أخر الاخبار

مفهوم الحداثة

مفهوم الحداثة
مفهوم الحداثة 

 مفهوم الحداثة 

مقدمة حول الحداثة 

تعتبر الحداثة من اهم المفاهيم المتداولة في هذا العصر، نظرا لأنها محتوى الحداثة يتجدد ويتطور. ولا يمكننا الحديث عن اي شيئ تقريبا في هذا الزمان دون ربطه بالحداثة، ويرتبط مفهوم الحداثة بشكل كبير بالتقدم والتحضر.
نعتقد أن مفهوم م الحداثة لا يستقر في اي زمان او مكان وذلك لأن كل منا له حداثته، فحداثة العربي في عصر الجاهلية، هي حداثة بمقومات وتصورات ذلك العصر، كما أن الحداثة في 2020 قد تختلف عن الحداثة في 2050 لأن الإدراكات والتصورات التي يكونها الأفراد عن الحداثة سوف تختلف. فالحداثة عندنا اليوم قد تقترن بالهواتف الذكية، وآخر صيحات الموضة، بينما الحداثة في مكان آخر قد تختلف كليا عن محتوى حداثتنا .
لا ننكر أن الحداثة مفهوم فضفاض لكن ابتداء يمكن التسليم بأن التصورات هي التي تحكم هذا المفهوم في ذهن أي واحد منا، السروال قد يعتبر حداثة عند بعض الناس، بينما يعتبر آخرون أن نزع السراويل أقصى ما يجب أن تكون عليه الحداثة. 
صراحة مفهوم الحداثة لا يمكن حصره لأنه مائع، وذلك راجع الى طبيعة الحداثة فهي تتجدد باستمرار ومحتواها يتغير بسبب التقدم الصناعي والتيكنولوجي، والفلسفي والعلمي. وبالحديث عن العلم فالعلم بدوره يساهم في تغيير محتوى الحداثة ويجعل من تعريفها امرا ليس بالسهل...

- حداثة الغرب وحداثة الآخر 

الحداثة مفهوم غربي خاص لا نعثر عليه في أية حضارة أخرى . وسبب ذلك بسيط : الحضارات الأخرى جميعها تطرح مبادئ تقوم على صور ونماذج أصلية وزمنية ، يغدو معها من المستحيل -تماما كمثل سلبيتها - إسقاط فكرة أننا نملك زمنا . إن الخواء البوذي ، الوجود من غير عرض وصفات لدى الهندوسي ، الزمن الدائري لدى الإغريقي والصيني ، والأزيتكي ، أو الماضي النموذجي لدى البدائي ، هي مفاهيم لا علاقة لها بفكرتنا عن الزمن .

لقد تصورت المسيحية في القرون الوسطى ، أن الزمن تاريخي كمثل سياق متناه ، متعاقب وذي اتجاه واحد : وإذا نفذ الزمن ذات يوم -أو كما يقول الشاعر : (يوم ستغلق أبواب المستقبل ) - فلسوف يسود حاضر أبدي . في الزمن المتناهي للتاريخ ، في الآن ، يلعب الإنسان حياته الأبدية . واضح أن فكرة الحداثة ما كانت لتولد إلا من خلال هذا المفهوم عن الزمن المتعاقب ذي الاتجاه الواحد . ولا تقل عنها فكرة تجليها كنقد للأبدية المسيحية .
إن النموذج الأصلي الزمني في حضارة أخرى لا ريب ، هي الإسلام ، يشبه نظيره في المسيحية . لكن في الإسلام ولسبب سيظهر بعد لحظات ، كان من المستحيل أن ينشأ نقد الأبدية التي تؤلف جوهر الحداثة.

تمزق المجتمعات كلها تناقضات مادية ومثالية في آن واحد . وتتخذ هذه التناقضات ، بعامة ، شكل الخلافات الفكرية والدينية أو السياسية . ومن خلالها تعيش المجتمعات ومن خلالها ، أيضا ، تموت .
إنها تاريخ المجتمعات . والحال أن إحدى مهمات النموذج الأصلي الزمني ، هي توفير حل ما فوق تاريخي لهذه التناقضات بغية حفظ المجتمع من التغير والموت . وكل فكرة عن الزمن هي مجاز لا يتصوره شاعر ، و إنما شعب بكامله . ويتم الانتقال من المجاز إلى المفهوم حين تصبح الصور الجماعية الكبرى للزمن مادة تأمل اللاهوتيين والفلاسفة . وإذ تعبر هذه الصور كلها ، ذات مرة ، مصفاة العقل والنقد ، تنزع إلى الظهور كصيغ متهمة في هذا المبدأ المنطقي الذي نسميه مبدأ الهوية : إزالة التناقضات سواء بتحييد الأطراف المتعارضة أو بإلغاء أحدها . إن تذويب التناقضات جذري أحيانا . فالنقد البوذي يلغي الطرفين : الأنا والعالم لكي يقيم مكانهما الخواء الذي هو مطلق لا يمكن الكلام عليه لخلوه من كل شئ ، بما في ذلك كما يقول (السوتراس ماهاياناس : فراغه نفسه ).

ليس هناك أحيانا إلغاء وإنما توافق وانسجام بين التناقضات ، كما في فلسفة الزمن الخاص في الصين القديمة . إن إمكانية انفجار التناقض وتفجير النظام خطر ليس ذا طابع منطقي فحسب ، وإنما حيوي أيضا ، إذا انفرط التماسك فإن المجتمع يفقد أساسه ويتقوض . من هنا الطابع المغلق والمكتفي بذاته في تلك النماذج الأصلية ، وادعاؤها العصمة ومقاومتها التغيير.
يستطيع مجتمع أن يبذل نموذجه الأصلي ، فينتقل من تعدد الآلهة إلى الوحدانية ، ومن الزمن الدائري إلى الزمن المتناهي ذي الاتجاه الواحد كما في الإسلام . إلا أن النماذج الأصلية لا تغير ولا تتغير ، ماعدا استثناء وحيد في هذه القاعدة العالمية : المجتمع الغربي ..

الحداثة انفصال . إني أعطي هذه الكلمة معناها الأكثر مباشرة : الانشقاق والانفصال عن الذات .
بدأت انطلاقة الحداثة بالانفصال عن المجتمع المسيحي . ولأنها أمينة لمصدرها فهي قطيعة مستمرة وانفصال دائم عن الذات . يكرر كل جيل الفعل الأصلي الذي يؤسسنا ، وهذا التكرار هو سلبيتنا التي تجددنا في آن معا . الانفصال يوحدنا بحركة الأساس في مجتمعنا ، والانشقاق يدفعنا إلى لقاء ذواتنا ، كما لو كان الأمر ، هنا يشبه أحد العذابات التي تخيلها (دانتي) لكنها بالنسبة إلينا ككائنات تاريخية ، نوع من السعادة والمجد ). إننا نبحث عن ذواتنا في الغيرية ، فنجدها فيها . لكن عوض أن نمتزج بهذا الآخر الذي اخترعناه ، وهو ليس سوى صدانا ، فإننا نبادر إلى الانفصال عن هذا الشبح ، نتركه وراءنا مسرعين من جديد إلى البحث عن ذواتنا ، إلى مطاردة ظلنا . جري متواصل نحو مكان آخر ، مكان آخر على الدوام . نحو ماذا ؟ لا نعرف..هذا ما نسميه تقدما...

للتوسع في مفهو م الحداثة يرجي مراجعة الملف التالي

الحداثة pdf

♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -