أخر الاخبار

مفهوم الوعي

مفهوم الوعي

مفهوم الوعي 

يرتبط الوعي بالعمل وبالمجتمع الذي تطور على أساس العمل ، وهو من تم جانب أساسي من الشكل الإجتماعي لحركة المادة ، رغم أنه يوجد خلال وعي الأفراد الذين يشكلون المجتمع الإنساني .
فكل فرد يستخدم لغة موجودة ووسائل عمل وطرائق نشاط كي يتمثل الخبرة المتراكمة في المجتمع وكي ينقل إلى المجتمع خبرته الشخصية في شكل قيم ثقافية أو مادية يخلفها.
وبعد أن تطور كجانب أساسي من حياة المجتمع الذي بدأ في النشوء على أساس العمل ، أفصح الوعي عن نفسه بين أسلاف الإنسان أساسا من خلال وعيهم بكينونتهم ووجودهم وتمايزهم عن العالم المحيط بهم واتجاههم المحدد نحو هذا العالم ، فالحيوان لا يميز نفسه عن البيئة، فهي تختلط تماما بأنشطته الحيوانية، والبدائي الذي اكتسب الوعي يلاحظ للمرة الأولى أنه موجود ، وأن موضوعات مختلفة تحيط به ، وأنه على نحو من النواحي مرتبط بهذه الموضوعات ، وأنها مرتبطة بعضها بالبعض ، وحين يصبح واعيا بغرائزه وعاداته ، يبدأ تدريجيا في فهم ما يحيط به ، إذن فالوعي هو الوعي بما يحدث في العالم المحيط ، وهو ليس شيئا آخر سوى المعرفة .
والعالم الخارحي يوجد في الوعي في شكل صور تتشكل في مخ الإنسان نتيجة تفاعل مع هذا العالم والحاصل النهائي لهذه الصور التي تعكس الواقع هو المعرفة الإنسانية ، وباستخدام الصور و الإرشاد الذي تحمله فيما يتعلق بخصائص وعلاقات خاصة بين المرضوعات والظواهر في العالم المحيط ، يصل الإنسان إلى فهم ما يحيط به..
هذا الفهم شرط شرط ضروري للإنسان كي يتحمل أعباءه في هذا العالم ، فالإنسان -مسترشدا بإدراك صحيح الواقع وجوانبه وعلاقاته الخاصة - يستبق المستقبل ، ويستنتج -في شكل مثالية - ما الذي لم يوجد بعد ، لكنه يجب أن يحدث تاليا على أفعال معينة موجودة في الواقع . وحين يبدأ الإنسان بهذا الإنعكاس الإستباقي أو المستقبلي للواقع ، يصبح في وسعه أن يضع لنفسه مهاما تتسق معه ، وأن يخضع له له أفعاله وسلوكه . إذن فالقصدية أو الغرضية صفة أساسية في الوعي الإنساني وتحقيق هذه الوظيفة يميز السلوك الإنساني عن سلوك الحيوان ، والسلوك الإنساني العاقل عن الأفعال الغريزية للإنسان.
كتب (كارل ماركس) :[إن العنكبوت يقوم بعمل يشبه عمل النساج ، وبوسع النحلة أن تخجل أي مهندس معماري حين تضم خليتها ، لكن ما يميز أسوأ المهندسين عن أفضل النحل هو هذا : إن المهندس يقيم تصميمه في مخيلته قبل أن يقيم قواعده في الواقع ، وفي نهاية كل عملية عمل نحصل على نتيجة كانت موجودة بالفعل في مخيلة العامل حين بدأ عمله .] (ماركس.رأس المال ).

ويكمن الانعكاس الاستباقي للواقع ليس فقط وراء نشاط وضع الأهداف ، ولكن أيضا وراء الأنشطة الإبداعية البناءة والتحويلية للوعي ، وهي جزء أساسي من جوهره . فالوعي الذي يبزغ تحت الضغط المباشر للعمل الذي يفترض تغيير العالم وفق احتياجات الإنسان ، يقوم بخلق شئ جديد لم يوجد من قبل مستندا إلى المعرفة التي يمتلكها ، هذا الشئ الجديد - الذي يعبر عنه نظام من الصور المثالية -يصبح خطة حقيقية تترجم إمكانية خاصة للمادة في الواقع . إذن فالوعي من حيث هو انعكاس للواقع هو بناء مبدع كذلك ، يؤثر تأثيرا فعالا في العالم المحيط ويحوله حسب متطلبات المجتمع.
والخلاصة إن الوعي هو انعكاس للواقع في المخ الإنساني ، مصحوبا بفهم ما يحدث في العالم الخارجي ، وبوضع الأهداف و بنشاط التفكير القائم على الفهم ، الذي يكفل التوجه المناسب نحو العالم المحيط ، وتحوله البناء لصالح المحتمع.

♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -