أخر الاخبار

علم الإجرام pdf


 محاضرات في علم الإجرام 

مفهوم علم الإجرام

     إن علم الإجرام هو علم حديث النشأة مقارنة بغيره من فروع القانون الأخرى رغم أنه يدرس الجريمة لتحديد أسبابها بغية مكافحتها ، و الجريمة قديمة منذ قدم الإنسان و أهتم بها كل من الفلاسفة  و رجال الدين ولكن دراستها دراسة علمية قائمة على منهج العلوم الطبيعية التي يؤسس على الملاحظة و التجربة و الإستنتاج ، يعتبر حديث نسبيا ذلك أن الدراسة العلمية للجريمة (1) وبالفعل لم تنشأ الدراسات الإجرامية إلا بعد التطور الملحوظ الذي حدث في علوم الطب و النفس و الاجتماع ، وقد كان لأقطاب المدرسة الوضعية  والذي سوف يرد حولهم التفصيل في المحاور الموالية ، الفضل في تطبيق المنهج العلمي 

ــــــــــــــ
(1) تفترض ظهور علوم تقدم للباحثين في الجريمة و أسبابها مادتها الأولية ، أي تقدم لهم معلومات أساسية عن شخصية المجرم جسدا و نفسا و عن بيئته التي يحيا فيها .

التجريبي الذي تقوم عليـه العلوم الطبيعية على البحوث الإجرامية ، فكان ذلك بمثابة اللبنة و الركيزة الأولى لدعامات علم الإجرام ، الذي نما و تطور و إستقل كعلم قائم بذاته ، بعد أن توافرت له موضوعات بحثه  و تحددت بقوة و بدقة معالمه و مقوماته الأساسية .
     و رغم كل ما ذكر سابقا إلا أن تعريف هذا العلم لم يلقى إجماعا من الباحثين   و الدارسين و المهتمين به .

 و هناك من وسع في تعريفه و هناك من ضيق منه ، فإذا نظرنا مثلا إلى تعريف هذا العلم عند " أنريكو فيري" ، أحد أهم مؤسسي هذا العلم فهو ينصرف حسبه إلى كونه " مجموع العلوم الجنائية كافة " و هو يضم بصفة خاصة قانون العقوبات الذي لا يعدو أن يكون الشق القانوني من علم الإجرام ، و لا يزال بعض العلماء من تلاميذ فيري يتبنون هذا التعريف .
     كما يأخذ به بعض علماء الإجتماع و من التعريفات الموسعة ، نجد كذلك تعريف المدرسة النمساوية المسماة بالمدرسة الأنسكلوبيدية و يمثلها "هانس جروس"  و "جيراسبرجير" و  "سييلـج "  .

     و رغم أن هذه المدرسة تخرج قانون العقوبات من نطاق علم الإجرام ، إلا أنها تدخل فيه علم التحقيق الجنائي الفني و علم العقاب بالإضافة إلى دراسات السلوك الإجرامي و من التعريفات الموسعة نذكر كذلك تعريف عالم الإجتماع الأمريكي " سذرلاند " الذي يبدأ من منطلق أن علم الإجرام هو العلم الذي يدرس الجريمة بإعتبارها ظاهرة اجتماعية ثم ينتهي إلى تحديد واسع لهذا العلم بحيث يشمل ثلاث فروع رئيسية ، هي علم الاجتماع القانوني الجنائي و علم السلوك الإجرامي وعلم العقاب.
     و هناك من عرفه بأنه : " مجموع العلوم الجنائية كافة ، و هو بصفة خاصة يضم قانون العقوبات الذي لا يعدوا أن يكون الشق القانوني من علم الإجرام " (1) .       
    

ــــــــــــــــ
(1) أنظر: _ عبد الله الشادلي فتوح ، علم الإجرام العام، الطبعة 1 ، مصر، دون مكان نشر، دون سنة  نشر ، ص 24 .

     أما التعريفات المضيقة لعلم الإجرام فإنها تتفق على إستبعاد قانون العقوبات من مجال علم الإجرام فكلاهما علم متميز عن الآخر في موضوعه و منهجه و وظيفتـه  كذلك تتواتر تلك التعريفات على مفهوم أكثر تحديدا لعلم الإجرام ، حيث تخرج من نطاقه علم الإجتماع الجنائي و علم التحقيق الجنائي الفني و علم العقاب وعلم الوقاية العامة من الجريمة .  
     فهناك من عرفه بأنه : " علم الجريمة " أو هو : " علم الإنسان المجرم " أو أنه :  " العلم الذي يدرس الجريمة بإعتبار هذه الأخيرة فعلا معاقبا عليه " ، أو أنه أيضا :   " الدراسة العلمية للظاهرة الإجرامية " (1) .
     و بهذا نلاحظ أن علم الإجرام يختلف من حيث السعة و الضيق ، و كذلك من حيث التوجه الذي ينتمي إليه العلماء و الزوايا التي يدرس منها . و هناك من يقول بأن لمعرفة الإجرام و الإحاطة بالظاهرة الإجرامية بصفة عامة ، أو من طرف المشرع بصفة خاصة . لابد من الإلمام بعناصر عديدة هي: الفعل أو الإمتناع  و المجرم والمجتمع  ونظام الحكم و ذلك من أجل تقليص الفروق و توحيد الرؤية بين العلماء (2) . 

طبيعة علم الإجرام

      إن علم الإجرام في نظر البعض من العلماء لا يحتوي على المقومات الحقيقية للكيان العلمي المستقل ، فهو يحتوي على مزج لنتائج علوم أخرى متخصصة كعلم البيولوجيا و علم الإجتماع ، و علم النفس... و إنبثقت من هذه العلوم دراسات خاصـــــــــــــــــة

ــــــــــــــ
(1) أنظر: _ عبد المنعم سليمان ، أصول علم الإجرام و الجزاء ، الطبعة 1 ، المؤسسة الجامعية للدراسات  و النشر و التوزيع ، بيروت ، 1996 ، ص 14 .
(2) أنظر : _ دردوس مكي ، الموجز في علم الإجرام ، دون طبعة ، ديوان المطبوعات الجامعية  قسنطينة ، دون سنة نشر ، ص 1 .


كونت علم البيولوجيا الجنائية و علم الإجتماع الجنائي و علم النفس الجنائي... و منها مجتمعة  نشأ علم الإجرام .
     و لكن حاليا تأكد أن علم الإجرام أصبح موضوعا محددا ، تنصب دراسته على وجه التحديد على سببية السلوك الإجرامي و تحديد الأسباب الحقيقية لظاهرة الإجرام و هذا الموضوع لا ينازعه فيه علم آخر، و علم الإجرام في السنوات الأخيرة قد تطور في اتجاه أكثر علمية و بلغ درجة من التعقيد  و الإغراق في النواحي الفنية لدرجة أصبح يصعب على غير المتخصصين في الدراسات الإجرامية الوقوف عليه (1) .

     و هذه الخصوصية في منهج علم الإجرام ، تنبع كذلك من أنه على خلاف غالبية العلوم الإنسانية الأخرى . هو علم نظري و تطبيقي و هو عموما ينقسم إلى علم الإجرام العام الذي يدرس السلوك الإجرامي (2) بصفة عامة أيا كان نوع السلوك المرتكب  قتل أو سرقة أو إختطاف... ، و علم الإجرام الخاص و يختص بدراسة بعض صور السلوك الإجرامي كل صورة على حدا لبيان العوامل التي تؤدي إليها.

علاقة علم الإجرام بغيره من العلوم

     إن خصوصية علم الإجرام تجعلنا نحاول معرفة موقعه ضمن العلوم الأخرى و علاقته بها ، لأن هذا الأخير أثبت الفقهاء و العلماء أنه لديه إرتباط مع علوم عديدة سواء كانت طبية أو إنسانية و سواء كانت قانونية أو غير قانونية ، و ذلك على أساس أن هذه العلوم تهتم بدراسة الإنسان من جوانب مختلفة .
ــــــــــــ
(1) أنظر: _ عبد الله الشادلي  فتوح ، المرجع السابق ، ص 17_ 18 .
(2) وهو الذي بعرف في القانون الجنائي بأنه النشاط الذي يقوم به الفاعل لتحقيق النتيجة المعاقـــب عليها ... ، و أنظر أيضا _ بوسقيعة أحسن ، الوجيز في القانون الجزائي الخاص ، الجزء 1    الطبعة 12 ، دار اهومة ، الجزائر ، 2012 ، ص 12 .

1_ علاقة علم الإجرام بالعلوم الطبية :

     عندما لوحظ من الناحية الطبية وجود بعض الأمراض المؤثرة في سلوك الفـرد ولجـوء أكثر من غيره إلى بعض التصرفات المنافية و غير المقبولة إجتماعيا، بدأ الإهتمام بها لهذا السبب ، خصوصا ما يحدث للفرد من تغير في العواطف والإحساس والرغبات   و ضعف الإرادة ونقص الوعي ...، و الحقيقة  أنه لعلم الإجرام علاقة مع علم الأعضاء و علم الأنثروبولوجيا . حيث أن أول من ربط بين الملامح الخارجية للأفراد و سلوكاتهم في علاقة سببية و أبرز الصلة الموجودة بين الطب وعلم الإجرام هو " سيزار لومبروزو "  حين نشر سنة 1874 مؤلفه " الإنسان المجرم " ، و إليه يرجع الفضل أيضا في تأسيس علم الأنثروبولوجيا الجنائي ، و لو أنه هناك من انتقد ما جاء به هذا الأخير كالعالم الفرنسي " لا كاسانيو" و" قورنق " ، إلا أنه هناك من أيده مثل "قاروفالو" و" فيري "  و هناك من تبنى نظرياته و أدخل عليها التعديل ، مثل " دي تيليو "  و " باند " الإيطاليين (1) .  
   
     كما أن لعلم الإجرام علاقة بعلم الفيزيولوجيا و البيولوجيا ، حيث أن علماء البيولوجيا بعد إجراءهم لبحوث و فحوص معمقة على مجرمين مشوهين خلقيا أكدوا أن الملامح الخارجية التي تميز هؤلاء عن غيرهم ، ليست هي السبب الحقيقي في سلوكهم الإجرامي بل هي بدورها نتيجة لظاهرة أخرى تكون هي السبب الحقيقي ، كما أنه أصبح هناك قول أن طباع الأفراد مرتبطة بجهازهم الفيزيولوجي و إفرازاته الباطنية ، و قد يصادف       أن يقترن طبع الشخص بتواجد علامة خارجية في جسمه ، فيجوز القول أن تلك العلامة هي معبرة عن سلوكه ، إلا أن انعدامها لا يجعلنا نتنبأ بسلوكه الاجتماعي بالنظر إلى معطيات فيزيولوجية طالما أن طبع الأشخاص هو مرتبط أولا  و قبل كل شيء بإفرازات الأعضاء و الغدد ، أما الملامح الخارجية فما هي سوى مضاعفات لتلك الإفرازات (2) .  

ــــــــــــــ
(1) أنظر: _ دردوس مكي ، المرجع  السابق ، ص 19_20 .
(2) أنظر: _ دردوس مكي ، المرجع  نفسه ،  ص 20 .

الإطار العام لعلم الإجرام

     كما أنه هناك من يقول بوجود علاقة بين علم الإجرام و علم النفس ، و ذلك بكون العلماء في هذا التخصص لم يهتموا بالشخص غير العادي لأن إهتمامهم كان منصبا على  الشخص السوي . و لكن تطور الأمر ليهتموا بالأشخاص غير العاديين و ذلك عند وضعهـم لمعايير تدل على هؤلاء و تميزهم عن الأشخاص غير العاديين و قد تفاعلوا بذلك مع علماء مختصين في الأمراض العقلية ، و هم الذين يبحثون عن أسباب الأمراض العقلية و كيفيات الوقاية منها ، و أيضا محاولة معرفة ما هي علاقة الأمراض العقلية مع الإجرام ، كما تفاعل علماء النفس مع المختصين في علم التحليل النفسي الذي يبحث في تكوين الشخصية الروحية للأفراد و تطورها و مدى تأثير حالات القلق و الكبت و الذنب المعاشة عليها ، و يبحث في التصرفات اللاشعورية للأفراد و تطور العقلية الجنائية و تدرجها نحو الجريمة نتيجة التراكمات الداخلية النفسية ، وعليه نجد أن كلا من هذه العلوم متفاعل مع بعضه و له علاقة وطيدة بعلم الإجرام (1) .     

2_ علاقة علم الإجرام بالعلوم الاجتماعية :

     إن من العلماء من قال أن الجريمة هي ظاهرة إجتماعية لا يمكن تصورها إلا داخل مجتمع ، فهي عمل يصدر من شخص ضد نظام المجتمع الذي يعيش فيه وتعبير عن فشل المجرم في التكيف مع مجتمعه و قد أهتم العلماء بالأسباب الاجتماعية أول المطاف كرد فعل على نظرية لومبروزو، ثم ما لبث أن تبناها بجدية الكثير من العلماء وقد برز بهذا ما يسمى بعلم الاجتماع الجنائي الذي يهتم بدراسة الجريمة كظاهرة إجتماعية      كما سبق القول ومدى الصلة بينها وبين غيرها من الظواهر، كالظواهــر الطبيعية والحالة الإقتصادية و هو بهذا يدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة في حياة المجتمع تتأثر بالظــــــروف 
ــــ
(1) أنظر : _ السيد ياسين ، نحو دراسة الآراء و الإتجاهات و تأثيرها على الظاهرة الإجرامية  المجلة الجنائية القومية ، المجلد 13 ، العدد 1 ، المركز القومي للبحوث الإجتماعية و الجنائية  مصر ، 1970  ص 85 . و أنظر أيضا _ دردوس مكي ، المرجع السابق ، ص 22 .

التي يعيش فيها أو يمر بها (1) ، و بهذا كان للعلوم الاجتماعية دور مهم في إفادة علم الإجرام و الإستفادة منه . 
3_ علاقة علم الإجرام بالعلوم القانونية :
     يتشابه علم الإجرام و قانون العقوبات في أن كلا منهما يبحث في ظاهرة الجريمة مما أدى بالبعض إلى القول بوحدة الموضوع بينهما ، و لو أن هذا الموضوع مردود إلا أن هناك صلة كبيرة بينهما ، فقانون العقوبات هو الذي يحدد الواقعة التي تعد في نظره جريمة و هو بذلك يرسم لعلم الإجرام الإطار الذي يعمل داخله (2) . 
     كما أن المشرع الجنائي يستعين بأبحاث علم الإجرام ، من أجل فهم أسباب ارتكاب الجريمة و يعينه ذلك على وضع أفضل النصوص التي تكفل مكافحتها ، و يستعين كذلك القاضي الجنائي بدراسة أسباب الجريمة في تفهمه للواقعة المعروضة عليه فيحسن اختيار أحسن العقوبات في حدود سلطته التقديرية حتى تحقق العقوبة الهدف منها، كذلك نجد سلطة تنفيذ العقاب تفيد من أبحاث علم الإجرام في تحديد دوافع الجريمة ، لدى المجرمين حتى تستطيع أن تعدهم للالتئام مع المجتمع بعد تنفيذ العقوبة (3) .     
     و لعلم الإجرام علاقة بقانون الإجراءات الجزائية ، حيث أن موضوع هذا الأخير    هو تنظيم الدعوى العمومية حيث لا يفلت مجرمو لا يدان بريء ، و لذلك فــإن هذا القانون يؤثر على علم الإجرام من خلال دراسة مدى تأثير أجهزة العدالة الجنائية       من ضبطية قضائية إلى نيابة عامة إلى قضاة  و محاكم و سلطات تنفيذ على شخصية المجرم و خاصة المحترف أو العائد للجريمة .

ــــــــــــ
(1) أنظر : _ عبد الستار فوزية ، مبادئ علم الإجرام و علم العقاب ، دون طبعة ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، ص 17 .
(2) أنظر : _ عبد الله سليمان ، شرح قانون العقوبات الجزائري ، القسم العام ، الجزء 1 ، الطبعة 6  ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، 2005 ، ص 12 و ما يليها .
(3) أنظر : _ عبد الستار فوزية ، المرجع  نفسه ، ص 18_19 .

     كما يؤثر علم الإجرام على هذا الأخير في كون النتائج المتوصل إليها في علم الإجرام ، تساعد قاضي الموضوع على تكوين قناعته الوجدانية في دراسة ظروف و حالة المجرم لاختيار الجزاء المناسب وفق شخصيته ، علاوة على إعانة سلطات التنفيذ في مراكز التأهيل و الإصلاح السجون في إتباع أنجع الأساليب لتنفيذ الجزاء وفق هدف التأهيل و التهذيب و الإصلاح من أجل تفريد الجزاء الجنائي (1) . 
     كما لعلم الإجرام علاقة بعلم العقاب ، و ذلك على اعتبار الارتباط الوثيق بينهما كعلمين يهدفان لمكافحة الجريمة و علاج السلوك الإجرامي ، لأن العلاج هنا ينطلق من ميدان علاج المجرم و ميدان الوقاية من الجريمة ، و هنا يلتقي علم الإجرام بعلم العقاب لمعرفة أسباب الجريمة و الظروف المختلفة المحيطة بالمجرم للتوصل إلى وسائل علاجها، و هذا ما يؤدي إلى ترشيد السياسة الجنائية .
     كما أن علم العقاب يستفيد من نتائج دراسات و أبحاث علم الإجرام المتعلقة بشخصية المجرم للوصول إلى تحديد الأهداف القريبة و البعيدة للعقوبات الجزائية        ثم يختار الأساليب الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف ، إضافة إلى أن علم الإجرام يستعين بدراسات علم العقاب حول تأثير تنفيذ العقوبات الجزائية على تكوين الشخصية الإجرامية (2) . 
     وتعتبر السياسة الجنائية من العلوم القانونية التي لها علاقة بعلم الإجرام ، حيث نجد أنها الأساليب أو الطرق التي ينتهجها المشرع الجنائي لمكافحة الجريمة ، وعلم الإجرام يبحث فيما هو كائن فيبحث الجريمة بإعتبارها ظاهرة حدثت في حياة الفرد و الجماعة ليحدد دوافع المجرم إلى إرتكابها و السياسة الجنائيــــــة تبحث فيما يجب أن يكون عليــــــــــــــــــه 

ـــــــــــــ
(1) أنظر : _ محمد صبحي نجم ، أصول علم الإجرام و العقاب ، الطبعة 1 ، الدار العلمية الدولية  عمان ، 2002 ، ص 12 .
(2) أنظر : _ محمد صبحي نجم ، المرجع نفسه ، ص ص 13_14 .

القانون الجنائي لمكافحة الجريمة ، و لكن رغم هذا فالصلة بين العلمين وثيقة فالسياســـــــــــــة الجنائية تهتدي في تحديد خطتها لمكافحة الجريمة في المجتمع بنتائج أبحاث ودراسات علم الإجرام ، رغم أن استجابتها لدراسات علم الإجرام مقيدة بالظروف السياسية والإجتماعية  و الإقتصادية القائمة في كل دولة (1) .

أساليب البحث في علم الإجرام

     حاول علماء الإجرام أن يتبعوا عدة أساليب و مناهج في دراسة الظاهرة الإجرامية فركزوا تارة على المجرم و ركزوا تارة أخرى على الجريمة ، و قد إختلفوا في ذلك ما جعل أساليبهم في كل مرة تصد بالنقد .

     و من الحقائق التاريخية التي لا تجحد أن علم الإجرام وليد التوفيق بين فئتين من المعرفة الأولى هي المستخلصة من الدراسات الأنثروبولوجية الجنائية ، و الثانية هي المستخلصة من علم  الإجتماع الجنائي ، و قد إنصرفت الفئة الأولى من الدراسات إلى شخص المجرم ، بينما إنصرفت الفئة الثانية إلى المشاكل الإجتماعية للجريمة و يرجع الفضل إلى الفقيه الألماني " فون لست "، الذي كان أول من نادى بتوحيد المنهج العلمي في مجال دراسات علم الإجرام لكي يضم كلا من الأنثروبولوجيا الجنائية و الاجتماع الجنائي .  و قد دعم وجهة نظره هذه بإبراز الحقيقة المركبة للجريمة فهي من ناحية حدث في حياة الفرد ، و من ناحية أخرى حدث في حياة الجماعة لهذا يجب الجمع بين الحدثين في دراسة واحدة ، حتى و لو اختلف منهج دراسة كل منهما (1) .  
ـــــــــــــــ
(1) أنظر: _ الصيفي عبد الفتاح ، _ زكي أبو عامر محمد ،  علم الإجرام و العقاب ، دون طبعة   دار المطبوعات  الجامعية ، الإسكندرية ، 1997_ 1998 ، ص ص  74_75 .


     و لكن هناك من يرى أن لكل من الأنثروبولوجيا الجنائية و علم الاجتماع الجنائي إستقلاله التام عن الآخر و ذلك لإختلاف موضوع كل منهما ، و هناك من خلص إلى القول أن الجمع بين الفئتين من المعرفة يلاءم التكوين المزدوج للجريمة كسلوك فردي    و كظاهرة إجتماعية ، و هو ما يرتب ازدواج موضوع هذا العلم دون أن يتعارض و يجعل من الدراسة متكاملة (1) .     
 
     و علم الإجرام يتناول البحث في نواح متعددة تتعلق بالفعل الإجرامي و المجرم فيدرس هذا العلم الجريمة كظاهرة اجتماعية قانونية و يدرس المجرم و الظروف المختلفة التي أحاطت بالموقف الإجرامي سواء كانت ظروف داخلية متعلقة بشخصية المجرم    أو ظروف خارجية بيئية تحيط به و تهدف تلك الدراسة إلى بيان العلاقة بين تلك الظروف بالجريمة   و إلى تصنيف المجرمين وفقا لذلك.

     و بعد تحديد دور علم الإجرام يأتي دور البحث في هذا العلم و الوسائل المختلفة التي تتبع من أجل تحقيق الحقائق العلمية حول الجريمة و المجرم .
     و الواقع أن مناهج البحث تختلف و الموضوعات التي تعالجها طبقا لإختلاف العلوم والموضوعات التي تعالجها و لقد بدأ المنهج التجريبي الذي يعتمد على الملاحظة  و المشاهدة يشق طريقه في مجال العلوم الطبيعية و في مجال الظواهر الاجتماعية المختلفة و منها الجريمة كظاهرة إجتماعية فنشأ علم الإجرام و طرأ حديثا تقدم علمي في مناهج البحث يساعد على إيجاد وسائل عدة للتغلب على هذه الصعوبات التي أفرزتها النتائج التجريبية في تفسير الوقائع المختلفة.

للاطلاع على الملف كاملا حمله من الرابط الموجود أسفله 

https://drive.google.com/file/d/1uRiVl1koTUBxx3ay6tOTRDybh0uWQlJK/view?usp=sharing

♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -