![]() |
علم اجتماع التنمية |
الاتجاهات النظرية في علم اجتماع التنمية pdf
مصطفى بن موح
مـقدمــة:
إن التراث السوسيولوجي يزخر بالعديد من التعريفات و النظريات التي تساهم في تحديد مدلول التنمية و إبراز معالمها النظرية، و هذا راجع إلى التباين الملحوظ لدى الدارسين لهذا الموضوع والمرتبط باختلافاتهم حول تحديد غايات التنمية و أنماطها و مستوياتها، و لهذا فقد اتخذت دراسة التنمية مسارات نظرية و تطبيقية متباينة أحيانا، و متناقضة أحيانا أخرى، و هذا يستوجب تتبع التشكلات النظرية الأساسية في مجال علم اجتماع التنمية للوقوف على مدى كفاءتها النظرية ومصداقياتها الواقعية.
وأهم النقاط المستوجب الوقوف عندها هي "نظريات التنمية"،
والتي سوف نحاول عرضها بصورة مختصرة، و إبراز مدى إسهامها في التعريف بأهم السبل والطرق لتنمية المجتمعات. وقد عملت نظريات التنمية على تفسير العمليات التي من خلالها يحقق المجتمع زيادة في النمو الرأسمالي، و تحسنا في الإنتاجية يتبعه تحسن في مستوى المعيشة للسكان، و في مستوى مشاركتهم في شؤون المجتمع على مستوى المجتمع المحلي، وعلى مستوى الدولة ككل، بينما ركزت بعض النظريات على الشروط التي يمكن أن تيسر عمل هذه الأخيرة مثل: النظرية السيكولوجية، نظرية النظام العالمي الحديث، ونظريات أخرى تركز على الشروط التي يمكن أن تعيق تحقيق هذه العمليات و بالتالي تحقيق التنمية.
وسنتعرض لأهم مفاهيم و رواد هذه النظريات كما يلي :
أولا:
نظرية
التحديث :
تقوم نظرية التحديث على اعتبار الحداثة عملية تحول كوني تشمل جميع المجتمعات في العالم، تتم نتيجة انتشار نمط الإنتاج الرأسمالي من أوربا الغربية إلى جميع البلدان أخرى مما يحقق لهذه البلدان زيادة في النمو الرأسمالي، و زيادة في القدرات الإنتاجية، و تحسنا في مستوى المعيشة للسكان، و إذا ما تبنى هؤلاء السكان نظام القيم الليبرالي المصاحب للرأسمالية فإنهم يشهدون عملية تحول ديمقراطي أيضا تزيد من مشاركتهم في شؤون المجتمع، و بخاصة السياسية منها. صنفت هذه النظرية المجتمعات البشرية إلى صنفين عريضين : المجتمعات المتقدمة والمجتمعات المتخلفة التي سميت فيها بعد بالمجتمعات النامية، و تشمل المجتمعات المتقدمة الرأسماليات الحديثة و بخاصة الأوروبية منها، و هي تتصفب سيادة الإنتاج الرأسمالي فيها، و تمتعها بفائض إنتاجي يضمن مستوى معيشي متقدم للسكان، كما تسود فيها الديمقراطية الليبرالية التي تضمن المساواة والعدالة و الكرامة للجميع. أما المجتمعات النامية فتشمل بلدان آسيا و أفريقيا عدا اليابان و كوريا الجنوبية، سنغافورة وبعض دول أمريكا اللاتينية، و هي تتصف جميعها بسيادة نمط إنتاجي تقليدي مختلط فيها، فيه عناصر رأسمالية غير فعالة، و تتميز هذه المجتمعات بالتالي بضعف الإنتاجية، و عدم وجود فائض إنتاجي يضمن للسكان مستوى معيشي متقدم كما هو الحال في المجتمعات المتقدمة، و على المستوى السياسي تعاني هذه المجتمعات من الاستبداد و الطغيان، و عدم تمتع السكان بالمساواة و العدالة والكرامة الإنسانية، كما يمكن التوقف عند أهم الاتجاهات الأخرى لنظرية التحديث، و هي عبارة عن محاولات حاول أصحابها وضع الطرق و السبل الأنجع للخروج من دائرة التخلف و الانتقال إلى التنمية المرغوب فيها، و المتطلع إلى تحقيقها، أهمها :
ثانيا: اتجاه النماذج و المؤشرات المثالية :
يتخذ هذا الاتجاه شكلين الأول كمي والثاني كيفي، ويتأسس
على:
أولا: تحديد ما يعد الخصائص
العامة للمجتمع المتقدم بوصفها مؤشرات" نماذج" مثالية.
ثانيا: تحديد ما يعد أو يعتقد أنه الخصائص العامة
للمجتمعات المتخلفة، وعملية التنمية ( أو التغير الاجتماعي - الاقتصادي ) المراد
إحداثها او التي تحدث بالفعل.
وأخيرا صياغة نموذج يعبر عن
تحول المجتمع من حالة التخلف إلى حالة التقدم.([1]) و لقد لخص KINDEL BERGER الإجراءات التي يتبعها هذا
الاتجاه " يمكننا عزل السمات النموذجية المثالية المعبرة عن التقدم. بحيث
تتبقى لنا السمات التي هي بحاجة إلى تنمية والتي من أجلها نخطط المشروعات."([2]) والتنمية من
هذا المنطلق هي عملية تحول من نموذج الى أخر. فقد أشار هوسيليتز - كأبرز
ممثلي هذا الاتجاه- أن الدول المتقدمة تشهد متغيرات النماذج التالية: العمومية، والأداء والتخصص. في حين تشهد الدول
المتخلفة المتغيرات المقابلة وهي: الخصوصية والنوعية والانتشار. معتقدا أن من
مقدور الدول المتخلفة أن تحقق تنميتها عن طريق التخلي عن متغيرات النموذج السائد
فيها وتبني متغيرات النموذج السائدة في الدول المتقدمة.([3])
والواقع أن نظرية هوسيليتز
باعتبارها الامتداد الطبيعي للتقليد السوسيولوجي الذي يميل الى تصنيف المجتمعات
الى ثنائية تعكس ازدواجية التحديث و التقليد؛ والتي تفصح عن جوانب قصور واضحة،
يتضح ذلك أكثر في تحديدها للعناصر المعبرة عن الدول المتقدمة والمتخلفة على
السواء. فالعمومية مثلا: ليست سائدة تماما في الدول المتقدمة، كما أن ما يعد
عمومية في سياق معين، قد يعد خصوصية في سياق أخر.
و أن " خاصية العزو
تسود لدى جماهير الفقراء في الولايات المتحدة حصل عليها شاغل الوظيفة تستند في
معظم الأحيان إلى خاصية العزو أي أنها ترتبط ارتباطا وثيقا ببعض العوامل مثل العمر
والارتباطان كالولايات المتحدة الأمريكية تتشابك فيما بينها تشابكا معقدا بحيث
ترتبط الأدوار العليا ( الاقتصادية والسياسية والثقافية ) ارتباطا وثيقا ..
" أما جورج بلاندي
فقد ركز في دراساته حول التنمية والتخلف على استعمال مؤشرات كمية، للتعبير ولقياس
التخلف، تبلغ أحد عشرة مؤشرا وهي:1- ارتفاع نسبة الوفيات و بالخصوص وفيات
الأطفال.2 ارتفاع نسبة الحضرية 3- انعدام الوقاية الصحية 4- ارتفاع نسبة ألامية 5-
سوء التغدية 6- استهلاك ضعيف للطاقة
7- ارتفاع نسبة المزارعين 8- تدني المكانة الاجتماعية للمرأة 9- تشغيل الأطفال
10- حجم الطبقة المتوسطة 11- حجم المجتمع.([4]).
بالإضافة إلى متوسط الدخل الفردي و درجة التصنيع و طبيعة الحراك
الاجتماعي...وعليه فإن ما يمكن تسجيله على هذا الاتجاه، وما أكدته معظم الكتابات
بصدده؛ هو أنه يعاني من افتقاره النظرة الكلية- التاريخية الشاملة. واختزاله
لعملية التنمية في اكتساب الدول المتخلفة لخصائص الدول المتقدمة. متغافلا بذلك
الخصائص البنيوية للدول التي تفعل التنمية والتخلف في علاقتها بتاريخ البلدان
المختلفة الذي ارتبط بالاستعمار الأوربي ابتداءا من مطلع القرن السادس عشر إلى
النصف الثاني من القرن العشرين.
ثالثا: الاتجاه التطوري المحدث:
يمثل هذا
الاتجاه الامتداد الموضوعي للنظرية التطورية في علم الاجتماع، التي أرسى أسسها
الرواد الأوائل ؛ أمثال دوركهايم و سبنسر و تونيز.. وقد أخذ الاتجاه التطوري
المحدث عن هؤلاء فكرة الثنائيات. واعتمادها كمحكات للتفريق بين التقدم والتخلف،
سواء أكان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقد عمل تالكوت بارسونز TALCOT PARSONS على تطوير فكرة
الثنائيات إلى عدد كبير من المتغيرات لتحليل التقدم و التخلف، أطلق عليها اسم
متغيرات النمط. و التي يعتبرها لب الإسهام النظري الذي قدمه لعلم الاجتماع.([5]) وهي كالتالي:
1 - الوجدانية في مقابل الحياد.
2 - المصلحة الذاتية في مقابل المصلحة
الجمعية.
3 - العمومية في مقابل الخصوصية.
4 - الأداء في مقابل النوعية.
5 - التخصص في مقابل الانتشار.
و تمثل المتغيرات النمطية على حد هوسيليتز
منهجا للتعرف على الملامح الاجتماعية للنمو الاقتصادي الى درجة التقدم في أي مجتمع
من المجتمعات. فكلما كان المجتمع متقدما مالت فيه الأدوار نحو العمومية و التخصص
والمصلحة الجمعية. و كلما كان متخلفا اتسمت فيه الأدوار بتغليب المصلحة الذاتية،
والانتشار والخصوصية والنوعية.([6])
ينهض هذا الاتجاه على محاولة إحياء النظرية التطورية الكلاسيكية والاستفادة منها في دراسة البلدان النامية على الخصوص، حيث تصنف جميع المجتمعات من الناحية الاقتصادية، و تؤكد في نفس الوقت على أن المجتمع لا يتجه نحو الاشتراكية و إنما نحو الاستهلاك الواسع وضمن نفس الاتجاه يبرز اسم الاقتصادي الأمريكي روستو وقد
ذهب إلى أن المجتمعات تمر او يجب أن تمر بمراحل خمس أساسية كما يلي:
1- المجتمع التقليدي: هو الذي تتطور بنيته ضمن وظائف إنتاج محدودة،
ترتكز على ما قبل العلوم التطبيقية التكنولوجيا، و غلبة الطابع الزراعي. المرتبط
بالنظام الإقطاعي وانتشار التقاليد الجامدة كالقدرة التي تحول دون تحقيق الحراك
الاجتماعي.([7]) و يري روستو " تاريخ الإنسانية كله، وحتى
ظهور الرأسمالية كان خالي من التطور الحقيقي،/ وعبارة عن مستنقع راكد، يدعى
بالمجتمع التقليدي."([8])
2- التهيؤ
للإقلاع: وهي المرحلة التي تطورت فيها الشروط المسبقة للإقلاع،
لأن الأمر يحتاج الى وقت ليتحول مجتمع تقليدي تحولا كاملا بالطرق الضرورية لكي
يتمكن من ان يستفيق بداية القرن 18، إذ أن المعارف العميقة للعلم الحديث تترجم
وظائف انتاج جديدة في كل من الزراعة والصناعة، حيث أعطيت نشاطا فعالا بواسطة توسع
لاحق لأسواق العالم ومنافسة عالمية لها. أما شروط الإقلاع فتتمثل في حدوث تغيير في
اتجاهات الأفراد نحو الإنجاب، و تحول رؤوس الأموال إلى الاستثمارات في النشاطات
الاقتصادية ذات الطابع العام، ونحو معايير يتم بمقتضاها الأفراد من أعمال ومنجزات
والتخلي عن تقييمهم اعتمادا على انتماءاتهم وطبقاتهم.
3- مرحلة
الإقلاع: إنها المرحلة
التي يتم فيها القضاء على القوى والعقبات التي تقف في طريق سياسية في البناء
الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. كما يتم التوسع في صناعات جديدة.([9])
4- مرحلة النضج: ( او الاتجاه نحو النضج) يعرفها روستو على أنها" المرحلة التي يؤكد
فيها المجتمع قدرته على الحركة خارج نطاق الصناعات الأصلية، التي دفعته إلى
الإنطلاق ."بحيث أن النضج يستطيع إحداث تحولات اقتصادية واجتمـاعية وثقافية
متعددة.([10])
5- مرحلة الاستهلاك الجماهيري الوفير: وفي هذه المرحلة تنتقل القيادة إلى القطاعات المشتغلة
بالخدمات وإنتاج السلع المعمرة مثل:
السيارات و الثلاجات..الخ. ولقد شهدت المجتمعات التي وصلت إلى هذه المرحلة؛ ارتفاع
بتوفير اعتمادات طائلة للرفاهية. يقول روستو:" إن الولايات المتحدة الأمريكية
أول من دخل هذه المرحلة. تلتها بلدان أوربا الغربية، فاليابان، أما الاتحاد
السوفييتي فيقف على عتبة هذه المرحلة، مؤكدا أن وصول الإتحاد السوفياتي مرحلة
الاستهلاك الجماهيري سيؤدي إلى انحلال و سقوط الاشتراكية."([11])
يتضح مما سبق إذن، أن نظرية روستو
تتخللها العديد من نقاط الضعف؛ إذ كان يسعى من خلالها الى إبراز ان نظريته هذه مشابهة لنظرية ماركس،
وتمتاز عنها بكونها أكثر واقعية وشمولية، فالنظرة المدققة والمتأنية توحي على
الفور أنه لم يكن يقصد فقط تقديم نظرية بديلة، بل أنه كان يسعى الى تشويه النظرية
الماركسية. وذلك ما دهب به، إلى حدود القول: بأن"الصراع الطبقي لم يعد القوة
المحركة للتاريخ الإنساني."
و قد وصــف السيد الحسيني
نظريته هذه "بالمضللة على المستوى الإيديولوجي". كما انه من الخطأ النظر
إلى المجتمعات المتقدمة على أنها كانت متخلفة يوما ما. إذ أن مفهومي التقدم و
التخلف؛ لم يظهرا إلا بعد الثورة الصناعية. ضف الى ذلك تجاهلها و فهمها الخاطئ- أي
نظرية روستو- لتاريخ الدول المتقدمة والمتخلفة على السواء. فالدول المتخلفة حسب
اندر كوندر فرانك؛ " لها تاريخ لا يقل في عراقته و قدمه عن تاريخ الدول
المتقدمة، كما أن الدول المتخلفة لا تعيش الآن الحياة التي كانت تعيشها في قرون
مضت."([12])
رابعا: الاتجاه الانتشاري:
يتأسس هذا
الاتجاه على اختزال عملية التنمية في انتقال العناصر المادية والثقافية السائدة في
الدول المتقدمة الى الدول التي تعاني التخلف و الفقر. مما يعني ضرورة أن تشهد هذه الأخيرة عملية تثقيف او مثاقفة إذا
أرادت الخروج من تخلفها و بلوغ التنمية.
أما عملية المثاقفة هذه، فإنها
تمر حسب هذا الاتجاه من مرحلتين: أولا نقل العناصر الثقافية للدول المتقدمة
الى عواصم الدول المتخلفة، والثانية
تشمل العواصم الإقليمية الى أن تنتشر في نهاية المطاف داخل كل جهات هده الدول. و
يعتقد أصحاب هدا الاتجاه؛ بأن الانتشار والمتاقفة يمثلان جوهر العمل التنموي.
ولاشك أن التخلف يظل قائما في حالة وجود مقاومة تحول دون تحقيق الانتشار الثقافي.
و الفائدة التي يمتاز بها هذا الاتجاه هو الإسراع بعملية التنمية. لأن التنمية
عندهم تتمثل في نقل رؤوس الأموال و التكنولوجيا، و القيم، والنظم من دول العالم
الغربي إلى دول العالم الثالث. و أنه إذا ما أرادت الدول المتخلفة أن تحقق تنميتها
- كما يقول فيهم- I.R.SIWAI " فما عليها ألا ان تخلق صورا آسيوية او
افريقية أو أمريكية لاتينية، من الحضارة الغربية([13]).
لعل أول اعتراض يمكن تسجيله على
هذا الاتجاه؛ هو أن كل النظريات التي تدخل
في إطار الاتجاه الانتشاري مضللة وسطحية و ساذجة ، فهل من المعقول -حسب عبد السلام
فراعي- أن نطلب من مجتمعات نبد ثقافتها الأصلية لصالح ثقافة غازية، مع العلم أن
هذه العملية التي يصعب اعتبارها بتنموية، لا تقدم ضمانات كافية تثبت نجاحها و
قدرتها على مساعدة المجتمعات الفقيرة على ان تتحول الى مجتمعات آنيه ؟ ألم ينتبه أصحاب هذا
الاتجاه الى المخاطرة المترتبة عن ذلك، كالاجتتات او الاستدرار الثقافي و حرمان هذه
الشعوب من هويتها الثقافية و الحضارية الأصيلة؟ ليست الانتشارية الا مجرد
إيديولوجية تبريرية هدفها الأسمى اثبات تفوق الثقافة الأوربية والأمريكية ،
وبالتالي سيطرتها المطلقة على سائر مرافق الحياة داخل دول العالم الثالث.([14])
والواضح ان الفحص الدقيق لأفكار
هذا الاتجاه، يقتضي منا التأكيد على أن معالجة هؤلاء لقضية التنمية بالبلدان
المتخلفة تنطوي على تضليل بالغ. إذ أنهم يغفلون تاريخ الدول المتخلفة والمتقدمة
على حد سواء. فالواقع ان للاستعمار دور
كبير وخطير جدا في كبح نشاط المنظمين الوطنيين، إضافة الى تركيز تحليلات
هؤلاء على أن القيم "التقليدية" السائدة في دول العالم الثالث تمثل
مصدرا للفساد دون الإشارة إلى الدور الذي لعبه الاستعمار في نشر الفساد داخل هده
البلدان.([15]) ومن الثغرات التي تميز هذا الاتجاه كذلك، تلك التي تحدث
عنها فرانك بتفصيل في كتابه "تنمية التخلف".
خامسا: الاتجاه السلوكي:
يعنى أصحاب هذا الاتجاه بدراسة التنمية الاقتصادية
والتغير الثقافي في ضوء الخصائص السيكولوجية للأفراد، والقضية الأساسية التي ينهض
عليها هذا الاتجاه هي أن درجة الدافعية الفردية أو الحاجة إلى الإنجاز هي الدعامة
الأساسية للتنمية الاقتصادية، وهكذا نجد "ماكليلاند" « Mc Glelland » يعلن بوضوح: "أن القيم
والدوافع أو القوى السيكولوجية –عامة- هي التي تحدد تماما معدل التنمية الاقتصادية
والاجتماعية". والملاحظ أن أصحاب هذا الاتجاه يؤكدون تأكيدا واضحا الدور الذي
تلعبه القيم في مجال التنمية الاقتصادية والتغير الثقافي، وهم ينطلقون في ذلك من
مؤلف "ماكس فيبر" « Weber » عن الأخلاق البروتستنتية وروح
الرأسمالية".
ولقد عرف "ماكليلاند" الحاجة إلى الإنجاز بأنها: "الدافع
إلى صنع الأشياء بطريقة أفضل وأكفأ، وأن هذا الدافع يمثل خاصية عقلية، فالأمم التي
لديها درجة أعلى في مقياس الحاجة إلى الإنجاز تتطور وتنمو بشكل أسرع، والنتيجة
التي يمكن استخلاصها من ذلك هي أن رفع مستوى الحاجة إلى الإنجاز مطلب أساسي لتحقيق
التنمية". لهذا وصف "ماكليلاند" سكان الدول المتخلفة
"بالكسل" مفترضا وجود علاقة موجبة بين البروتستنتية والحاجة إلى
الانجاز، ذلك أن قيم الاعتماد على الذات التي هي من أبرز خصائص البروتستنتية، تؤدي
إلى تدريب مستقل يقوم به الآباء بالنسبة للأبناء، وهذا يزيد بالتالي من الحاجة إلى
الإنجاز لدى الأطفال، مما يؤدي بعد ذلك إلى حدوث تنمية اقتصادية.
ومن الملاحظ أن "ماكليلاند" قد اهتم كما اهتم
"هيجن" بدراسة مشكلة سوسيولوجية معقدة هي التجديد في المجتمع، وهي مشكلة
طالما لفتت أنظار علماء الاجتماع المحدثين، ويمكننا أن نحدد ثلاث فئات من المجددين
حظيت باهتمام عدد كبير من علماء الاجتماع، هم: المنظمون والمحدثون والمبتكرون،
ولقد درس "ماكليلاند وهيجن" فئة المنظمين، وذهب إلى أن المنظم يمثل
نموذجا معينا من الشخصية يتصف بالحاجة الشديدة إلى الانجاز والإحساس بالتفوق على
بقية أفراد المجتمع، ثم ذهب بعد ذلك إلى مصدر الحاجة العالية إلى أن الإنجاز يكمن
في الجماعات الساعية إلى التجديد، ذلك لأن هذه الجماعات تؤمن بأنها تمتلك مفتاح
خلاصها وخلاص الجنس البشري بأسره"([16]).
سادسا: الاتجاه الماركسي المحدث:
إن
نقطة الانطلاق الأساسية في دراسات الماركسيين المحدثين هي ضرورة الدراسة في ضوء
إطار نظري عالمي وهو إطار يقوم على وجود اقتصاد دولي متحد موضوعيا وذي طابع جماعي.
والواقع أن النظرية الماركسية قد ظلت عالمية في طابعها، ولكن فقط إلى المدى الذي
تتصور فيه الطبقة العاملة الصناعية أنها هي الطبقة الأساسية التي يؤدي تحريرها إلى
تحرير الإنسان بوصفه نوعا. هذا ويذهب الماركسيون المحدثون إلى "أن (التناقض
الأساسي) القائم، هو ذلك الذي ينشأ بين الامبريالية من ناحية وشعوب العالم الثالث
من ناحية أخرى"، وتكاد تمثل قضية الامبريالية (الاستعمار الجديد) الاهتمام
الأساسي للماركسيين المحدثين المعنيين بدراسة التخلف.
فالبلاد
النامية تزود البلاد الصناعية بالمواد الخام الهامة، كما تزود شركائها ومؤسساتها
بأرباح هائلة ومجالات واسعة للاستثمار، وكنتيجة لذلك نجد الدول الرأسمالية الغربية
تعارض تصنيع الدول النامية، ولكي تضمن الدول المتقدمة، استمرار تخلف الدول
المتخلفة، فإنها تضطر إلى تبني استراتيجيات عديدة ومتنوعة تحقق ذلك، ولقد رفض
"باران" « Baran » النزعة
التدريجية كوسيلة فعالة لإحداث التنمية الاقتصادية في الدول النامية، ويستند
"باران" في ذلك إلى سببين: "الأول أن الزيادة الضئيلة في الدخل
القومي سرعان ما تختفي بسبب الزيادة السريعة في عدد السكان، والثاني تبديد الذين
يشغلون أوضاع القوة في الدول النامية للمصادر المختلفة، واستئثارهم بامتيازات خاصة
مرتبط بالاستثمارات الأجنبية، وفضلا عما سبق يذهب "باران" إلى أن الدول
الرأسمالية المتقدمة قد تتبنى إستراتيجية أخرى لضمان استمرار تخلف الدول المتخلفة،
تقوم على تأييد ودعم الجماعات المحافظة في الدول الأخيرة بما تقدمه لها من مساعدات
اقتصادية وعسكرية من أجل استمرار التوتر والصراعات الداخلية([17]).
"سابعا:
أطروحة
والرشتاين":
تقوم نظرية النظام العالمي الحديث على اعتبار أن دول العالم تشكل نظاما واحدا متفاعلا يتكون من ثلاث مكانات طبقية تشغلها مجموعات من الدول التي تتفاوت في درجة النمو الاقتصادي، وفي القوة السياسية و هذه المكانات الطبقية الثلاث هي : دول المركز، و هي تشغل المكانة الطبقية العليا داخل النظام العالمي الحديث، و الدول شبه الهامشية، و هي تشغل المكانة الطبقية الوسطى في النظام العالمي الحديث، و الدول الهامشية، و هي الدول النامية التي تشغل مكانة طبقية متدنية داخل النظام العالمي وتتميز دول المركز بدرجة مرتفعة من النمو الاقتصادي، ومن القوة السياسية والعسكرية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت الآن القطب الوحيد المهيمن على شؤون العالم، أما الدول الهامشية، أو دول الهامش أو المحيط فتتميز بدرجة منخفضة من النمو الاقتصادي، و بضعف أنظمتها السياسية العسكرية كما هو الحال في البلدان العالم الثالث في افريقيا، و اعتدال قوتها السياسية والعسكرية، كما هو الحال في بلدان شبه صناعية مثل الأرجنتين و البرازيل.
ثامنا:"أطروحة صدام الحضارات لصاموئيل هانتنجتون:
· تقوم هذه النظرية على اعتبار أن المسؤول عن تخلف الدول النامية و عدم نموها الاقتصادي والاجتماعي ليس الاستعمار، أو التبعية، و إنما الشخصية القومية، أو الحضارية لهذه الشعوب، والتي تحدد الاستعدادات الذهنية و التكنولوجية لهذه الشعوب، و بخاصة تقبلها للتطور
والتحديث وغالبا ما تقف حضارات الدول النامية موقف المشاكسة و العداء من الحضارة الغربية السائدة. و لعل أشهر من يمثل هذه النظرية الحديثة هو "صامويل هانتنجتون" الذي يؤكد على أن دول العالم الثالث لا يمكن أن تصبح غربية و حتى و إن أرادت ذلك، بسبب طبيعة الروح الحضارية فيها، وقد أنتجت هذه الحضارات حركات محلية دينية وغير دينية، تناصب الغرب العداء الصريح وبخاصة الحضارة الكونفشيوسية و الحضارة الإيرانية مما يسم العلاقة بين الحضارات المعاصرة خلال العقود القادمة بالصراع وليس التعاون.
و يرى "صامويل " أن على الحضارة الغربية نتيجة لذلك أن تتوقف عن التعاون مع هذه الحضارات المعادية وبخاصة في مجالات النزاعات المحلية في الدول النامية، و تصدير التكنولوجيا الحديثة إلى هذه الحضارات التي تناصبها العداء، و أن تركز الحضارة الغربية على توحيد الغرب اقتصاديا وسياسيا، و منع اختراقه من أي دولة من دول هذه الحضارات و تطوير الإمكانيات العامة في الحضارة الغربية ماديا و روحيا، و هي الإمكانيات التي أعطت الحضارة الغربية تميزا لم تحققه أية حضارة أخرى قديمة أو معاصرة، و مما يعطي الحضارة الغربية هذا التميز، قيامها على الخصائص التالية
: الإرث الحضاري الكلاسيكي، المسيحية الغربية التي ساهمت في تشكيل هوية الغرب و العلمانية (احترام
الدين بإبعاده عن السياسة)، سيادة القانون، التعددية الاجتماعية المجتمع المدني (التمثيل النيابي و الديمقراطية، حقوق الإنسان، الفردية الإنجازية).
تاسعا:
أطروحة
"نهاية التاريخ" لفرانسيس فوكوياما :
بالإضافة إلى رأي المفكر الأمريكي الثاني و هو "فرانسيس فوكوياما"
و صاحب مقالة "نهاية التاريخ"،"THE END OF HISTORY
AND THE LAST MAN" والذي أعاد تنقيحه في كتابه وتتمحور فكرته في إمكانية بناء تاريخ عالمي للبشرية متماسك، واضح المعالم وغائي، مع تحديد أسسه و آلياته و هو يعتقد أن التاريخ قد وصل إلى نهايته بتحقيقه لغايته المتمثلة في الحرية والمساواة، و التي لا يمكن أن تحقق إلا في ظل الديمقراطية الليبرالية السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية و غرب أوربا، و ستصبح نموذج يقتدى به من طرف الجميع، إن الرسالة التي يريد فوكوياما" إيصالها للآخرين و بخاصة الدول النامية و المتخلفة تتمثل في مايلي : "إن الولايات المتحدة الأمريكية و طريقة الحياة الأمريكية هي النموذج الوحيد الذي يجب أن يقتدى به" و هو بهذا يحاول تعميق هذا الإيحاء في الذهنية العامة للشعوب، عن طريق نظريته "نهاية التاريخ"
ليهزم روحها ( المعنوية فتستسلم سياسيا و اقتصاديا دون مقاومة.
خــلاصـــــة الفصل:
هكذا نكون
قد عرضنا لأهم الاتجاهات النظرية في ميدان سوسيولوجيا التنمية، ورأينا أن إتجاه
النماذج و المؤشرات المثالية؛ يقوم على عناصر التنمية والتخلف، و اختزال التنمية
في اكتساب الدول المتخلفة للعناصر السائدة داخل الدول المتقدمة. أما الاتجاه
التطوري؛ فانه يقوم على تحديد المراحل
المختلفة التي يمكن ان تمر منها الدول المتخلفة، وهي مراحل تمت صياغتها انطلاقا من
مراحل النمو التي مرت منها الدول المتقدمة، و بذلك فعملية التنمية تقتضي اتباع نفس
المسار الذي مرت به الدول المتقدمة. وقد حاول الاتجاه الانتشاري تحديد العناصر
المادية والثقافية التي يمكن نقلها من الدول المتقدمة الى الدول المتخلفة بهدف
تنميتها، معتبرا أن الدول المتقدمة تمثل لوحة المستقبل للدول المتخلفة. أما
الاتجاه السلوكي فيحاول دراسة العمليات السيكولوجية التي يمكن بواسطتها أن تتمثل
شعوب الدول المتخلفة الخصائص السيكولوجية المعبرة عن تقدم الدول المتقدمة. في حين
اتجاه المكانة الدولية يرى "أن المجتمعات القومية تشكل نسقا اجتماعيا دوليا،
وأن هذه المجتمعات تحتل داخل هذا النسق أوضاعا مختلفة يمكن ترتيبها أو تدريجيا في
ضوء المركز الاقتصادي، والقوة والهيبة. ويذهب "لاغوس" إلى أن التفاوت
ظاهرة لا تنطبق فقط على الطبقات الاجتماعية، بل تنطبق أيضا على الأمم، فالمركز
الاقتصادي للأمة يتحدد في ضوء درجة تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي. كما رأينا الاتجاه
الماركسي المحدث، الذي يعد بمثابة رد فعل عن مختلف الاتجاهات السابقة، والذي قدم
فهما جديدا لقضايا التنمية والتخلف، فهو يتناول العالم الثالث في ضوء النظام
العالمي الشامل مرتكزا في ذلك على تحليل تاريخي بنائي شامل للعلاقات المعقدة بين
الدول المتقدمة ونظيرتها المتخلفة. إنها علاقات التبعية واللاتكافؤ...مرورا بأطروحة والرشتاين التي
ترى أن دول العالم تشكل نظاما واحدا متفاعلا يتكون من ثلاث مكانات طبقية، ثم "أطروحة صدام الحضارات لصاموئيل هانتنجتون" التي تربط تخلف الدول النامية بالشخصية القومية لهذه
الدول، واخيرا أطروحة "نهاية التاريخ" لفرانسيس فوكوياما الذي يرى أن طريقة الحياة الأمريكية هي النموذج الوحيد الذي يجب أن يقتدى به.
وخلاصة القول، أن مختلف هذه الاتجاهات
النظرية في فهمها لظاهرتي التنمية والتخلف. تؤكد على النقط التالية : أولا:
"أن التنمية تعني من ضمن ما تعنيه التقدم نحو أهداف معينة محددة بوضوح، أهداف
مشنقة من واقع الدول المتقدمة. ثانيا: أن الدول المتخلفة سوف تتقدم أو تتجه
نحو نموذج الدول المتقدمة، عندما تتمكن من التغلب على عقبات اجتماعية و سياسية
وثقافية. ثالثا: إن هناك عمليات اقتصادية وسياسية وسيكولوجية يمكن تحديدها
وحصرها. ومن شأن ذلك معاونة دول العالم الثالث على تحقيق حشد شامل رشيد لمواردها
القومية. رابعا وأخيرا: ضرورة التنسيق بين القوى الاجتماعية و السياسية
المختلفة ( داخل المجتمع) من أجل تدعيم سياسة التنمية وتحديد الأساس الإيديولوجي
الذي يمكن من خلاله تحديد علاقة الدول المتخلفة بدول العالم الأخرى فيما يتعلق
بمهام أو واجبات التنمية"([18]).
عاشرا: نقد النظريات السابقة :
حاولت الاتجاهات النظرية السابقة فهم ظاهرة تخلف الدول النامية و الملاحظ أن كل من هذه الاتجاهات قد انطلقت من تصور محدد لهذه الظاهرة، كما أنها تتصف بسيطرة نزعة تطورية محافظة إلى حد بعيد و هي نزعة تمثل امتداد لاهتمامات علم الاجتماع الكلاسيكي و المؤكد أن النظريات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الغربية لا تستطيع أن تؤدي بنا إلى استنتاجات صادقة إذا ما طبقناها كما هي على الدول النامية ذلك أن الاتجاهات و النظم السائدة في الدول الأخيرة تتخذ طابعا معينا يصعب معه إجراء تحليلات اقتصادية و اجتماعية و سياسية من النوع السائد في الدول الغربية. و هذا يعكس عدم الكفاءة الأمبريقية لهذه النظريات، نظرا لعدم قدرتها على الإحاطة بكافة جوانب الواقع، هذا بالإضافة إلى التحيز الأيديولوجي التي وصفت به معظم النظريات في محاولة منها لتبرير الأوضاع القائمة و تدعيم شرعيتها مما جعلها غير قادرة على تغيير الواقع، فكيف يمكن إذن لهذه النظريات أن تسهم في فهم الواقع المتغير. و إذا كانت هذه النظريات قد فشلت في أن تحيط بأبعاد الواقع المتغير في نفس المجتمع الذي نشأت فيه فكيف يمكن لها أن تسهم في تفسير واقع التنمية والتخلف في الدول النامية.
إن البحث عن نظرية في التنمية مستمر حتى يومنا هذا، و ما تجدر الإشارة إليه أن محاولة تطوير النظريات الكلاسيكية و المحدثة التي لم تضع أصلا من أجل التنمية، لتناسب الأوضاع والمتطلبات التنموية الشمولية في أي منطقة من العالم، لن يؤدي إلا إلى تصاعد أزمة العلم والمجتمع،لأن تراث التنمية لم يعكس اختلاف الدول النامية و تنوعها بقدر ما يعكس ثقافات المجتمعات التي أنتجته، و من هنا وصفت هذه الجهود بالضئيلة لقد كان الهدف من هذا التحليل النقدي للنظريات التنموية، إثارة عدد من التساؤلات حول إمكانية هذه النظريات في تفسير الواقع التنموي المعاصر في المجتمعات النامية، و قد كشف واقع التنمية المعاصرة عن فشل هذه النظريات في تفسير الواقع و تغييره، نظرا لافتقادها الصدق الإمبريقي والكفاءة النظرية و الفعالية التطبيقية، بسبب طبيعة نشأة هذه النظريات في مجتمعات يختلف واقعها تماما عن واقع المجتمعات النامية اليوم، إضافة إلى ذلك فقد أظهرت النظرية التنموية الغربية تحيزا أيديولوجيا واضحا، انعكس في إغفال متعمد للأبعاد التاريخية للتخلف في مجتمعات العالم الثالث، ومن ثم محاولة تبرئة الاستعمار من دوره في نهب و استغلال الدول المتخلفة، هذا بالإضافة إلى تجاهل دور الامبريالية المعاصرة في العمل على تجميد النمو للمحافظة على استمرار التخلف بصورة ملتوية.
لقد فشلت النظريات الغربية في تفسير التغير في المجتمع الغربي المتقدم و فيما يطرحه اليوم من مشكلات، و ما يظهر فيه من حركات اجتماعية و يرجع ذلك إلى تحيزها الإيديولوجي للنظام و من ثم حاولت نقل هذا الفشل إلى المجتمعات النامية عن قصد، فلم تسهم في تقديم نظريات قادرة على فهم واقع التنمية الذي هو واقع للتغيير الموجه، بل اقتصرت جهودها على إجراء محاولة إصلاح وترميم جزئي للنظريات الغربية، و من ثم افتقدت هذه النظريات القدرة على فهم الواقع أو تغييره و كانت النتيجة المرغوبة تعثر التنمية للمجتمعات النامية، لقد كان الغرض من استعراض هذه النظريات المهمة و الأكثر توجيها لعملية التنمية الوقوف عند أهم المراحل و الفترات التي تعرضت لها البلدان المتخلفة و هي تبحث عن مخرج لها من دائرة الأزمات و التخلف التي لا تزال تعاني منها لحد الآن، فلم تجد في ذلك سبيلا إلا الحلول التي اقترحتها الدول الغربية بمختلف أيديولوجياتها و بمختلف أفكارها، حلولا التمسنا من خلالها أن تنمية المجتمع يجب أن تكون على غرار تنمية مجتمع آخر أكثر تطورا و تقدما، و مجتمعات الدول المتخلفة هي المعنية الأولى بتقليد هذه المجتمعات المتقدمة، و المجتمع المغربي على غرار المجتمعات الأخرى، تعرض لهذه المراحل و عاشها بكل فتراتها و مضامينها، و أصبح هو الآخر يبحث عن مخرج له من خلال تقليد الآخرين، لكن المشكل زاد تأزما و تعقيدا و أصبح الآن هذا المجتمع يبحث عن هويته وعن ثقافته و عن مقوماته .
لقد أصبح من الضروري التحدث عن تنمية محلية تنطلق من مقومات المجتمع المحلي، و من موارده، تنمية تبدأ من مواصفات الفرد المنتمي لهذا المجتمع و العضو فيه و ليس من مواصفات فرد خارجي غريب عنه، و هنا يمكن أن نلتمس أن التنمية المحلية، أو تنمية المجتمع المحلي هي المخرج الوحيد و الحل الرادع لجملة التغيرات و التحولات التي يشهدها العالم و التي مست أبسط عنصر في حياة المجتمعات المتخلفة بصفة عامة، و المجتمع المغربي بصفة خاصة.
المصادر :
1- السيد الحسيني: دراسات
في التنمية الاجتماعية، نفسه؛ ص58
2- السيد الحسيني:
دراسات في التنمية الاجتماعية، نفس المرجع، ص: 58
3- السيد الحسيني
نفس المرجع،ص 67
4- عبد السلام فراعي نقلا عن رضوان ايت اعزى بحث لنيل شهادة
الماستر "جمعيات المجتمع المدني و رهانات
التنمية البشرية: فاس نموذجا." بظهر المهراز. ص 28
5- نيقولا تيماشيف:
نظرية علم الاجتماع طبيعتها تطورها، ترجمة محمود عودة وآخرون، دار المعارف، الطبعة
الرابعة 1977،ص:361
6-
نيقولا تيماشيف: نفس المرجع ، الطبعة الخامسة،
1982 ص:155.
7- محمد احمد
الزعبي؛ التغير الاجتماعي بين علم الاجتماع البورجوازي و علم الاجتماع الاشتراكي.. ، ص: 187
8- نقلا عن بوبوف
نقد علم الاجتماع البورجوازي المعاصر، ترجمة نزار عيون السود دار دمشق للطباعة
والنشر ، الطبعة التانية 1974 ص: 75
9- السيد الحسيني،
نفس المرجع صص 68/69
10- السيد الحسيني: دراسات
في التنمية الاجتماعية، نفس المرجع ،ص: 69
11- بوبوف، نقد علم
الاجتماع البورجوازي المعاصر ،ص77
12- السيد الحسيني؛ دراسات في التنمية
الاجتماعية، نفس المرجع، ص 70_72
13-
-
مهى سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها، تطبيق على الريف
اللبناني، معهد الانماء العربي ،لبنان، ط1/1998، ص: 68.
14- عبد السلام
فراعي،التنمية والتربية، نفس المرجع، ص: 106
15- السيد الحسيني،
دراسات في التنمية الاجتماعية، نفس المرجع
ص81_84
16-
مهى سهيل المقدم: مقومات التنمية
الاجتماعية وتحدياتها، نفس المرجع السابق، ص: 69.
17-
-
مهى سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها مرجع سابق، ص: 82.
18- السيد الحسيني، دراسات في التنمية الاجتماعية، ص 101_102
طالب باحث بماسر سوسيولوحيا المجالات
القروية والتنمية
[1] محمد احمد الزعبي؛ التغير الاجتماعي بين علم
الاجتماع البورجوازي و علم الاجتماع
الاشتراكي.. ، ص: 187
[2] السيد الحسيني: دراسات في التنمية الاجتماعية،
نفسه؛ ص58
[3] السيد الحسيني: دراسات في التنمية الاجتماعية،
نفس المرجع، ص: 58
[4] عبد السلام فراعي نقلا عن رضوان ايت اعزى بحث لنيل شهادة
الماستر "جمعيات المجتمع المدني و رهانات
التنمية البشرية: فاس نموذجا." بظهر المهراز. ص 28
[5] نيقولا تيماشيف: نظرية علم الاجتماع طبيعتها
تطورها، ترجمة محمود عودة وآخرون، دار المعارف، الطبعة الرابعة 1977،ص:361
[6] نيقولا
تيماشيف: نفس المرجع ، الطبعة الخامسة، 1982 ص:155.
[7] السيد الحسيني نفس المرجع،ص 67
[8] نقلا عن بوبوف نقد علم الاجتماع البورجوازي
المعاصر، ترجمة نزار عيون السود دار دمشق للطباعة والنشر ، الطبعة التانية 1974 ص:
75
[9] السيد الحسيني، نفس المرجع صص 68/69
[10] السيد الحسيني: دراسات في التنمية الاجتماعية، نفس المرجع ،ص: 69
[11] بوبوف، نقد علم الاجتماع البورجوازي المعاصر ،ص77
[12]
السيد الحسيني؛ دراسات في التنمية
الاجتماعية، نفس المرجع، ص 70_72
[13] - مهى سهيل المقدم: مقومات
التنمية الاجتماعية وتحدياتها، تطبيق على الريف اللبناني، معهد الانماء العربي ،لبنان، ط1/1998، ص: 68.
[14] عبد السلام فراعي،التنمية والتربية، نفس المرجع،
ص: 106
[15] السيد الحسيني، دراسات في التنمية
الاجتماعية، نفس المرجع ص81_84
[16]
- مهى
سهيل المقدم: مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها، نفس المرجع السابق، ص: 69.
[17] - مهى سهيل المقدم:
مقومات التنمية الاجتماعية وتحدياتها مرجع سابق، ص: 82.
[18] السيد الحسيني، دراسات في التنمية الاجتماعية، ص 101_102
♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
مرحبا بك في بوابة علم الاجتماع
يسعدنا تلقي تعليقاتكم وسعداء بتواجدكم معنا على البوابة