أخر الاخبار

تمثلات المواطن المغربي للضريبة قراءة قانونية و سوسيولجية

تمثلات المواطن المغربي للضريبة  قراءة قانونية و سوسيولجية
تمثلات المواطن المغربي للضريبة  قراءة قانونية و سوسيولجية  

بحث لنيل رسالة الماستر في القانون العام
وحدة القانون الدستوري وعلم السياسة
تحت عنوان 
" تمثلات المواطن المغربي للضريبة " 

قراءة قانونية و سوسيولجية _ دراسة حالة _
تقرير البحث

اٍنطلقت في فكرة هذا البحث من الاٍشكاليات  التي كنت أصادفها في حياتي العملية ، بحكم كوني اٍطارا باٍدارة الضرائب ، وكانت تلك الاٍشكاليات تعتمل في ذهني وتؤرق بالي ، بحيث أجدني من جهة مدفوعا بالقيام بالواجب المهني ملزما بتنفيذ كل التعليمات و كل الأوامر  المتأتية من رؤسائي ،  كما أجدني ملزما بالتطبيق الحرفي للنصوص القانونية المنظمة لميدان الضرائب ، و من جهة أخرى أجدني مدفوعا بحس المواطنة  ملزما بالبحث عن الجانب التوفيقي بين الاٍثنين ، وأنا ألاحظ أن المواطن أو الخاضع للضريبة نادرا مايؤدي الضريبة بكل أريحية ، بل يؤديها في أغلب الأحيان وهو اٍما ناقم أو منزعج أو يكتم غيظه ،  وفي هذا الخضم تولد لدي قلق مهني بالدرجة الأولى قبل أن يتبلور اٍلى القلق المعرفي ، على شكل أسئلة حارقة ، صارت تلازمني أثناء القيام بواجبي المهني ، من قبيل : لماذا لا يؤدي المواطن المغربي الضريبة بكل أريحية ؟ 
وبحكم اٍطلاعي المتواضع على بعض التجارب المقارنة والتي كنت أتمنى أن أدرجها في البحث ، لكن تعذر علي ذلك بحكم المسار الذي وجهته فيه ، ولم أتمكن من اٍدراجها خشية أن يتشعب  أكثر ويتفرع أكثر ويخرج عن الاٍطار المنهجي المرسوم ، هذه التجارب المقارنة المتأتية من المجتمعات الغربية  اٍستقيت منها ما يفيد أن المواطن هناك  لايتبرم من الضريبة  بل يشعر أنها تمثل جزءا لايتجزأ من المواطنة ، ولذلك فهو يؤديها بكل أريحية ، كما أنه يتعامل معها بكل موضوعية وجدية ، وهذا الأمر دفعني اٍلى طرح المزيد من الأسئلة حول النظام الضريبي المغربي ، كذا حول الخاضع للضريبة ونوعية الأفكار والتمثلات التي تدور في رأسه وأسبابها ومسبباتها  ، ولماذا لايشعر أن الضريبة تمثل جزءا من المواطنة ، ما يحتم عليه أن يؤديها مستحضرا للجانب الاٍيجابي لها في تنمية الوطن ؟
من هذا المنطلق قررت أن أخوض في دراسة الموضوع ، والذي يرتبط بتمثلات الخاضع للضريبة أو مجموعة الأفكار التي يتقاسمها مع الآخرين في محيطه الاٍجتماعي والذي تدفعه اٍلى الاٍحجام عن الاٍرتضاء اٍلى تسديد الضريبة ، بحيث يتحول هذا الاٍحجام اٍل ظاهرة اٍجتماعية يتطلب الأمر الوقوف عند أسبابها الموضوعية والمنهجية ودراسة آثارها على المحيط الاٍجتماعي وعلى المجتمع ككل ، وقمت في البداية بالاٍستشارة مع الأستاذ المؤطر فضيلة الدكتور اٍبراهيم أولتيت ، الذي أمدني ببعض النصائح والتوجيهات ووجهني نحو مسار البحث  مشكورا ، غير أن الاٍشكال الذي صادفني وأنا أحاول أن أضع خطاطة للبحث ، هو الاٍشكال المنهجي ، بحيث انتصب هذا الاٍشكال أمامي فجأة وزاد من قلقي المعرفي  ، فرغبتي في تناول الموضوع من منظور المقاربتين القانونية والسوسيولوجية ، طرح لي اٍشكالات منهجية – كما أسلفت – غاية في التعقيد ، خاصة أمام ندرة  اٍن لم أقل غياب الكتابات والمراجع التي تناولت موضوع الضريبة من المقاربة السوسيولوجية ، فأغلب الدراسات والأطروحات المنشورة والموجودة في خزانات الجامعات التي قمت يزيارتها وهي خزانة كلية الحقوق بجامعة الحسن الأول بسطات ، بحكم أن فيها يدرس ماستر القانون والمنازعات الضريبية ، وكذا خزانة كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بحكم الريادة لها في هذه المواضيع ، وبعد تصفح لقائمة وجرد البحوث والأطروحات الجامعية بها ، لم أعثر اٍلا على دراسة واحدة للأستاذ أحمد اٍدعلي ، بعنوان :{ الأبعاد السوسيوسياسية للجباية المغربية – نموذج الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل } ، وقفت في جانب منها على الجانب السوسيولوجي للجباية المغربية ، في حين توجد دراسات باللغة الفرنسية تعالج موضوع الضريبة بواسطة المقترب السيوسيولوجي في المجتمع الفرنسي ، منشورة في الاٍنترنيت وتوجد في متناول أطر المديرية العامة للضرائب بالموقع الاٍلكتروني الداخلي للمديرية ، كما أن فكرة المزج بين المقتربين في موضوع واحد ، بالرغم من الاٍثارة التي كانت قد مارستها علي من قبل ، خلقت لي نوعا من التحدي أو المغامرة المنهجية ، بحيث اٍنخرطت في قراءة كل ماله علاقة بالجانب المنهجي سواء ماتعلق منه بالجانب النظري ، أو الجانب التطبيقي ، مثل كتابات اٍميل دوركايم ، وماكس فيبر ، ورواد مدرسة فرانكفورت ، وميشيل كروزيه وبيير بورديو وغيرهم ،  ففيما يخص الجانب النظري ، خلصت اٍلى اٍشكابية منهجية تطرحها العديد من الكتابات التي تناولت موضوع توظيف المناهج في العلوم الاٍجتماعية ، فبعض الباحثين يؤكدوون على ضرورة وحدة المنهج ، في حين يرى آخرون ألا ضير في تعدد المناهج  في بحث أو دراسة واحدة ،  وفيما يخص الجانب العملي فقد تناولت غالبية الدراسات التي تعني بالجانب التطبيقي  لمناهج العلوم الاٍجتماعية ، الخطوات العملية التي يجب على الباحث أن يتبعها أثناء توظيفه لمنهج معين ، فكانت الخلاصة أو الفكرة التي استقيتها من هذه الدراسات مجموعة ، هي أن الاٍغراق في الجانب النظري للمنهج قد يفقد الدراسة تماسكها الموضوعي  بالرغم من أن أساتذتنا الأفاضل مافتئوا يؤكدون على ضرورة الاٍلتزام بالمنهج في متن الدراسة ، غير أني أرى أن مسألة  توظيف المناهج  يحتاج اٍلى كثير من الاٍطلاع النظري واٍلى كثير من  التمرن ،  وكثير من الصنعة  ، وهو مالا يتوفر في كليات الحقوق  ، كما أن الاٍغراق في الجانب التطببقي على شاكلة  " كتب الطبخ " وأستسمحكم على هذا التشبيه ، يمكن أن يعصف بالبحث بشكل كلي ، لهذا اٍرتأيت وأنا أحاول ألا أنزاح عن المنهج بشكل كلي أن أقوم بتوظيف مناهج متعددة حسبما يقتضيه المقام ، ولكن رغم ذلك شعرت أن توظيف تلك المناهج ، في دراسة موضوع مثل موضوع الضرائب المغرق في الجانب التقني والقانوني أمر في غاية الصعوبة .
  • وفي المحصلة فمرحلة الاٍعداد للبحث من الناحية النظرية ، كانت على ثلاثة مسارات هي :
  • - البحث في الجانب النظري المتعلق بالموضوع .
  • - البحث في الجانب المنهجي ، خاصة مناهج علم الاٍجتماع والسياسة .
  • - البحث في كيفية ربط هذين الجانبين معا بالجانبين القانوني و السوسيولوجي  .
وبالرغم من كون الجانبين القانوني و السوسيولوجي ، صارا بالنسبة لي من المسلمات التي يجب أن ينبني عليها البحث ، فقد ظهر اٍشكال آخر يتعلق بتوظيف الاٍستبيان من أجل اٍستجلاء تمثلات الخاضع للضريبة  والتي تدفعه اٍلى الاٍحجام عن الاٍرتضاء اٍلى تسديد الضريبة ،  خاصة ماله علاقة بالعينة وخلاصات الاٍستبيان وطريقة النزول اٍلى الشارع من أجل اٍستجلاء آراء الناس حول الضريبة ، والكل يعلم أنها في مجتمعنا من الطابوهات مثلها مثل الدين والجنس والسياسة ، لايجرؤ أحد على التحدث فيها خاصة مع أطر وموظفي اٍدارة الضرائب  لعدة اٍعتبارات اٍجتماعية وسياسية واٍقتصادية ، فقررت من أجل تجاوز هذا الأمر الاٍستعانة بأحد الطلاب المجازين والذي أوجه اٍليه الشكر من هذا المنبر.
من أجل الاٍقتراب من الاٍشكال العام  الذي يؤطر البحث والمرتبط بتمثلات الخاضع للضريبة قمت في البداية بتحديد المفاهيم ، بحيث قمت بتحديد مفهوم التمثل وكذا مفهوم التمثل الاٍجتماعي ، ويرجع الفضل اٍلى اٍميل دوركايم في اكتشاف  هذا المفهوم في علم الاٍجتماع سنة 1898 ، بحيث حدده في طرائق التفكير التي تسود في المجتمع والتي يتأثر بها الفرد عن طريق المثاقفة ، في حين يرجع الفضل اٍلى سيرج ميسوفيشي في اكتشاف مفهوم التمثلات  الاٍجتماعية في علم النفس الاٍجتماعي سنة 1961 ، باعتبارها مجموعة من القيم والمعتقدات الفردية والقيم المشتركة مثل الدين – العلم – الأساطير  والحس المشترك ، و اٍليه يرجع الفضل في تحديد و اٍغناء هذا المفهوم وفي نفس الوقت قام ببناء مفهوم التمثلات الذهنية ، وقام بيير بورديو بتحديد مفهوم التمثل كظاهرة قابلة للدرس في البحث السوسيولوجي من خلال مفهوم الهابتوس.
كما قمت بتحديد مفاهيم الضريبة و الخاضع للضريبة و الاٍدارة الجبائية والمواطن والمواطنة الجبائية كذلك .
أولا : اٍشكالية البحث : تتمحور اٍشكالية البحث حول البحث عن أسباب الاٍرتضاء اٍلى تسديد الضريبة من عدمه في تمثلات الخاضعين للضريبة ، كيف تؤثر هذه التمثلات التي تتغذى من عدة اٍطارات مرجعية قيمية وثقافية وسلوكية في قرار الخاضع للضريبة ، بحيث تدفعه اٍما اٍلى الاٍرتضاء اٍلى تسديد الضريبة بكل اٍريحية أو تحجمه عن هذا الفعل ، هذه التمثلات بحكم كونها تشكل خليطا من الأفكار والمشاعر السلبية والاٍيجابية والمعتقدات والقيم الثقافية ، كيف تساهم في تنميط فعل الخاضع للضريبة ، كيف تحرك سلوكه باتجاه أفعال أخرى لها مآلات أخرى تهم الضريبة خاصة التهرب والغش الضريبيين وعلاقتها بمفهوم العدالة الجبائية ، والبحث عن العلائق التي تؤطر هذه التمثلات بالأسباب الكامنة وراءها سواء أكانت اٍجتماعية وسياسية أو ثقافية ، سوف يؤدي بنا اٍلى التساؤل عن منشأ هذه الأسباب ، وهل يندرج الفعل العمومي الضريبي ضمنها ، وكذا الفعل السياسي ، وما مدى اٍسهام هذه الأفعال في صناعة وتكون هذه التمثلات ، هذه التساؤلات ستفضي بنا بطبيعة الحال اٍلى مساءلة السياسة الجبائية الوطنية وعلاقتها بتاريخ الجباية بالمغرب والنظام السياسي بشكل عام .
ومحاولة دراسة التمثلات الفردية والاٍجتماعية كظاهرة اٍجتماعية تستلزم الدراسة السوسيولوجية حتم علي أن أضع الفروض وأن أحدد المقتربات المنهجية ، بحيث انطلاقا من المقترب السوسيولوجي الدوركايمي ، اٍرتأيت أن أضع مصفوفة من الفروض التي أخذت على عاتقي القيام بتحقيقها أو دحضها ، من أجل الخلوص اٍلى الحقيقة العلمية المرتبطة بالاٍشكال العام الذي يؤطر البحث ، وذلك تم القيام به من خلال توظيف المنهج التجريبي السوسيولوجي ، وتقنية الاٍستبيان والتي اٍستعنت بها في جمع المعطيات وتكميمها واٍخضاعها للعملية الاٍحصائية تم للتحليل السوسيولوجي  بعد ذلك ، مستعينا كذلك بالمنهج الفهمي الفيبري الذي يستلهم النماذج المثالية في فهم الظواهر الاٍجتماعية ، بحكم أنني قمت بدراسة ظاهرة التمثلات الفردية والاٍجتماعية التي تكمن وراء الفعل الذي يدفع الخاضع للضريبة سواء اٍلى أداء الضريبة أو الاٍحجام عن ذلك ، وقمت بربط ذلك بالأسباب والدوافع النفسية للخاضع للضريبة والتي تتشكل من المعتقدات والقيم الثقافية الجماعية وهذا هو منهج دوركايم  وكذلك الأفعال الفردية التي لها أسبباب ومسببات فردية بحثة وهذا هو منهج ماكس فيبر  ، ثم قمت بدراسة الفعل الضريبي للمؤسسات القائمة على الضريبة اٍن كانت الدولة أو اٍدارة الضرائب والتي تتمظهر في سلوك وأفعال القائمين عليها ، أي الفاعلين العموميين ، وذلك كله لم يكن دون صعوبات منهجية وواقعية كما أسلفت سابقا .
وفي جانب آخر قمت بتوظيف المقترب القانوني الوصفي في قراءة النصوص الجبائية ودراسة الاٍشكاليات القانونية والعملية التي يطرحها تطبيقها ، وباستعمال جزئي للمنهج التاريخي في استعراض تاريخ الجباية المغربية وعلاقتها بالنظام السياسي المغربي الذي يسمى " المخزن " ،  
وكذا المنهج البنيوي في تفكيك بنية الضرائب والرسوم المحلية والوقوف عند أهم ملامحها القانونية والتشريعية وكذا أهم الملامح السياسية التي تؤطرها .
  1. اٍن دراسة التمثلات الفردية والجماعية المرتبطة بالفعل الضريبي  للخاضع للضريبة والدولة واٍدارة الضرائب ، يتطلب تقسيم البحث اٍلى فصلين هما :
  2. 1-قراءة في أسس سلطة فرض الضريبة بالمغرب
  3. 2-سوسيولوجيا تمثلات الخاضع للضريبة بالمغرب

الفصل الأول : قراءة في أسس سلطة فرض الضريبة بالمغرب

يستلزم الخوض في قراءة أسس سلطة فرض الضريبة الاٍنطلاق في البداية من تحديد وتعريف مفهوم السلطة الضريبية ، ومعرفة من يمتلكها ؟  ، ويلاحظ بهذا الخصوص أن التشريع الضريبي المغربي لايتضمن أية اٍشارة اٍلى هذا المفهوم ، كما لم ينص صراحة على الجهة التي تمتلك هذه السلطة مقارنة مثلا بالسلطة القضائية والتي قام المشرع بتحديد مالكيها والمؤسسات القائمة عليها ، ما يعني ألا وجود لأية مؤسسة تنفرد بامتلاك السلطة الضريبة بالمغرب ، مايجعل بهذا الصدد التساؤلات التالية مشروعة : هل يعني عدم تحديد المشرع لمفهوم السلطة الضريبية و للجهة التي تمتلكها أن هذه الأخيرة أرقى شأنا من السلطة القضائية بحيث لم يشأ المشرع أن يسندها لأية مؤسسة معينة ومحددة ، بل تركها مجزأة بين عدة مؤسسات وفاعلين اٍداريين وسياسيين ؟ 
وهل يعني أن السلطة الضريبية تعتبر من المداخل المهمة للسلطة السياسية بالبلاد ، ما جعل المشرع الجبائي وكذا الدستوري ينئيان بنفسيهما عن تحديد مفهوممها وكذا من يمتلكها ؟ 
هذا الأمر يدفع اٍلى التساؤل عمن هم الفاعلون الرئيسيون والثانويون الذين يمتلكون السلطة الضريبية وكذا سلطة فرض الضريبة ؟ 

المبحث الأول: مقاربة تاريخية لمسار تطور الضريبة بالمغرب 

  • ومحاولة الاٍمساك بجانب من الحقيقة الكامنة وراء اٍحجام المشرع عن تحديد مفهوم السلطة الضريبية وكذا المؤسسات القائمة عليها ، يستلزم في المقام الأول العودة اٍلى التاريخ من أجل البحث عن بعض المؤشرات التي يمكن أن تساعد على اٍستجلاء هذا الغموض ، بحكم أن التاريخ هو خزان للأحداث السياسية والوقائع الاٍجتماعية والسياسية  المرتبطة بالمجتمعات ، وهكذا فاٍلقاء نظرة على تاريخ الجباية بالمغرب اٍعتبرتها خطوة تأسيسية في هذا الباب ، باعتبار أن الحاضر ليس الاٍ نتاجا للماضي  ، باستلهمام المنهج الديالكتيكي الهيجلي ، وقراءة تاريخ الجباية بالمغرب لابد وأن تدفعنا اٍلى دراسة المؤسسة السياسية التي كانت قائمة على الجباية بالمغرب في القرن التاسع عشر والتي هي مؤسسة " المخزن " ، وهذه المرحلة أن أقسمها اٍلى تلاث مراحل أو محطات تاريخيةكبرى لها دور كبير في تشكل تاريخ الجباية في المغرب وفي ظهور أنواع الجبايات والضرائب والرسوم التي لايزال أغلبها حيا اٍلى اليوم ، وكذا في الظروف والملابسات السياسية التي تحكم منطق الجباية في تلك المراحل ، والتي هي :
  • النظام الجبائي المغربي ما قبل الحماية
  • النظام الجبائي المغربي أثناء الحماية
  • النظام الجبائي المغربي في مرحلة الاٍستقلال
اٍرتبط ظهور مؤسسة المخزن بالقناصل الأجنبية الذين كانوا يتمركزون في منطقة طنجة الدولة في القرن الرابع عشر الميلادي ، و كنتيجة لانهزام الجيش المغربي في معركة اٍيسلي ، بحيث اقترحوا على السلطان محمد الرابع اٍنشاء حكومة محلية تمكنهم من التخاطب معها ،  وهكذا ظهر المخزن كنظام سياسي قائم بذاته ، له ملامح سياسية محلية ، تنبثق مؤسساته من السلطان مباشرة ، والذي قام اٍنطلاقا من التراث السياسي الاٍسلامي والأعراف المحلية باٍنشاء مؤسسات المخزن التي كانت تتكون من الوزراء والعمال والقواد والخلفاء والشيوخ والمقدمين .
وشكلت محطة 1881  كمحاولة للاٍصلاح الجبائي من أهم المحطات الجبائية في مغرب القرون الوسطى ، بحيث ونظرا للهزائم المتتالية التي مني بها الجيش المغربي أمام الجيوش الاٍسبانية والبرتغالية ، تم فرض مجموعة من الأتاوات والديون الحربية على المخزن ، هذه الديون حتمت عليه البحث عن مورد جبائي لتغطيتها ، فتم فرض ترتيب 1881 ، كنوع من الجباية التي تمس جميع الأنشطة الاٍقتصادية بالبلاد ، ورغم كل السطوة ولجبروت التي كان يستعملها المخزن في سبيل جباية تلك الواجبات الجباية من القبائل والأفراد ، فاٍن ذلك لم يكن ليفي بالغرض خاصة أمام انتشار ماكان يسمى " بالحمايات القنصلية " بحيث أدت اٍلى تملص الأجانب والمحمين المغاربة من واجباتهم الضريبية ، مما دفع المخزن اٍلى التفكير في وسيلة ناجعة لاستخلاص أكبر قدر من المداخيل الجباية ، فطرح هذا المشكل على قناصل الدول الأجنبية في مؤتمر مدريد 1881 ، وطلب اٍجراء اٍصلاح جبائي حتى يتمكن من الوفاء بالتزاماته تجاههم ،الشئ الذي تفهموه  ، وتوج  هذا المؤمر بالاٍتفاقية التي أعطت ماسميب " ترتيب 1881 " بحيث تم اٍلغاء الحمايات القنصلية ومن ثمة اٍخضاع  جميع الخاضعين للضريبة وطنيين كانوا أو أجانب  ، تم تلتها معاهدة الجزيرة الخضراء في سنة 1906 ،  والتي كانت نتيجتها اٍصلاح  " ضريبة الترتيب " من خلال توسيع وعائها ليشمل أنشطة أخرى لم يكن يشملها في البداية ، وتم التنصيص على جبايات جديدة لأول مرة في تاريخ المغرب ، وهي جبايات دنيوية لاعلاقة لها بالشرع الاٍسلامي وهي الضريبة الحضرية والضريبة المهنية وحقوق التسجيل  والتمبر  اٍلى جانب الزيادة في الحقوق الجمركية ، هذا الاٍصلاح قسم الضرائب اٍلى ضرائب شرعية وغير شرعية .
أدى تراكم الديون على المخزن في القرن التاسع عشر الى وقوع المغرب تحت نظام الحماية الفرنسية  في سنة 1912 ، وتم اٍخضاع البلاد برمتها لنظام الحماية ، بحيث عمدت سلطة الحماية اٍلى تبني اٍصلاح اٍداري وجبائي ، وأنشأت بموجبه مديرية المالية ،  التي في ظلها ظهرت ضرائب جديدة وتم تطوير النظام الجبائي المخزني ، بحيث تم اٍحداث رسم حول الأرباح العقارية  سنة 1915 ، وأبقت على ضريبة الترتيب كضريبة مخزنية عتيقة مرتبطة بالنشاط الفلاحي من أجل التحكم في هذا المجال ، لكنها أعطت اٍمتيازات لأعوان المخزن القائمين على جبايتها ، بحيث يقومون باقتطاع أجورهم من الاٍيراد الجبائي للترتيب ، ما جعل الثقل ينول على كاهل المكلفين الذين ضاقوا ذرعا بكثرة الجبايات وتنوعها وفداحة أسعارها ، وفي هذا الاٍطار تم تطوير الضريبة الحضرية  التي أحدثت بموجب اٍتفاقية مؤتمر الخزيرات سنة 1906 ، وتم توسيع وعائها ليشمل القيمة الكرائية للعقارات المبنية من شتى الأصناف والأراضي المستعملة لأغراض صناعية أو تجارية ، كما تم تطوير الضريبة المهنية سنة 1920  باعتمادها على طبيعة ومقدار المهنة المزاولة أي ماله علاقة بالمؤشرات الخارجية للمهنة ، كما تم تطبيق واجبات التسجيل بواسطة ظهير 115 يوليوز 1914 ، تم بموجبه اخضاع جميع التفويتات العقارية للتسجيل الاٍجباري.
حافظ النظام الجبائي المغربي بعد الاٍستقلال على نفس البنية الجبائية والتي كانت تتكون من الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة اضافة الى الرسوم والواجبات المحلية ، وأهم مراحل الاٍصلاح الجبائي في فترة الاٍستقلال هي :  اٍصلاح 1961 ،  اٍصلاح 1984  ، ثم اٍصلاح 1986 أو ما سمي بالاٍصلاح التلاثي الذي بموجبه ظهرت الضرائب التلاث التي هي : الضريبة على الشركات – الضريبة على الدخل – الضريبة على القيمة المضافة ، وكلها لها ارتباط بضرائب كانت قائمة أثناء فترة الحماية .

المبحث الثاني : قراءة قانونية للنصوص الجبائية

لابد من أجل اٍجراء قراءة قانونية وصفية للنصوص الجبائية من التطرق لبنية النظام الضريبي المغربي كمدخل قانوني- بنيوي  ، لمعرفة الأسس القانونية التي تتأسس عليها النصوص الجبائية ، ومن جهة أخرى لمعرفة  بنية الضرائب  وتقسيماتها الكبرى التي قسمها المشرع اٍلى ضرائب الدولة وهي الضريبة على الشركات و الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة وكذا الرسوم الجماعية التي تديرها المديرية العامة للضرائب لفائدة الجماعات الترابية ، وتشمل بنية الضرائب المادة الخاضعة للضريبة أو الأساس الضريبي والسعر المطبق عليها وشروط اٍخضاعها للتضريب بالاٍضافة اٍلى الوعاء أو الأوعية الجبائية ، ونظام التضريب العادي والتلقائي ، وشروط المراقبة والفحص الضريبيين ، ويتعين كذلك من أجل فهم أعمق للنصوص الجبائية ربطها بالواقع التطبيقي وبتمثلات الخاضع للضريبة لمعرفة مدى تأثيرها عليها ، وقد قمت برصد بعض الأمثلة التطبيقية لبعض نصوص المدونة العامة للضرائب ، وتناولتها بالتحليل والنقد من خلال تطبيق المقترب القانوني الوصفي ، محاولا أن أستجلي بعض الاٍشكاليات التطبيقية التي تطرحها تلك النصوص سواء بالنسبة لأطر المديرية العامة للضرائب والذين لاتسعفهم الدوريات التطبيقية في بعض الأحيان ،  أو بالنسبة للخاضع للضريبة والذي يصعب عليه فهم وتتبع النصوص الجبائية المعقدة والمتغيرة باستمرار بواسطة قوانين المالية التي تصدر مطلع كل سنىة مالية ، والغاية من ذلك كله معرفة التأثير الذي تمارسه الضريبة سواء في شقها المتعلق بضرائب الدولة أو  الرسوم المحلية  على تمثلات الخاضع للضريبة والتي تدفعة اٍلى اتخاذ موقف معين اٍزاء الضريبة والمؤسسات القائمة عليها بشكل عام ، كما أن التطرق للمادة الضريبية في متن البحث باستعمال المقترب القانوني الوصفي ، ولو أنه من الناحية النظرية يبدو وكأنه تحصيل حاصل ، أو كأنه عبارة صحراء قاحلة فارغة من المادة الدسمة التي تضيف الى البحث قيمة مضافة ، غير أني قمت وأنا أجتاز تلك الصحراء القانونية القاحلة بالوقوف بضع لحظات في تلك الواحات الوارفة التي تمثلها الأمثلة التطبيقية والتي أقف عندها بالشرح والتحليل مستعملا معول النقد أحيانا ، من أجل الخلوص اٍلى الحقيقة العلمية المرتبطة بالاٍشكال العام الذي يؤطر البحث ، والذي يرتبط بمدى مساهمة الاٍشكال التشريعي في تشكل نوع من التمثلات لدى الخاضع للضريبة ربما هي التي تحجمه عن الفعل الجبائي الاٍيجابي ، وفي نفس الآن حاولت من خلال القراءة القانونية الوصفية  أن أبرهن على أن النظام الجبائي  المغربي يحكمه خيط ناظم يتمثل في  ذلك المنحى الذي يسيطر على التشريع الجبائي والسياسة الجبائية والمتمثل في محاباة الدولة للقطاع الخاص والأغنياء على حساب الفقراء من خلال توسيع قاعدة الاٍمتيازات الجبائية الممنوحة لهم ، في حين ينوء كاهل الطبقات الوسطى والفقراء وذوي الدخول الصغيرة بالتحملات الضريبية المتنوعة ، ما يعتبر مؤشرا بارزا على أن الدولة تملك اٍستراتيجية واضحة تجاه القطاع الخاص ، تتمثل في  اٍبرام نوع من التحالف بين الاٍثنين لدواعي أملتها الظروف السياسية والمصالح الاٍستراتيجية المشتركة بين الطرفين ، وقمت من أجل تعضيد هذا الطرح باستحضار ذلك المؤلف الرائع لصاحبه ريمي لوفو { الفلاح المغربي المدافع عن العرش } ، بحيث اٍرتأيت أن أحوره اٍلى { المقاول المغربي المدافع عن العرش } بحيث تحول مركز اٍهتمام الدولة من العالم القروي باتجاه المدن ومدى قيامها باٍنشاء تضامنات جديدة مع المراكز الحضرية الكبرى وعقد تحالفات جديدة مع البورجوازية الكومبرادوية التي تشكل قلة قليلة من الأثرياء والتي تسيطر على أكثر من تسعين بالمائة من النسيج الاٍقتصادي الوطني ، بالشكل الذي يخدم استمرار النظام السياسي ويقوي مركزه السياسي والاٍقتصادي ، وتمتيعها بامتيازات جبائية وفوائض قيمة وأغدقت عليها بالمزيد من الحصانة والتفضيل الجبايين .
وهذا الأمر يستدعي أن للدولة وظيفة جبائية وسياسية وقانونية متناغمة مع مصالح الأغنياء على حساب الفقراء وصغار الخاضعين للضريبة ، بحيث تمارس هذه الوظائف تأثيرا مباشرا على تمثلات الخاضع للضريبة وتدفعه اٍلى تبني سلوكات الرفض أو الاٍمتثال اٍزاء الضريبة ، وخضوع النظام الضريبي للمؤثرات الداخلية المتمثلة في ذلك الضغط الذي أضحى يشكله الاٍتحاد العام لمقاولات المغرب على الدولة عبر مؤسساتها من أجل اٍنتزاع المزيد من المنافع والاٍمتيازات الجبائية ، وكذللك للمؤثرات الخارجية المتمثلة في الجهات المانحة خاصة البنك العالمي للاٍعمار والتنمية  وصندوق النقد الدولي ، يحد من الاٍستقلال التشريعي للبرلمان كممثل للخاضعين للضريبة ، والذي أولاه المشرع سلطة التشريع في المجال الجبائي ، مايفرغ المبادرة التشريعية للبرلمان في المجال الضريبي من محتواها ويجعل النظام الضريبي المغربي خاضعا لتجاذبات موازين القوى المحلية والدولية .

الفصل الثاني : سوسيولوجيا تمثلات الخاضع للضريبة بالمغرب

في الفصل الثاني حاولت انطلاقا من المنهجين التجريبي الدوركايمي والفهمي الفيبري أن أقوم بتحقيق الفروض من خلال تحليل نتائج الاٍستبيان باعتبار أن تمثلات الخاضع للضريبة تتأثر بمجموعة من العوامل التي تتضافر الاٍجتماعية والثقافية والسلوكية من أجل أن تخلق موقفا يتمثل في الاٍحجام أو الاٍقبال على تسديد الضريبة ، ثم محاولة فهم تلك الأفعال التي تصدر عن الخاضع للضريبة كترجمة سلوكية لتلك التمثلات ومعرفة الأسباب الكامنة وراءها والتي تدفعه اٍل تبني أفعال معينة تهم رؤيته أو موقفه من للضريبة بشكل عام ، وهذا الأمر تطلب من أن اخوض في الوظائف السوسيولوجية للضريبة  كسياسة عمومية أولا أي كفعل عمومي ثم كفعل فردي في النهاية ، من توظيف المنهج الوظيفي لدافيد اٍستون أي مقاربة وظيفية للنظام الجبائي المغربي ، بحيث لاتقتصر الضريبة على الوظائف الكلاسيكية التي تهم ملأ خزانة الدولة بالموارد المالية والاٍضطلاع بالدور الاٍقتصادي المتمثل في تنظيم الاٍقتصاد واٍعادة التوزيع واٍنتاج الخيرات والثروات ،  كما ذهب اٍلى ذلك موسكراف سنة 1959 ، بل تتعداه اٍلى الوظائف السياسية والاٍجتماعية .

المبحث الأول : تمثلات الخاضع للضريبة – دراسة حالة 

في ههذا المبحث قمت بتكميم وتحليل نتائج الاٍستبيان ، وذلك من أجل تحقيق الفروض العلمية التي  مكنتني من رصد جانب مهم من تمثلات الخاضعين للضريبة بموقع الحالة المدروسة التي هي مدن تارودانت – أولاد تايمة – أولاد برحيل ، والتي تخضع للنفوذ الترابي لمصلحتي الضرائب المتواجدتين بمدينة تارودانت ، وهما مصلحة الضرائب المتعددة التخصصات وقباضة اٍدارة الضرائب ، وبالرغم من كل المشاكل المذكورة آنفا والمرتبطة بتوظيف تقنية الاٍستبيان في جمع المعطيات الميدانية ، وماله علاقة بالعينة والمشاكل المرتبطة بطريقة تقديم الاٍجابات من طرف المستجوبين والظروف أو الملابسات والخلفيات المتنوعة التي تحكم هذا الأمر ،  بحيث يؤثر كل ذلك في النتائج المتوصل اٍليها ، بحيث يبدو وكأن نتائج الاٍستبيان لاتساير في غالية الأحيان المسار النظري للبحث أو لا تنسجم في بعض الأحيان مع الاٍشكالية العامة ، بحيث تعتروها بعض التناقضات ، غير أنه يمكن القول اٍجمالا بان نتائج الاٍستببيان بالنسبة لهذا البحث أفضت اٍلى تحقيق الفروض بنسبة تقارب ال 80% ، وأبانت على أن الخاضع للضريبة لاتؤدي الضريبة بكل أريحية .
اٍن تحليل نتائج الاٍستبيان يستدعي التطرق اٍلى سلوك الدولة الاٍدارة الجبائية والتي تؤثر في تمثلات الخاضع للضريبة ، بحيث يساهم سلوك الدولة المتمثل في محاباة الأثرياء  في مأسسة الغش والتهرب الضريبيين ، الشئ الذي يؤدي بالخاضع للضريبة اٍلى تبني أفعال سلبية أحيانا تجاه الضريبة ،  وهذه الأفعال قد تكون مشروعة مثل الذهاب الى اللجان التحكيمية والقضاء الاٍداري وقد تكون غير مشروعة مثل الغش والتهرب الضريبيين .

المبحث الثاني : من سوسيولوجيا التمثلات اٍلى سوسيولوجيا الفعل

تركز نظريات الفعل الاٍجتماعي على الفاعل الفرد كفاعل رئيسي في تشكل الأفعال لمكونة للظاهرة الاٍجتماعية ، بحيث كل ظاهرة اٍجتماعية ماهي في المحصلة سوى تجميع لأفعال الفاعلين الأفراد ، والتي بموجب التفاعل سواء السلبي أو الاٍيجابي بينها تنتج الظواهر الاٍجتماعية ، بحيث تعتبر أفعال الخاضع للضريبة نتيجة لأفعال الدولة والاٍدارة الضريبية ، وعندما نتحدث عن فعل الدولة فاٍننا نقصد الفعل العمومي المتعلق بالسياسة الجبائية برمتها ، وبطغيان البعد المخزني التسلطي في علاقة الدولة بالخاضع للضريبة ، والتي على أساسها يتمثل الخاضع للضريبة الضريبة على أنها شر لابد منه ،  في حين نقصد بفعل الاٍدارة الضريبية سلوك الفاعلين داخل المرفق الاٍداري الضريبي والذي يعتبر اٍمتدادا للمرفق الاٍداري المغربي الموسوم بطغيان البعد البيروقراطي بكل سلبياته التي تعوق البلد برمته عن التنمية والتطور ، وتساهم في تشكل التمثلات السلبية للخاضع للضريبة تجاه الضريبة .

تنزيل الرسالة  pdf


♡ إدعمنا بمشارك المنشور مع المهتمين . شكرا
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -