم بدراسة المخزن كمؤسسة للحكم بالمجتمع المغربي بالاضافة الى القبائل المخزن.2.السوسويولوجيا الاسلامية :
يهتم هذا الفرع بدراسة المظاهر الاسلامية الرسمية والسنية، ان هذا الحقل لا يمكن ان يفهم الا من خلال التميير الظي يضعه ميشو بيلير فيما يتعلق بالسوسيولوجيا لا التي ينبغي ان يكون موضوعها المجتمع المغربي. ان التركيز على نوع من الاسلام الخالص والنقي والذي يسود في الكدن والبوادي الخاضعة لسلطة المخزن يأتي بهدف تمييزه عن نوع آخر من الاسلام وهو اسلام سطحي جزئي والذي يسود المناطق البربرية.3.السوسيولوجيا المغربية:
يهتم هذا القسم بدراسة قبائل البربر ويشكل اهم مبحث في السوسويولوجيا التي ينبغي ان يكون موضوعها المجتمع المغربي. فهذا الحقل بالاضافة الى اهتمامه بالقبائل البربرية يركر على الرواسب الماقبل اسلامية والتي تسود في بلاد السب سواء تعلقت هذه الرواسب وسواء تعلق الامر بالمعتقدات او الممارسات. او المؤسساتجليا يبدو من خلال هذا الطرح انه يحاول عزل المناطق البربرية عن باقي المناطق الأخرى والتي ينبغي أن تعود الى بداياتها الاولى، وتستأنف حضارتها انطلاقا من الحضارات الرومانية والفينيقية وغيرها واغلاق القوس الذي انفتح مع دخول الاسلام لبلاد المغرب، فهذه المناطق يجب ان تعزل عن سلطة المخرن وأن يكون لها وضع خاص وان تحكم من طرف الفرنسيين، الامر الذي يفرض خلق مؤسسات سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية تخص هذه المناطق.
ان التمييز بين السوسيولوجيا الغربية والسوسيولوجيا الإسلامية بني على اساس ابراز خصوصيات الانسان البربري والمناطق الجبلية التي ينبغي ان يوضع لها قانون ومؤسسات خاصة بها، هذا الوضع الذي كانت الغايمة منه تنصير هاته القبائل وهي وقف هذا الطرح تواقه او انها تريد ذلك.
هذا التجاه هو الذي يستكمل لاحقا مع روبير مونتاني في اطروحته حول البربر والمغرب في جنوب المغرب .
تتميز المنهجية التي يستند اليها ميشو بيلير على ابراز جملة من التنائيات في مقاربتها للمجتمع المغربي.
ومن الناجية الاجتماعية: تبرز ثائيات / عرب / بربر / مخزن / قبائل /.
اما من الناحية القانونية نجد ثنائيات شرع عرف وجغرافيا، ثنائية السهل والجبل والمدينة والبادية .
ان هذه الثنائيات او هذه الرؤيا المحكومة بمنطق الثنائيات تفرض نوعا من التوازن او على الأقل، ان التوازن ينبعي ان يكون السمة الأساسية لهذا المجتمع وفي غياب هذا التوازن يستحيل الكلام عن مجتمع متغير. اذا وقف هذا الطرح نحن إزاء مجتمع ساكن وراكد، ومنطق الثنائيات يحيل على التوازن
المفاتيح الاساسية لفهم المجتمع المغربي
يرى ميشو بيلير ان هناك ثلاث مؤسسات لا غنى عنها لفهم المجتمع المغربي وهي : الفبيلة والزاوية والمخزن .
1.الزاوية :
ينتمي معظم المغاربة بالضرورة الى زاوية ما، فهناك زوايا تخص الأغنياء واخرى خاصة بالفقراء، كما ان هناك زوايا لها نفوذ في المدن وأخرى ننتشر في البوادي؛ الامر الذي جعل من الزاوية مدخلا مهما في تحديد هوية المجتمع المغربي .( قلي ماهي طريقتك اقول لك من انت )
والواقع ان للزاوية مسارها التاريخي الخاص فالزاوية تبدأ باستثمار المقدس، ثم سريعا ما تأخذ مسارات ما متداخلة او متكاملة فتتحول الى مالك للعقارات أو الاراضي، وقد تسيطر على الطرق التجارية وتصبح قوة اقتصادية واجتماعية، وقد يصل بها الطموح وتتحول الى إمارة، أو تذهب الى ابعد من ذلك فتطمع في الحكم.
تتأسس الزاوية حول أو من خلال شيخ يتمتع بنوع من الهبة والقداسة، ويمتلك نوعا من البركة وقد تظهر عليه او على يديه بعض المعجزات، فيقام بعد موته ضريح يتحول الى مزار . يكون لورثته كل النفوذ، اذ يرثون عنه البركة والقداسة.
يرجع الاهتمام بظاهرة الزوايا في المجتمع المغربي الى الدور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي التي كانت هذه الزوايا تقوم به.
يقول ميشو بيلير :
" لعبت الزوايا دورا مهما في شمال إفريقيا وبالأخص في المغرب ابتدءا من القرن 19 والدراسة المعمقة لاشتغالها تتشكل بدون ريب احدى الاشكال الاكثر اهمية فيما يتعلق بالسياسية .
تعتبر الزاوة سوسيوسياسية لها امتدادات متعددة، فهي ظاهرة اجتماعية ظلت باستمرار مؤسسة حية وشكلت شبكة ضخمة بحيث اقترنت بالتوسع الاسلامي، بل ان نشأت الدول والمماليك بدوره ارتبط بها، فدولة المرابطين هي دولة بربرية نشأت انطلاقا من زاوية صنهاجية والموحدون انطلقوا من زاوية أسسها ابن تومرت قرب مراكش، والامر نفسه ينسحب على السعديين، كما ان الدلائيين أنشأو إمارة انطلاقا من الزاوية الدلائية.
فالزاوية كانت وسيلة من وسائل الوصول الى الحكم من خلال التحكم في التجارة، فكان بإمكانها التوسع، الامر الذي خول لها القيام بمجموعة من الوظائف، فكانت بمثابة مجال للتنشئة الاجتماعية، ومركز للتعليم والتطييب، كما كانت تؤدي وظائف كالجهاد في حالة وجود اخطار اجنبية، لذلك ومن هذا الجانب يمكن ان نتحدث عن تعدد مراكز السلطة، فالزوايا تنتشر في جغرافيا بلاد المغرب، اذ ان مسارها قد يعرف تطورا خصبا. فيتعاظم دورها السياسي .
يقول ميشو بيلير : { خلف كل مؤسس زاوية يختفي طامح في العرش او توجد بذرة طامع في الملك }
- ان الزاوية حينما تصل الى الحكم فإن اول ما تقوم به هو إضعاف الزاوية التي انطلقت منها والتخلص منها. تميزت علاقة الزاوية بالمخزن ب :
- 1 انها علاقات تعاون وتكامل أو
- 2 علاقة صراع وتنافس .
يشير تاريخ الزاوية بالمجتمع المغربي الى انها كانت مؤسسة تضطلع بمجموعة من الأدوار الاقتصادية، اذ انها كانت تتحكم في الطرق التجارية كما انها وبالخصوص بعد معركة واد المخازن، وكمكافأة لها على مشاركتها في هذه المعركة، قام المخزن بتوسيع ارض لصالحها عرفت ب ( العزيب ). وهو عبارة عن قطعة من الأرض بأكملها يكون فيها للزاوية سيادة مطلقة سواء تعلق الأمر بالأرض او بالسكان، كما تمتعت بعض الزوايا بحق جباية الضرائب.
هذا ومن جانب آخر وفي إطار توسيع المخزن لنفوذه، كان يعمل على استمالة الزوايا وتوطيد علاقات مع شيوخها، وذلك من خلال منحهم لظهائر التوقير والاحترام، والتي كانت تسمح لهم بالتمتع ببعض الامتيازات، فالمخزن كان يستغل نفوذ الزوايا وذلك بتقليص بلاد السيبة وتوسيع نفوذه، وذلك عبر خلق الاختلافات والزاعات فيما يبنها .
تعتبر الزاوية نوعا من الإسلام المحلي، حيث من خلالها يتم استحضار الأبعاد المحلية فتخليط الاسلام ببعض العادات والتقاليد الماقبل اسلامية، وخصوصا في المناطق البربرية، فالزاوية وفق هذا التصور كما يعتقد ميشو بيلير تشكل نوعا من الاسلام المحلي وفي نفس الوقت نوعا من الوطنية في شكلها الجنيني.
المخزن
يقصد بالمخزن المكان الذي تتمركز فيه السلطة، ويشير أيضا الى المكان الذي تتجمع في الوسائل التي تساعد على ممارستها، فالمخزن له معنى مجالي ومعنى مادي، والمخزن بالمعنى السياسي: هي الحكومة المغربية اي السلطة الممركزية، وتتشكل من السلطان الوزراء والجيش وقبائل الجيش، وهناك من يرى أن الجيش لا يشكل عنصرا مكونا للمخزن.حاول ميشو بيلير اعادة رسم سيرورة تشكل المخزن، وأرجع ظهوره ال المرحلة التي حدثت فيها القطيعة مع الخلافة الاسلامية، ففي هذه القطيعة ومن خلالها تشكلت ماهية وطبيعة المخزن، والتي عندما تجرد من طابعه الديني.
فالمغرب بشكل عام عرف نوعا من الاسلمة الجزئية وهذا ما يفسر في اعتقاده سيادة وانتشار مذهب الخوارج، وشكل ذلك ردة فعل على الوجه الحقيقي للمخزن، والذي اصبح شعلة الشاغل هو الاستحواذ على الأراضي وجباية الضرائب، فهو بهذا المعنى عنصر هيمنة وعنصر خارجي ثانيا.
لا يمثل المخزن المجتمع المغربي في كليته، فسلطته تمتد فقط على المدن والسهول المحيطة به، ويعتمد على قبائل تخضع له خضوعا مطلقا، وهي القبائل التي عرفت بقبائل الجيش وهو بذلك كان في حالة حرب مع القبائل الأخرى وبالخصوص مع القبائل البربرية؛ والتي تميزت بالنزعة الاستقلالية الديمقراطية المناهضة للدولة، فعلاقة المخزن بالبربر كانت علاقة رمزية وروحية بالدرجة الأولى، الا ان الاعتراف بسلطة المخزن لم يكن اعترافا ماديا ذلك ان القبائل كانت ترفض أداء الضارئب.
باختصار : يعتقد ميشو بيلير ان هناك قطيعة بين السلطة والمجتمع القبية او قطيطة بين بلاد المخزن وبلاد السيبة.يقصد ببلاد السيبة؛ منطقة غير واضحة من حيث الحدود ولا تمارس عليها سلطة السلطان، الا بالعنف والحرب وتمثل خسب ميشو بيلير اربعة أخماس 5/4 .
اما بلاد المخزن
فيقصد بها المدن والسهول وترتبط ارتباطا وثيقا بالمخزن، ويأخذ هذا الارتباط ثلاثة ابعاد سياسة :البعد الاول : ويكمن في الارتباط العسكري ذلك ان الجيش المغربي كان معظمه يتشكل من هذه القبائل
البعد الثاني: يكمن في الارتباط الجبائي والمتمثل في جباية الضرائب
البعد الثالث: ارتباط ديني يكمن في التبعية والذي يعطي للمخزن نوعا من الشرعية السياسية.
تقاس علاقة المخزن بالقبائل من خلال جباية الضرائب شكلت جبايتها رمزا للسيادة وسلطة السلطان كما شكل الجيش الشرط الأساس لسلطة المخزن، فالحرْكة وهي نوع من الاستعراض العسكري شكل ظاهرة ثابتة في علاقة المخزن بالقبائل فشكلت رمزا للسلطة حيث أخذت أبعادا متعددة اذ قد تكون ذات بعد رمزي اذ لم تكن على الدوار ذات طبيعة حربية وتأديبية
القبيلة
كان المجتمع المغربي في مرحلة ما قبل استعمارية عبارة عن خليط من القبائل، شكلت بنية اجتماعية وقوة اجتماعية شكل المخزن عمودها الأساس. ترتبط القبيلة في تصور ميشو بيلير بمرحلة تاريخية محددة فهي، ذات وضع متميز إذ كانت عائقا امام تشكل مجتمع الدولة، وهذا ما كان يتريب عليه حسب التحليل الذي تبناه ميشو بيلير انكار وجود الدولة بالمجتمع المغربي.بهذا وانطلاقا من هذا المعطى؛ وجب خلق سياسة قبلية تكون موجهة ضد المخزن . ان القبيلة هي جموعة من العائلات التي قد تنذر من جد مشترك والذي قد يكون حقيقيا، كما يمكن ان يكون وهميا، وتستقر في نفس المجال الترابي، فهي وحدة إدارية وضريبية، وفي نفس الوقت قوة اجتماعية غالبا ما تكون في حالة تعارض مع المخزن، فهي بهذا المعنى أداة ضد تشكيل مجتمع الدولة وبهذا تكون السيبة مسلسل طبيعي جعل من المخزن عبارة عن حكومة متنقلة .
تتميز القبيلة بوجود انتماء قرابي موحد وانتماء لنفس الجد، هذا الانتماء وكيفما كانت طبيعية طبيعيا او وهميا الا انه يلعب دورا هاما في الوحدة بين أفراده .
تعتبر الجماعة المؤسسة الاجتماعية الرئيسية ذات التنظيم القبلي غير انه وفي سياق تحليلنا للقبيلة، وبالخصوص القبيلة البربرية يمكننا القول ان القبيلة ذات وضع هامشي في علاقتها بالمخزن، فهي ترفض الخضوع له من الناحية السياسية، وان اعترفت بشرعيته الدينية، لذلك ومن الناحية التنظيمية لذلك نجد أن التنظيم الاجتماعي للقبيلة أفرز مؤسسة ذات أهمية والتي تستند الى دور موضوع اذ تفرض ذاتها على الباحثين إذا ما حاولوا دراسة المجتمع المغربي، فالجماعة كمؤسسة تقترب من مؤسسة البرلمان هي مؤسسة تمثيلة، فالقبائل البربرية من خلال هذه المؤسسة كانت تحكم بنفسها وتدير شؤونها.
غير أنه وفيما يتعلق بالقبائل التي عرفت بقبائل المخزن، فكانت ملتزمة بتنفيذ القرارات الصادرة عن المخزن بينما يختلف الموضوع حينما يتعلق الأمر بالقبيلة البربرية إذ كانت تسير شؤونها يشكل مستقل وكانت تتمتع بنوع من الاستقلالية والحية في اتخاذ القرارات بما يخدم مصالحها كإعلان الحرب او السلم وإبرام التحالفات وعقد الهدنة كانت كل قبيلة تخضع لقائد معين من طرف الشيوخ غير انه وفي كل الحالات كان يبقى النظام الاجتماعي خاضعا لمؤسسة السيبة والتي من خلالها تعبر القبيلة عن استقلالها .
أطروحة روبير مونتاني
يعتبر روبير مونطاني بكل المقاييس مفكر الحقبة الاستعمارية اتذ جسد كل تناقضات هذه المرحلة وذلك كما يقول ع الكبير الخطيبي، انه جسد كل تناقضاتها لك بسبب الاقتران الحاصل بين البحث العلمي وضرورات العمل السياسي والاديولوجي وبالفعل شكل اطروحت روبير موتاني" البربر والمخزن في جنوب المغرب " الاطروحة الوحيدة بالمعنى الصحيح للكلمة والتي حاولت أن تقدم نظرية تفسيرة للمجتمع المغربييقول هنري تيراس : " ان اهم الدراسات العلمية حول الحياة الاجتماعية والسياسية للقبائل المستقرة بالجنوب المغربي هي تلك التي أنجزها روبير مونتاني "
انطلق روبير مونتاني في اطروحته حول البربر والمخزن في جنوب المغرب من تساؤل مركزي هو :
هل وجدت في بلاد المغرب أو توجد سلطات أخرى الى جانب سلطة المخزن ؟
الاجاية عن هذا التساؤل انطلقت من مسلمة مسبقة وهي ان بلاد المغرب كانت باستمرار منقسمة حول نفسها بين مناطق خاضعة لسلطة المخزن واخرى متمرة " بلاد السيبة " اهتم روبير مونتاني اساسا بجنوب المغرب الا انه حاول ان يعمم نتائج ابحاثه على كل المناطق الاخرى فركز على القبيلة وبالأخص القبيلة البربرية فكانت بالنسبة له القبيلة المرجع هي القبيلة التي وجدت في عهد روما والتي لم يعد لها وجود الا في شمال افريقيا ...
- قدم روبير موتاني وصفا دقيقا للنظام السياسي والاجتماعي الذي ساد في المناطق البربرية ولمختلف المراحل التي مر منها هذا النظام وبحسب روبير موطاني مر هذا النظام بأربعة مراحل:
- 1. مرحلة الحكم الجمهوري
- 2. مرحلة حكم الامازيغ " امغار"
- 3. حكم القواد " سادة الاطلس "
- 4. مرحلة حكم المخزن
وقف روبير مونتاني مع المرحلة الأولى وقدم حولها مجموعة من التفاصيل ، فالنظام الاجتماعي والسياسي خلال هذه المرحلة كان يأخذ الشكل التالي:
اذ نجد
1) دوار او الدشر :
يتكون الدوار او الدشر من 20 الى 30 كانون، الكانون؛ هو عبارة عن وحدة مبنية على القرابة، ويتميز بوجود ملكية مشتركة بين أفرادها، وينتخب الدوار الجماعة وهي عبارة عن مجلس؛ يمثل مختلف الاسر وتكون مهمته إدارة المشاكل الداخلية وتوزيع المهام والالتزامات بين أفراد الأسر وتنظيم أوقات الرعي وحل النزاعات.2) الفخدة او العظم :
ويضم ثلات الى اربعة دواوير ويتميز بوجود بعض المؤسسات لعل أهمها وجود المسجد الأعظم وهو المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة كما يوجد بالفخدة مخزن جماعي " اكدير" ويتمير ايضا بوجود مراعي وغابات جماعية ... كل الأسر التي تشكل الفخدة تنتسب الى نفس الجد الأعلى هذا الانتماء قد يكون حقيقيا كما قد يكون وهميا الا انه وفي كل الحالات هو عامل وحدة بين أفراد الفخدة.... في هذا المستوى تنتخب الجماعة لها نفس الأدوار، كما في مستوى الدوار، بحيث لا تقوم بأي دور ذو طبيعة أساسية.
الفرقة أو الخمس
تتكون الفرقة أو الخمس من ثلاث الى خمس فخدات، وتشكل وحدة سياسية ذلك ان الجماعة في مستوى الفرقة تمثل سلطة سياسية، فهي ذات سلطة ادارية وتشريعية وتنفيذية بحيث لا نجد اي فصل للسلطات. من مهام الفرقة الدفاع عن مصالح المجموعة في حدودها القارة، والتي لا تتغير أو تتقلص، وتمتد هذه الحدود من خمسين الى ثلاثين ك/م. وهي المسافة التي يمكن لأن فرد من مجلس الجماعة ان يقطعها ان اقتضت الضرورية لعقد اجتماع للبث في امر طارئ او اتخاذ قرار معين. في هذا المستوى لا يكون انتماء الفرد ضرورة خاضعة لبعد سلالي فالفرقة وفق هذا التصور هي عبارة عن جمهورية مستقلة .تتكون القبيلة من 3 الى 10 فرقات تتمز القبيلة بوجود اسم خاص بها، ثم وجود حدود وعادات وشعور أفراد القبيلة بنوع من القوة.
اللف ويسمى ايضا الصرف ...
اللف أو الصرف وهو حِلف بين مجموعة من القبائل والذي يمتد على منطقة واسعة، وهذه الأحلاف ليست تامة، فهي تظهر وتختفي حسب الظروف التي دعت اليها . ترجع كل قبيلة الى طبيعتها الأولى وهي حب العزلة .يعتقد روبير مونتاني ان اللف من حيث تاريخ تشكله غير معروف ويرى ان اللف يرتبط بالظروف السياسية والبيئية والاجتماعية والسياسية للقبيلة البربرة، فالانسان البربريى القمع الذي تمارسه عليه الجماعة، وازاء قلة حيلته، تبرز روح التضامن والتعاون والتي تصاحبها ايضا روح التنازع والاقتتال.
يضم مجلس الجماعة بالإضافة الى الشيوخ شخص يسمى امزوار، يستشار هذا الشخص عند الحاجة وتأخذ آراءه بعين الاعتبار ، يعتقد انه يجلب اليمن الى الجماعة ويوجد على رأس كل دوار مقدم، يعير اما بالتناوب، واما بالقرعة لمدة سنة يعهد اليه العمل على تنفيذ قرارات الجماعة، وقد يحدد تعيينه استثنائيا كل سنة، ويكون نفه مرتبطا بالثروة والمقام الاجتماعي. كما توجد ضمن هذا التنظيم بعض المؤسسات الاقتصادية والسياسية ، ومن ابرزها على المستوى الاقتصادي تويزة + مؤسسة مرتبطة بتنظيم الاسواق + حماية الاجانب وعدم مضايقتهم .
السؤال الذي يفرض نفسه : كيف يتم الانتقال من حكم جماعي الى حكم فردي؟
يعتقد روبير موتاني ان هذا الانتقال يتم عبر اغتصاب السلطة من خلال العنف وشن الحروب واشاعة التفرقة بين صفوف اللف المناهض.فالامغار : الذي انتخب بطريقة ديموقراطية، يتمكن من الاستيلاء على السلطة، بحيث يعين شيوخ ومقدمين يكونون موضع ثقة، ويتمكن من خلال ذلك على تثيت سلطته، غير انها تبقى هشة ومهددة على الدوام، اذ يكون مطالبا باقتسام غنائم الحرب مع مسانديه وأعوانه، بل قد يضطر الى وضع نفسه لخدمة أحد القياد، او خلفاء للسلطة، ولكي يصبح للأمغار سلطة مطلقة يكون مطالبا بان يتحكم في اللفين الموجودين في المنطقة، وأن يختار لنفسه خيرات اللف المناهض بعد ذلك ينفصل الامغار عن الوسط الذي انشقل منه، ويبني قصبته بعيدة عن الدوار، كما يبنى مؤسسة لا يعرفها المجتمع القبلي، وهي مؤسسة السجن، ويتقرب من المخزن ليعترف به لتصبح سلطة شرعية. هنا ندخل مرحلة اخرى اشد استبدادا : من حكم الامغار الى حكم القياد، والذي يبط نفوذه ىعلى المنطقة الشاسعة وهو ما حصل في أواخر القرن 19، حيث سهل هؤلاء القياد احتلال فرنسا لجنوب المغرب، ولعل اشهرهم القائق الكلاوى .
نستخلص من خلا المراحل الاربع ان القبائل البربرية كانت تعيش في عزلة تامة عن سلطة المخزن وذلك ضمن وحدات صغيرة منغلقة حول نفسها.
- بالنسبة لروبير مونتاني المغرب لم يعرف سلطة مركزية بالمعنى الكامل والسلطة السياسية تمر على الدوام بالضعف المشاعية . الى جانب سلطة المخزن وجدت سلطات موازية تمارس الحكم فهناك ما يسمى :
- ديموقراطيات
- جمهوريات
- الكنطوهات
يستعمل روبير مونطاني مفاهيم متعددة لوصف النظام السياسي والاجتماعي السائد في القبائل البربرية، ذلك ان هذه المفاهيم النسبة له تظل بالنسبة له غير ملائمة لوصف واقع الحكم السائد في هذه القبائل.
• تقترن الجمهوريات عند روبير مونتاي بوحدة المجال الترابي وإمكانية الدفاع عنه الا ان ضمان الامن الداخلي للجمهورية يظل مرتبطا بإطارات خارجية تتجاوز حدود الجمهورية ذاتها، ولك من خلال تحالف مجموعة من القبائل داخل اللف.
تكون هذه التحالفات مؤقتة وظرفية وترتبط بظروف خاصة كمواجهة خطر أجنبي، وصرعان ما تزول بزوال الاسباب، لتعود القبيلة الى طبيعتها الاولى وهي حب العزلة والاستقلال .
شكلت التجزيئية والانقسامية الاطار النظري لأطروحة روبير مونتاني، فرغم ان هذه النظررية اصبحت النظرية المفضلة لدارسي المجتمع المغربي من الباحثين الأنجلوساكسون، الا انها من حيث الاصول ترجع الى عالم الاجتماع الفرنسي ايميل دوركايم. ميز في اطروحته حول تقسيم العمل الاجتماعي بين نوعين من التضامن التضامن الآلي والتضامن العضوى.
- يتميز التضامن العضوي بالتعدد وبظاهرة التمايز
- يتميز التضامن الآلي بظاهرة التماثل .
- يقارن هذين النمطين نمطين من المجتمعات:
1. مجتمع الدول التي يسود فيها التضامن العضوى .
2. مجتمعات اللادولة يسود فيها التضامن الآلي او ما يسمى بالمجتمعات الجزيئية.
مرحبا بك في بوابة علم الاجتماع
يسعدنا تلقي تعليقاتكم وسعداء بتواجدكم معنا على البوابة