أخر الاخبار

مقدمة في علم الاجتماع القروي - عبد الرحيم العطري

مقدمة في علم الاجتماع القروي - عبد الرحيم العطري
إضافة شرح
مقدمة في علم الاجتماع القروي

ما السوسيولوجيا القروية ؟ ما حدودها و امتداداتها المعرفية ؟ ما طموحاتها القصوى ؟ ماذا عن الرواد و بدايات التأسيس و الشرعنة العلمية ؟ و ما الذي نتغياه فعلا من هذه المعرفة التي تعلن الانتماء المجالي لكل ما هو قروي ؟ و فيم يفيد الدرس السوسيولوجي القروي تحديدا ؟
ربما تجد هذه الأسئلة لنفسها أكثر من مبرر منهجي في مفتتح هذا القول ، ليس فقط لأنها تضعنا على طريق التساؤل النقدي ، بل لأنها تعبد ذات الطريق نحو مقدمات تمهيدية للاقتراب أكثر من مطامح و رهانات السوسيولوجيا القروية .
فالمطمح المعرفي لهذا القول لن يكون غير بحث أولي عن بعض المداخل المؤدية إلى دوائر السوسيولوجيا القروية ، و على سبيل التمهيد قبلا و بعدا ، ينفرض علينا مساءلة البدء السوسيولوجي القروي ، و محاورة انشغاله العلمي و رواده أملا في الاقتراب أكثر من ماهية السوسيولوجيا القروية ، و اعتبارا لذلك كله سيكون الحفر الأركيولوجي التاريخي آلية أساســية ضمن آليات اشتــغالنا على هــكذا موضوع ، فالسوسيولوجيا الـــقروية في عــمقها و مشروعها المعرفي تجد ذاتها مدعوة بل مضطرة في كثير من الأحايين إلى استلهام مناهج التاريخ و الجغرافيا و غير قليل من نتائج العلوم الأخرى . فإلى البدء إذن ....

البداية و الامتداد

هل يمكن القول بأن السوسيولوجيا القروية سابقة على السوسيولوجيا العامة ؟ فما دام التفكير الاجتماعي غارق في القدم و لا يقف بالمرة عند حدود أوغيست كونت(auguste comte) ، فإن أول تفكير أو تفكر في " الاجتماعي " كان متمحورا حول الظواهر الاجتماعية في سياقها الزراعي و القروي ، على اعتبار أن القرية سابقة على المدينة و أن نشاطات الصيد و الزراعة سابقة أيضا على مختلف النشاطات الصناعية الأخرى التي امتهنها الإنسان بعدا .
لكن و بالرغم من عراقة التفكير السوسيولوجي القروي ، فإن البداية العلمية مع الظهور كفرع تخصصي ضمن خارطة السوسيولوجيا العامة تعود بالأساس إلى منتصف القرن الماضي، بتواز تام مع احتدام النقاش حول إشكالات التهيئة و الجهوية و ضبط المجال . فبعد الحرب العالمية الثانية صار " الاجتماعي " أكثر تضررا ، و كان من الضروري أن تتضافر الجهود العلمية و في مختلف المجالات من أجل تجاوز ذلك الوضع الكارثي .

و إذا كان القرن الثامن عشر قد تميز بالانشغال العميق من قبل رواد الفكر السوسيولوجي بشرعنة الحضور السوسيولوجي و تأكيد الحاجة إلى مقارباته و مناهجه في فهم و تفسير الظواهر الاجتماعية ، فإن القرن الماضي سار في اتجاه تجاوز العديد من العوائق الإبستيمولوجية و بناء مجموعة من التخصصات السوسيولوجية ، و في إطار هذا التجاوز و الانتقال لاحت السوسيولوجيا القروية كاستجابة معرفية لما صار يعتمل في القرية من ظواهر و حالات تستلزم إعمالا لمقاربات أخرى .

فبعد الحرب العالمية الثانية صارت الحاجة أكثر إلحاحا إلى فروع سوسيولوجية تخصصية تفيد في فهم و تحليل أسئلة " الاجتماعي " ، و في ظل هذه الحاجة و الأزمة المجتمعية بدأت مفاهيم عديدة من قبيل العالم القروي((le monde rural و الوسط القروي( le milieu rural ) و المجتمعات أو الجماعات القروية les sociétés et) les communautés rurales) تستحــوذ على جــانب مـــهم من الـــنقاش الــسـياسـي و الاجتماعي الدائر آنئذ . لقد وجد عالم ما بعد الحرب نفسه مدعوا للقضاء على الفوارق التي نشأت بين القرى و المدن ، و في سبيل الوصول إلى ذلك كان لا بد من إصاخة السمع لصوت العلوم الإنسانية ، من هنا كان من الضروري العمل على " صناعة " سوسيولوجيا قروية تنشغل أساسا بالمجتمع القروي و تفكر فيه و حوله بهدف تقديم خلاصات و إجابات محتملة بصدد حركياته و فعالياته . كانت البداية أزموية ، و هذا ليس بغريب عن حقل السوسيولوجيا العامة ، على اعتبار أنها علم الأزمة ، فميلادها ارتــبط دومــا بالأزمــة التي تــحاول الإجابة عن شروط إنتاجها و إعادة إنتاجها ، و عليه فميلاد السوسيولوجيا القروية كفرع تخصصي لم يكن ليختلف كثيرا عن الظهور الأول للسوسيولوجيا العامة .
علم,الاجتماع,القروي,علم,الاجتماع,

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -