أخر الاخبار

مفهوم الحقل عند بيير بورديو

مفهوم الحقل عند بيير بورديو
مفهوم الحقل عند بيير بورديو 


مفهوم الحقل عند بيير بورديو


مفهوم الحقل عند بيير بورديو هو أكثر من مجرد ساحة تنافسية؛ إنه بنية اجتماعية ديناميكية تتشكل وتتطور باستمرار، وتؤثر بشكل عميق في حياتنا اليومية. يعرض لنا بورديو صورة معقدة عن المجتمع، حيث لا توجد طبقة اجتماعية واحدة متجانسة، بل مجموعة من الحقول المتداخلة والمتفاعلة.

 ويحيل مفهوم الحقل كذلك عند بورديو إلى "عالم اجتماعي كامل " monde un Tout social"، أي بكل المواصفات والتقاطيع التي يشير إليها العالم الاجتماعي، يتعلق الأمر بسلطة ورأسمال وعلاقات قوة وصراعات من أجل المحافظة أو من أجل تغيير علاقات القوة  القائمة، وباستراتيجيات المحافظة أو للخلخلة... الخ، كما في باقي المجالات الاجتماعية.

 وقد ساعد المنهج البنيوي لبيير بورديو في نهاية المطاف على النظر إلى الصراعات داخل الحقول الاجتماعية لا بوصفها احتدام بين الطبقات من أجل السيطرة على وسائل الإنتاج المادية وعلى ملكية رأس المال الاقتصادي كما هو سائد في الرؤية الماركسية، بل نظر إليها كنزاع حول المال ورأس المال الثقافي بوصفه رأس المال الرمزي، ومن أجل الوجاهة والسلطة والتمايز الاجتماعي، ويتميز الحقل حسب بيير بورديو بنوعين من الصراع:

 الأول داخلي بين عملائه في تنافسهم على الشرعية وعلى امتلاك الحق في تمثيل الحقل والتعبير عنه واحتكار المنافع التي يدرها، وأيضا التنافس بين قدماء الحقل الآباء المؤسسون)، والوافدون الجدد المحدثون.

 والثاني هو صراع بين الحقل وباقي الحقول المنافسة داخل الفضاء الاجتماعي .

 إذن فالحقول الاجتماعية كما حددها بورديو)، ليست  بنيات مجمدة ولو أن انشغالها يستجيب لقوانين عامة للحقول التي يحاول عالم الاجتماع تفعيلها. فبنية الحقل هي نتاج تاريخ أي الحقل بنية لها تاريخ.

هل الحقل له حدود ؟ 

ومن جهة أخرى فهي بمثابة نسق له حدوده التي تضمن استقلاليته عن الحقول الأخرى تنشط في هذا الحقل سلطة رمزية تكون بمثابة ضمان "لإعادة الإنتاج الذاتي" للحقل عن طريق الممارسات والتمثلات التابعة "للسلطة الرمزية" التي تعمل على توريث رأس المال الرمزي توريثا ً على فرض منطقه الخاص، كلما أمن بقاءه وحفظ مطلقا، وكلما كان الحقل مستقلاً قادرا استمراره، وحتى لا ننس لابد من الإشارة إلى أن البنية وفق بورديو تعرف تغير وحراك اجتماعي على مستوى بنيتها الداخلية، لكن البنية مع التطور التاريخي فهي تظل تعيد إنتاج ذاتها بذاتها، بحيث تحافظ على النظام الاجتماعي السائد نفسه.

 ويمكن أن نتمثل العالم الاجتماعي عند بورديو في شكل فضاء (ذو أبعاد )( متعددة) مركب من مواقع(أو مناصب) ومبني أيضا على أساس مبادئ التمييز أو التوزيع  المكونة من مجموعة الخصائص التي توجد في العالم الاجتماعي وهكذا فإن الأعوان يعرفون ويحددون من خلال مواقعهم في هذا الفضاء، فكل واحد منهم متموقع في موقع محدد أو في طبقة محددة من المواقع المجاورة (بمعنى في منطقة معينة من الفضاء...) ، وأعني بهذا أن الحقل ميدان للتنافس بين الأعوان بغية الحصول على مختلف الثروات الرمزية التي تتحدد في شكل رساميل نوعية، أي التنافس أو الصراع في صيغة رمزية.

 وهكذا يمكننا القول أن الحقل الاجتماعي عبارة عن مواقع، وعلاقات أشخاص، ومؤسسات، وتوزيع مختلف للسلطة أو لرأس المال، لعبة معينة، هيمنة، خضوع، رهانات، صراعات، منافسة، استراتيجيات، ميزان قوى رمزي ، كما هو ميدان (مجال، حلبة، ملعب) (أو قل سوق).

 أنواع الحقول الاجتماعية وخصائصها عند بيير بورديو :

زيادة على هذه النظرة الإجمالية للمجتمع يضيف "بيير بورديو" تحليلا في شكل حقول اجتماعية. ومصطلح «الحقل » Champ، كما رأينا في البداية عنده له أهمية خاصة في سوسيولوجيته عموما، وفي سوسيولوجية الأدب على وجه الخصوص ) ( ، فالحياة الاجتماعية في نظره تحتوي عددا من التطبعات المختلفة وكل نسق منها ملائم لما يسميه حقلا، وهذا الحقل (الاقتصادي أو السياسي أو الأدبي...أو الخ) هو نسق تنافسي من العلاقات الاجتماعية الموضوعية يعمل وفقا لمنطقه الداخلي الخاص، ويتألف من مؤسسات وأفراد يتنافسون على )( نفس الرهان. 

والرهان هو الحصول على الحد الأقصى من السيادة داخل المجال، وتسمح تلك السيادة ٕ قصائهم بعيدا عن للذين يحققونها بإضفاء الشرعية على المشاركين الآخرين أو بسحبها منهم وا جنة المجال، ويستتبع تحقيقها (السيادة) جمع أكبر قدر من نوع خاص من "رأس المال الرمزي" "Capital Symbolique "الملائم للحقل. ) .

( وعلى الرغم من إمكانية التداخل بين "الحقول الاجتماعية" إلا أن عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو ميز بين نوعين من الحقول الاجتماعية من حيث ذاتية الإنشاء حقل السلطة والحقول الفرعية.

فما المقصود بحقل السلطة عند (بورديو) وماهي مميزاته؟

في أبحاثه حول البنية الطبقية، قام "ماتورانا" (Maturana) بتحديد ثلاث درجات للتداخل بين الأنساق ذاتية الإنشاء:

حالة التزاوج (Couplage) البسيط: في هذه الحالة، يحدث تزاوج بين أنساق ذاتية الإنشاء، حيث يحتفظ كل نسق بهويته ولا ينصهر مع الآخر في وحدة نسقية جديدة. بمعنى أن كل نسق يحافظ على خصوصيته الثقافية وهويته، دون أن يندمج الحقلين في حقل جديد.

الحالة الثانية: في هذه الحالة، تنصهر هوية كلا الحقلين لتشكيل نسق جديد يعبر عن درجة التداخل بينهما. مع تخلي الحقول الفرعية عن هويتها، يتشكل النسق الجديد بهوية خاصة به.

الحالة الثالثة: في هذه الحالة، يعلو حقل السلطة على جميع الحقول الفرعية الأخرى، محافظاً على هويته، ويعمل على تحديد آلية اشتغال الحقول الأخرى.

إن محافظة الحقل على هويته وخصوصيته تعتمد على الأعوان الفاعلين داخله، الذين يعملون على ضمان استمراريته وبقائه. وفي هذا الصدد، يوضح "بيير بورديو" (Pierre Bourdieu) أن حقل السلطة هو المجال الاجتماعي العام، حيث يمتلك حدودًا تضمن استقلاليته، حتى وإن كانت له علاقة مع المحيط ومع الأنساق الأخرى.

هذا الحقل الاجتماعي العام يتميز بعلاقات القوة، حيث يكون هدفه فرض السلطة وتوجيه رهانات اشتغال الحقول الأخرى. ويتميز بقدرته الإدماجية القادرة على إظهار مدى التجانس مع خصوصياته الداخلية لضمان بقائه واستمراره. يتمكن الحقل من فرض سلطته بفضل ما يمتلكه من رأس مال رمزي، والذي يتحول بمجرد الاعتراف به إلى "سلطة رمزية" (Pouvoirs Symbolique).

مميزات حقل السلطة عند بيير بورديو:

بنية محددة للقوى: يتشكل حقل السلطة من قوى محددة في بنيته، حيث تتواجد علاقة القوة بين أشكال مختلفة من السلطة أو أنواع متنوعة من الرأسمال.

حقل صراعات: يعتبر حقل السلطة ساحة صراع من أجل السلطة والسيطرة والهيمنة بين الأفراد والمؤسسات الذين يمتلكون سلطات متباينة.

فضاء للعب القوى: يتواجد في حقل السلطة فاعلون ومؤسسات يشتركون في امتلاكهم لرأسمال خاص (ثقافي، اقتصادي، إلخ). الهدف من هذه المواجهات هو تحقيق الرغبة في احتلال مواقع مسيطرة في حقولهم الخاصة، مثل الحقل الاقتصادي، حقل الإدارة العليا للدولة، الحقل الأكاديمي، والحقل الفكري. كما تهدف المواجهة أيضاً إلى الحفاظ على علاقة القوة القائمة أو محاولة تحويلها.

فرض مبدأ السيطرة: الهدف الأساسي من صراع القوى في حقل السلطة هو فرض مبدأ السيطرة، حيث يسعى كل طرف مسيطر إلى الوصول إلى حالة من التوازن، تمكنه من اقتسام السلطة مع الأطراف المتنازعة الأخرى، مما يؤدي إلى تقسيم عمل السيطرة.

الشرعنة والمشروعية: يعد الصراع في حقل السلطة أيضاً صراعاً من أجل فرض مبدأ الشرعنة (المشروعية)، أي إضفاء المشروعية والمصداقية على وضعية السيطرة المحققة. هذا الصراع يهدف أيضاً إلى الحفاظ على نمط إعادة إنتاج أسس السيطرة الشرعية.

مفهوم الحقل عند بيير بورديو pdf

للاطلاعه على الملف كاملا حمله من هنا 

♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -