أخر الاخبار

حراك الريف بالمغرب: الفردنة كمحفز للفعل الاحتجاجي

حراك الريف بالمغرب: الفردنة كمحفز للفعل الاحتجاجي

حراك الريف بالمغرب: الفردنة كمحفز للفعل الاحتجاجي 
The Rif movement in Morocco:
The individualization as a stimulus of protestations 
أ.عزيز مشواط، كلية الآداب عين الشق جامعة الحسن الثاني-المغرب
 ملخص: 
ينطلق هذا المقال، في قراءته للحراك الذي شهدته منطقة الريف المغربي، من فرضية أساسية مفادها أن هذا الفعل الاحتجاجي، وإن اتخذ طابع الفعل الجماعي، إلا أنه يعبر في النهاية عن مسلسل الفردنة الذي دخل فيه المجتمع المغربي، إذ لم تعد الجماعة، القبيلة، أو حتى الحزب أوالنقابة قادرة على الاستجابة لحاجات الافراد المادية والرمزية، ولذلك فإن ارتفاعا في منسوب الرغبة في تحقيق المطامح والغايات الفردية مع عدم القدرة على تحقيقها ينتج إحباطا، تعززه مفاعيل التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية، مما يسهل الانتقال من الفعل الاحتجاجي الفردي على المستوى الافتراضي إلى الفعل الواقعي وهو ما يفرض على النسق السياسي مراجعة آليات اشتغاله بشكل متواتر وسريع تفاديا ألزمات انفراط الثقة في طبيعة التعاقد الاجتماعي في حالة انغلاق النسق، وعدم قدرته على التجدد واستيعاب المتغيرات السريعة.
 الكلمات المفتاحية: الفعل الاحتجاجي، الريف، المغرب، الفردنة.
 Abstract: This article is based on the hypothesis that although it has taken a form of collective action, Rif movement reflects an individualization process in which Moroccan society started getting in. Since that the community, the tribe, or even the party or union are no longer able to meet the material and symbolic needs of individuals. Therefore, the rise of the desire to achieve individual ambitions and goals also the inability to achieve them, generate frustration that is reinforced by technology and social networks effects, which makes easier to move from an individual form of protest at the virtual level to reality. This situation requires a working system review by politicians in a fast and regular manner, to avoid confidence crises which could break up the social contract in case of inability of making progress. Keywords: Protestation, Rif, Morocco, Individualization
مقدمة:
 تتقاطع في الفعل الاحتجاجي أبعاد متعددة: "إنه شكل من أشكال الممارسة السياسية العفوية من جهة، ويساهم في الآن ذاته في تحديد المشكالت التي ينتظر المحتجون أن تهتم بها السياسات العمومية، كما يمثل الفضاء الذي تتبلور فيه الهويات الفردية والجماعية". انطلاقا من هذا التعريف الذي يقدمه هيرشمان (1972, Hirschman.o Albert ،) يطرح حراك الريف وتفاعلاته على الباحث في العلوم الانسانية أسئلة جوهرية من قبيل: 
كيف يمكن تأطير هذا الفعل الاجتماعي نظريا؟ وبأية عدة مفاهيمية يمكن مقاربته؟ هل يتعلق الأمر بحركة اجتماعية؟ أم بفعل هوياتي؟ أم بانتفاضة عفوية؟ وهل يمكن الوصول إلى وجود ميكانيزمات يمكن بواسطتها فهم هذا الفعل الاحتجاجي في سياق التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي؟ لا بد من الاعتراف بأن العلوم الانسانية والسوسيولوجيا على الخصوص غالبا ما تجد نفسها متجاوزة وغير قادرة على فهم ومتابعة قوة الحركات الاجتماعية والفعل الجماعي المتدفق، فقد يمضي وقت طويل على بعض الاحداث قبل أن تجد هذه التخصصات الادوات المنهجية الكفيلة بالقراءة.وفي بعض الحلات، يغير الفعل الجماعي البراديغمات والأدوات النظرية لفهمها.
   لا ندعي تقديمنا هنا لقراءات نظرية أو منهجية وافية، بقدر ما هي محاولة لتجريب بعض المفاهيم النظرية لقراءة حراك الريف، والتي سنحاول بناءها انطلاقا من الفرضية العامة التالية: 
إن الفعل الاحتجاجي، وبالرغم من اتخاذه طابعا جماعيا، إلا أنه يعبر في النهاية عن مسلسل الفردانة الذي دخل فيه المجتمع المغربي، إذ لم تعد الجماعة، القبيلة، أو حتى الحزب أو النقابة قادرة على الاستجابة لحاجات الأفراد المادية والرمزية، ولذلك فإن ارتفاعا في منسوب الرغبة في تحقيق المطامح والغايات الفردية مع عدم القدرة على تحقيقها ينتج إحباطا، تعززه مفاعيل التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية، مما يسهل الانتقال من الفعل الاحتجاجي الفردي إلى المستوى الإفتراضي إلى الفعل الواقعي وهو ما يفرض على النسق السياسي مراجعة آليات اشتغاله بشكل متواتر وسريع تفاديا لأزمات انفراط الثقة في طبيعة التعاقد الإجتماعي في حالة انغالق النسق وعدم قدرته على التجدد واستيعاب المتغيرات السريعة. 
البراديغم الفرداني: إشكاالت نظرية 
 ما الذي نعنيه هنا بالفردانية؟ وهل المفهوم واضح بذاته ولا يحتاج إلى الوقوف عند جوانب إشكالية في مضمونه؟ إن الجدل حول الفردانية سواء كمفهوم أو كمضمون ليس جديدا في الحقل السوسيولوجي، لقد قارب الآباء المؤسسين مسلسل الفردنة بطرق مختلفة منذ دوركاييم، وزيمل، ديمون وغيرهم، تتجاور في هذا المفهوم ثلاث دالالت:
الآولى  تحيل إلى ذلك التوجه نحو الإعلاء من المصالح الفردية دون الإهتمام بالآخرين. وتحيل هذه الدلالة على تصور قدحي للفردانية، باعتبار إحالة هذه الدلالة على الانتهازية والوصولية ونوع من الانغالق الذي يهدد المجتمع كما يؤكد ذلك دوركاييم (1981, Durkhiem Emile ) في نقده لفردانية المثقفين. أما الدلالة الثانية، فتحيل على مجموعة من الممارسات والمؤسسات التي تشجع على انبثاق الانسان الحر باعتباره ذاتا مستقلة. وهنا ترتبط الفردانية بالاستقلالية والتقدم وبالحداثة.
 وفي مستوى ثالث، تشير الفردانية إلى ذلك المفهوم الذي طوره فكر الأنوار والذي ربط ظهور الإنسان الحديث بانبثاق الشخص ككائن مفكر وواع قوامه العقل والتحرر من إكراهات البنيات التقليدية للمجتمع. الى شيء يضمن عدم وجود نوع من التعالق بين الدلالالت التي يحيل عليها مفهوم الفردانية. ولا شئ يمنع أيضا من القول مع "لويس دومون" بأن الفردانية تشكل جوهر الايديولوجية الحداثية، لكن دون أن يكون ضمن أهدافنا مناقشة معنى الفردانية وأصولها الفلسفية ومدى تعبيرها عن الانفصال عن البنيات التقليدية للتجمعات البشرية، نعتبر أن الفردانية «تغطي مساحة واسعة من المفاهيم الإشكالية من قبيل: كرامة الشخص واستقلاليته الاجتماعية والسياسية، وقدرته على التعبير عن خصوصيته الفردية، ومدى احترام حميميته، بالإضافة إلى قدرته على التفكر في جوانيته الداخلية والعمل باستمرار على تطوير الذات والتفكر فيه (,Bart Le Christia .2008, p24 ) انطالقا من هذا التعريف فإننا سنحاول أن نبين أن حراك الريف يدخل في إطار مسلسل عميق من التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي بصفة عامة. ولعل السمة الأبرز لهذا المسلسل هو ارتفاع وتيرة الفردنة، يسندنا في هذا التحليل عدد من المؤشرات ذات الدلالة القوية سوسيولوجيا. ولعل هذه المؤشرات تتمثل في سرعة الانتقال الديمغرافي الذي يعيشه المغرب حيث في ظرف أربعين سنة حقق المغرب انتقالا ديمغرافيا أمضت فرنسا مثال أكثر من 150 سنة لتحقيقه، أما المؤشر الثاني، فنستمده من عدد من الدراسات التي تؤكد أن المصلحة الشخصية والفردية لدى المبحوثين المغاربة تعلو على مصلحة جماعة الانتماء، بالرغم من الحضور المكثف للدين في النسق القيمي للمغاربة.
 أما المؤشر الثالث، فنعود من خلاله إلى الانسحاب الملحوظ وضعف الثقة في المؤسسات الرسمية من أحزاب ونقابات وتنظيمات مدنية التي يتم النظر إليها بغير قليل من الشك والريبة في مقابل ارتفاع نسبة التعبيرات السياسية عبر القنوات غير الرسمية وخاصة عبر الفضاء الافتراضي والشبكات الاجتماعية... 
يمكنكم قراءة المقال كاملا من خلال مجلة العلوم الاجتماعية العدد-السادس تشرين الأول أكتوبر 2018.pdf
ص 67
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -